من هيرودوت وماكافيلي إلى بيتر دراكر ووارين بنيس، اتبع معظم الكتّاب في مجال القيادة نفس النهج الأساسي؛ فهم يدرسون القادة الناجحين ويحاولون استخلاص الممارسات من حياتهم ومهنهم التي يمكن تبنيها؛ إلا أن أميت موخرجي؛ أستاذ القيادة والاستراتيجية في كلية هولت الدولية للأعمال، رفض هذا النهج في كتابه الجديد المثير للاهتمام “الريادة في العالم الرقمي: كيفية تعزيز الإبداع والتعاون والشمولية”.
ربما يكون وقع الاختلاف حول موضوع القيادة الذي دافع عنه أنتوني مايو ونيتين نوهريا؛ من كلية هارفارد للأعمال، يؤكد موخرجي أن ممارسات قادة الأعمال يجب أن تتطور مع السياق التكنولوجي لعصرهم ومنه يكتب: “بشكل دوري، تظهر التقنيات في التأثير على المستقبل، وعند تقديمها؛ فإنها تتطلب تغييرات جذرية في طبيعة العمل، والتي بدورها تتطلب تغييرات عميقة في كيفية تنظيم الناس، وبالتالي كيفية قيادتهم”.
وأكد موخرجي في كتابه الريادة في العالم الرقمي أن التقنيات _ التي أدت إلى العصر الصناعي أو التصنيع الشامل، والطاقة الكهربائية، والإدارة العلمية، من بين أمور أخرى _ خلقت سياق القيادة الاستبدادية. ثم، في منتصف القرن العشرين، أدت التقنيات إلى ظهور حركة الجودة، وساهمت هذه الحقبة الرقمية في توفير مجموعة جديدة من ممارسات القيادة.
لقد كان من الواضح لعدة عقود أن التقنيات الرقمية هي التي تقود التحول في صناعات بأكملها؛ حيث يشير موخرجي إلى صناعة الأدوية كمثال؛ إذ أدت تقنيات مثل الطب الجينومي وتتبع تحديد الترددات اللاسلكية (RFID) إلى تجديد أساسي لنماذج البحث والتطوير والتوزيع.
وسعى موخرجي إلى إجراء هندسة عكسية لمجموعة من ممارسات القيادة التي تتناسب مع السياق في العصر الرقمي؛ حيث تتضمن الالتزام بالشمولية، وبناء قاعدة عريضة من المعارف، واستخدام نهج تعاوني للعمل، إضافة إلى تشجيع الإبداع، ومتابعة القيم، وتحديد النية الاستراتيجية.
يجب أن تكون الحاجة إلى سلوكيات القيادة الشاملة واضحة في وقت قد يكون فيه العمل والمواهب موجودًا في أي مكان في العالم. في الواقع، يقول موخرجي صراحةً: إن التفكير العقلي، والسلوكيات، والأفعال ضرورية؛ لأن الحد من وصول المرء إلى الموهبة أمر غير منطقي.
تدعم قاعدة المعرفة الواسعة ما يسميه موخرجي بـ”غريزة للتعاون”. لا يجب أن يتبنى القادة التعاون على المستوى الفردي والجماعي والتنظيمي فحسب؛ بل يجب عليهم أيضًا أن يخلقوا بيئة من الأمان والثقة النفسية؛ لأن العالم الرقمي _ بما فيه من التقلبات، عدم اليقين، التعقيد، والغموض _ يتطلب من القادة الجمع بين المعرفة والموارد في سعيهم لتحقيق الأهداف.
في المقابل، يعد التعاون دعمًا أساسيًا للإبداع، وهو ما يعرفه بأنه قدرة القادة على النظر إلى الحكمة المستقبلية والمقاربات التقليدية لإعطاء شكل أو هيكل للأفكار الجديدة.
وأوضح الكاتب أنه يتم تعليم قادة الأعمال كيفية الإدارة من أجل الإنتاجية، وليس الإبداع. وهنا، تصبح هذه العقلية عقبة رئيسية عندما يُطلب من القادة القيام بالاستثمارات والمجازفة التي تغذي الإبداع وإحياء الأفكار.
المصدر: https://www.strategy-business.com/
اقرأ أيضًا:
نظام Aqua Fi وحقيقة الوصول إلى الإنترنت تحت الماء
التفكير خارج الصندوق.. أهميته وجدواه