طوال مسيرتي المهنية، رأيت بعض التكنولوجيا المذهلة، وكنت محظوظة لعملي مع بعض قادة الأعمال الكبار، فشاهدت إبداعاتهم وباكورة صناعاتهم البارعة، كما شاهدت تلك الابتكارات التي حولت مسار الصناعات في جميع أنحاء العالم.
ومقابل كل نجاح حققته، شهدت عشرات المحاولات من الفشل، ورأيت الكثير من السقوط من أول جولة، أو التقدم نحو مستقبل مجهول. رأيت أيضاً قادة يرتفعون و يسقطون على خلفية أفكارهم، ورأيت منهم من تذوق النجاح. وكما تفشل فكرة واحدة، يفشل قائد، وفريق أو مؤسسة و يسقطون فيما يرتفع غيرهم ليأخذوا أماكنهم.
وتبدو الطاقة التي تحافظ على الابتكار كما لو كانت تنتقل بسهولة من مشروع إلى آخر، ومن شخص لآخر، وكأن دور المبتكر يأتي مع قليل من فقدان الذاكرة، حيث ننسى الحسرة على المحاولات الفاشلة في رحلتنا نحو النجاح. وفي كثير من الأحيان، نبني نجاحاتنا على سلسلة من الإخفاقات الصغيرة التي نتعلم منها ونتحاشاها بعد ذلك، حتى إن الفشل قبل النجاح قد يصبح ذا معنى لدى ذوي العقلية المبدعة.
ويري الكاتب “روب أشجر” أن مصطلح “الفشل السريع” هو مجرد تهويل، ولا صلة له بالعالم. وخلال زيارة قمت بها إلى وادي السليكون منذ فترة قصيرة، قابلت رائدأعمال، فسّر لي ” نقل المعارف ” بعبارات صريحة بقوله: “كثير من الناس هنا يتحدثون عن احتضان الفشل، ولكن ذلك عادةً ما يكون مجرد تهويل، فالكثير منهم يخشى أي نوع من الفشل، والتأكيد على النجاح الذي يكون قوياً لدرجة أن بعض الشركات الجديدة بدلاً من ذلك تبحث عن طرق مختصرة للنجاح”، ولهذا فإن المفهوم يقودنا نحو التحدي الحقيقي، وهو استبدال المعني من ” كيف تفشل” إلى “كيف تحقق النجاح”، وكيف يمكننا الاقتراب أكثر لضمان النجاح؟
و يري ناثان فير، المؤلف المشارك لكتاب “Innovator’s Method”، أن الطريق إلى الأمام لايعتمد كثيراً على التكنولوجيا. وفي البحث عن الابتكارات الناجحة، وجدنا أننا كمبدعين، يجب أن نتحدى أنفسنا لمقاومة الرغبة في القفز إلى النتائج. ويجب علينا بدلاً من التركيز على المشكلات، الاستماع إلى العملاء، وفهم “احتياجات المستخدمين”. و هناك طريقة واحدة لتأطير هذا التركيز، وهي فهم دورإبداعك في مساعدة العملاء، أي “إنجاز المهمة”. و هو ما يضع على الفور فكرتك وابتكارك أو اختراعك في ترابط مع العميل، فيما يطلق عليه “تبادل القيمة”، أي عندما تسعى لإنجاز شيء ما، يمكن للعميل مساعدتك في أدائه.
بعد رسالة فير الواضحة، ربما تسأل نفسك: هل فهمت واجبك تجاه العميل؟ وبالطبع هذا الفهم يتطلب وقتاً كافياً لعمل البحوث المسحية المطلوبة.
عند التفكير في الابتكار، تكون هناك رغبة ملّحة في مقاومة القفز إلى “حل”، ركّز على المستخدمين لديك وعلى عملائك، راقب، واستمع، واطرح الأسئلة، واستجب لاحتياجاتهم. وبمجرد الانتهاء من هذا الفهم العميق، اجلب التكنولوجيا بما تحمله. فأنت لا ترغب فقط في ابتكار أي شئ لمجرد الابتكار، بلابتكار شئ يستخدمه المستهلكون وربما يحبونه.