يعتقد الكثير من الأشخاص أن رواد الأعمال يتسمون بـ “المكر”، ورغم أننا لسنا كذلك، لكن الوصف الصحيح هو أننا نرى العالم من منظور مختلف قليلًا عن باقي الأشخاص الطبيعيين؛ لأن كل ما في الأمر أننا نسعى جاهدين لكسر القواعد. ومثال على ذلك الحرص على التحقق من هوية العملاء المحتملين.
لقد طُردت من وظيفتي الأولى بعد وقت قصير من بدء العمل؛ حيث كنت أعمل كعضو في طاقم تكنولوجيا المعلومات في مدرستي الثانوية. وبينما كان معظم الأشخاص يواصلون حياتهم المهنية، رفضت الاستمرار. وبدلاً من ذلك، اتصلت بمدير المدرسة وطلبت مقابلته لعرض قضيتي. وبعدها تم إعادة تعييني بزيادة قدرها 100 %، وقد علمني هذا أن مجرد قبول ما يُمنح لك ليس دائمًا هو الحل الصحيح.
وبعد أربع سنوات، وفي عامي الثاني في الجامعة، بدأت أول مشروع خاص بي. وبحلول السنة الأخيرة، كان لدي أول وظيفة بدوام كامل بينما كنت أحضر 18 ساعة من الدروس إلى جانب الوظيفة. ولم يكن لدي أنا وعائلتي سوى مبلغ ضئيل في البنك، ولم يكن بوسعي أن استسلم وأترك نفسي للتراخي.
لقد عملت جنبًا إلى جنب مع الدروس، وكنت أغادر لحضور الاجتماعات، لقد كان الأمر مرهقًا للغاية. ومع ذلك علمتني تلك الفترة قيمة توخي الحذر بشأن العميل الذي تستقبله؛ لأن عدم التوافق قد يعني نهاية الأعمال الناشئة بالنسبة لرواد الأعمال المشغولين.
التحقق من هوية العملاء المحتملين
في الأيام الأولى، قررت قبول عميل محتمل على الرغم من وجود تحفظات بشأن العمل معه. وبتجاهل هذه الغرائز، وجدت نفسي أعمل مع شخص لا يهتم بتقدير أعمالي على إنهاء متطلباته؛ بل يهتم فقط بمدى ما يمكن أن يغتنمه مني.
على سبيل المثال، في منتصف بناء الموقع الإلكتروني، قرر أنه يريد موقعًا إلكترونيًا ثانيًا مجانًا. وعندما أخبرته أن هذا لم يكن ضمن اتفاقنا. رد قائلاً: “حسنًا، من وجهة نظري، أنت طفل صغير، ويمكنني مقاضاتك، هل تفضل أن تتم مقاضاتك أم بناء موقع إلكتروني ثانٍ مجانًا؟” وبالفعل، بنيت الموقع، وتعلمت أن أثق في حدسي فيما بعد.
وبعد مرور أحد عشر عامًا، ما زلت أتعلم هذا الدرس في كل اجتماع أحضره مع العملاء. فدائمًا أحرص على التحقق من هوية العملاء المحتملين. وبدلًا من النظر إلى كل عملية بيع محتملة باعتبارها “أمرًا لا بد منه”. أتعامل مع الاجتماع كما لو كنت أبحث عن عميل جديد.
ويتعين على هؤلاء العملاء أن يثبتوا أنهم صادقون ومهتمون حقًا بالنجاح بالطريقة الصحيحة. كما يتعين عليهم أن يدركوا قيمة عملي وأن يكونوا على استعداد للسماح لي باستخدام إبداعي لمساعدتهم. وإذا لم يتم استيفاء أي من هذه المعايير، أقوم بإحالتهم إلى مطور آخر للمشروع.
وإذا ما وقع الاختيار على عملي، فإن أول سؤال أطرحه عليهم: “هل هذه هي أفضل فرصة ممكنة بالنظر إلى الوقت المحدود المتاح أمامي؟” وباستخدام هذه المرشحات، رفضت ما يقرب من 75 % من الشركات التي طلبت مني إعادة التصميم.
فوائد كونك انتقائيًا
ضع في اعتبارك التكاليف التي تكبدتها نتيجة لعملاء لم يكونوا مناسبين لك. ومقدار الطاقة التي بذلتها في محاولة إرضاء عميل لن يكون سعيدًا أبدًا. والوقت الذي أمضيته في القيام بأشياء كنت تعلم أنها لا تخدم مصالحه لأنه لم يثق بك لتوجيهه. لا شك أن كل ذلك تكاليف حقيقية لا يمكن الاستهانة بها. والآن ضع في اعتبارك القوة التي تمتلكها لمنع حدوث مثل هذه المواقف منذ الوهلة الأولى.
لن أزعم أنني دقيق بنسبة 100 % في عملي دائمًا. ولكن اتخاذ القرار بتجنب هذه المواقف بنشاط كلما أمكن، سمح لي بالنمو وسط شركة حائزة على جوائز ومعترف بها في مجالنا. مع إنشاء عمل يمكن الفريق الذي أعمل معه بأكمله أن يفخر به.
لا حرج في رفض الأعمال التجارية؛ لأنه بغض النظر عن هويتك أو ما تفعله؛ فإن الحقيقة هي أنك لن تكون مناسب للجميع.
كل ما عليك هو الاعتراف بهذه الحقيقة، واحتضانها في اجتماع المبيعات القادم الذي ستحضره. وبدلًا من أن يبدو الأمر يتعلق بأسباب حاجتك إلى العمل التجاري. اجعل الأمر يتعلق بما يجعل شركتك مميزة وما إذا كانت ستكون مناسبة حقًا لما يمكنك القيام به من أجل عملاؤك.
إذا خططت لسير الأمور على هذا النحو، فستحقق نجاحًا كبيرًا. وإذا لم تستطع؛ فامتلك الشجاعة لإرسال هذا العمل التجاري إلى شخص آخر توقن أنه سيقوم بذلك العمل بشكل أفضل منك بناءً على احتياجاته.
بقلم / جيف جاهن
المقال الأصلي: هنا