ربما تكون مدام عفاف بالدور الثالث، هي الاسم الأشهر بالثقافة المصرية؛ إذ ترمز للإجراءات الروتينية التي يواجهها المواطنون في معظم الجهات الحكومية، الغارقة في البيروقراطية والتعقيدات. ودوران المراجعين على مكاتب عشرات الموظفين؛ بحثًا عن توقيع، أو ختم، أو استمارة غير ذات جدوى؛ فيفقد بعضهم الأمل، ويغادرون المكان مُحبطين وناقمين.
كما يحدث ذلك في بعض الدول العربية. رغم التطورات التكنولوجية السريعة والتحولات الرقمية المتلاحقة، والتي منحت فرصًا لا تُعوَّض للشركات الناشئة لابتكار تطبيقات ومنتجات رقمية. من شأنها القضاء على البيروقراطية واعتزال مدام عفاف شخصيًا!
ميزة تنافسية
كذلك ورغم أن بعض الشركات نفسها تواجه تحديات وفرصًا غير مسبوقة في كيفية تبني استراتيجيات التحول الرقمي. والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في أعمالها. إلا أننا نتوقع أن تحقق الشركات التي تتبنى التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي بشكل استباقي ميزة تنافسية كبيرة في السوق.
التحول الرقمي رؤية متكاملة
إن التحول الرقمي لا يعني فقط اعتماد التكنولوجيا الرقمية، بل يتطلب رؤية متكاملة تشمل إعادة تصميم العمليات التجارية، وتجربة العملاء، وطرق التواصل الداخلي.
ولكي تكون الشركات الناشئة جاهزة لهذا التحول الرقمي، عليها اتباع استراتيجيات تركز على المحاور التالية:
1. إعادة تصميم العمليات:
كما تحتاج الشركات إلى مراجعة العمليات الداخلية والخارجية وتبسيطها؛ من خلال أدوات رقمية تعتمد على الأتمتة وتحليل البيانات؛ ما يؤدي إلى زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف التشغيلية.
2. تجربة العملاء الرقمية:
كذلك مع ازدياد استخدام العملاء للتكنولوجيا، ينبغي تحسين التجربة الرقمية، وتقديم خدمات مخصصة تلبي احتياجاتهم؛ وذلك باستخدام أدوات التحليل التنبؤية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لفهم سلوك العملاء، وتقديم عروض قيمة بشكل مستمر.
3. تطوير بيئة العمل الرقمية:
يجب تطوير بيئة عمل تعتمد على التعاون الرقمي بين الموظفين؛ باستخدام منصات تواصل حديثة، تتيح العمل عن بُعد، والتعاون الفوري؛ ما يعزز مشاركة الموظفين وزيادة إنتاجيتهم؛ وبالتالي يعود بالنفع على أداء الشركة ككل.
الذكاء الاصطناعي أداة تمكين رئيسة
تُعد تقنيات الذكاء الاصطناعي من أكثر الأدوات تمكينًا للشركات الناشئة لتحقيق أهدافها المستقبلية؛ إذ يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا هامًا في تحسين الأداء وتحليل البيانات واكتشاف الفرص الجديدة في السوق؛ وذلك من خلال هذه الطرق الثلاث:
1. تحليل البيانات الضخمة:
كذلك يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الشركات في استخراج رؤى قيمة من البيانات الكبيرة التي تجمعها؛ ما يساهم في اتخاذ قرارات استراتيجية دقيقة وسريعة بناءً على معلومات موثوقة.
2. الأتمتة الذكية:
كما يمكن للشركات تحسين كفاءة عملياتها باستخدام تقنيات الأتمتة الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ مثل روبوتات المحادثة لتحسين خدمة العملاء، وأنظمة الأتمتة لتسريع العمليات المتكررة.
3. التسويق الرقمي الشخصي:
كذلك يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوكيات العملاء واهتماماتهم؛ ما يتيح للشركات تقديم حملات تسويقية شخصية تلبي توقعات العملاء وتزيد من معدل التفاعل والمبيعات.
استراتيجيات جاهزية الشركات الناشئة
لتجهيز الشركات الناشئة، يجب اعتماد الاستراتيجيات التالية:
1. الاستثمار في التكنولوجيا:
على الشركات الناشئة استثمار جزء من مواردها في تبني حلول تقنية حديثة تتيح لها البقاء في صدارة السوق؛ وذلك بالشراكة مع شركات تقنية أو تبني حلول SaaS التي توفر الخدمات السحابية بسهولة.
2. تطوير القدرات البشرية:
يتطلب نجاح التحول الرقمي وجود فرق عمل مدربة ومتمكنة؛ لذا ينبغي توفير برامج تدريبية لتعزيز المهارات الرقمية والابتكارية للموظفين، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات.
3. بناء ثقافة الابتكار:
كما لا يكفي مجرد تبني التكنولوجيا الحديثة، بل يجب تعزيز ثقافة الابتكار في بيئة العمل، وتشجيع الموظفين على تجربة أفكار جديدة وتطوير حلول مبتكرة تخدم أهداف الشركة.
مستقبل أكثر إشراقًا
يومًا بعد يوم، صار التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي عاملين حاسمين في نجاح الشركات الناشئة وتنافسيتها في السوق؛ ما يتيح للشركات تحقيق قفزات نوعية نحو مستقبل أكثر إشراقًا وكفاءة؛ من خلال تبني استراتيجيات رقمية شاملة والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات وتحسين العمليات.
في نهاية المطاف، لاشك في أن تحقيق ذلك، يتطلب رؤى استباقية، واستثمارات ذكية؛ لبناء أساس قوي للتغيير الرقمي، والابتكار المستدام.