تنطوي إدارة التمويل على قدر كبير من الأهمية لأنها بكل بساطة عملية تتعلق بإدارة وحسن تصريف الأموال التي ترد إلى الشركة، غير أنها (إدارة التمويل) تعمل في منطقة أكثر تخصصًا من الإدارة المالية، وإن كانت هذه الأخيرة أعم وأشمل؛ فهي المظلة الأوسع.
فإدارة التمويل تكون معنية فقط بإدارة الأموال التي تم الحصول عليها عن طريق التمويل؛ ولهذا السبب هي محورية؛ فالشركة التي انخرطت في مسلك الحصول على التمويل لا بد أنها كانت في مسيس الحاجة إلى الأموال؛ كي لا تفوّت على نفسها فرصة من الفرص التي طرحها السوق، ومن المحتم استغلالها على أسرع نحو ممكن.
وهذه الشركة كانت، في أغلب الأحوال، تعاني من نقص في التدفق النقدي، وهو ما ساقها إلى الاستدانة؛ لذا فلزامًا على الشركة التي سارت في هذا المسار أن تولي إدارة التمويل عناية بالغة؛ كي لا تذهب الأموال سُدى ولا تفعل بها شيئًا، بل تكون أثقلت كاهلها بأعباء مادية إضافية.
اقرأ أيضًا: أهمية التمويل للمشاريع الناشئة
إدارة التمويل وفشل الشركات
الحق أن نقص الأموال معضلة، والحصول على التمويل معضلة أخرى، وكلا هذين الأمرين من أشهر مسببات فشل الشركات الناشئة، لكن ما يعجل بزوال الشركة واختفائها حتى وإن كانت تحقق بعض النجاحات في أطوارها الأولى هو عدم قدرتها على إدارة التمويل المتحصل عليه من الممولين أو الجهات المانحة بشكل متبصر وحكيم.
ولما كانت كل الشركات، في مرحلة ما من مراحل تطورها، تلجأ إلى الحصول على التمويل؛ فهو المسار الذي لا بد من خوضه والسير فيه وإن اختلفت الأسباب، فمن المحتم أن إدارة التمويل يجب أن تكون أحد الانشغالات الأساسية لهذه الشركة أو تلك.
وإغفال هذه الإدارة _التي هي مهمة مؤقتة؛ فحين ينتهي التمويل وتقوم الشركة بسداد ما عليها من مستحقات لا يمسي لوجودها أي مبرر ولا داع، على أن تظل الإدارة المالية في أداء مهامها_ هو السبب الذي يجعل حتى أكثر الشركات نجاحًا يمكن أن تجد نفسها في مأزق سريعًا، إذا عانت من شح في التدفق النقدي ولم يعد بإمكانها دفع فواتيرها.
والمؤكد أن أغلب الشركات الناشئة والمتوسطة تفشل، ليس بسبب نقص العملاء أو المنتجات أو الخدمات ذات الجودة الرديئة _وإن كانت هذه أسباب لا يمكن الاستهانة بها_ وإنما بسبب نقص في السيولة.
اقرأ أيضًا: إدارة التمويل متناهي الصغر والحد من الفقر
تتبع التدفق النقدي
لنفترض أن شركة من الشركات كانت تعاني أزمة في التدفق النقدي “الإيجابي” _التدفق النقدي نوعان؛ أحدهما إيجابي والآخر سلبي_ ثم حصلت على تمويل ما، وأمسى لديها قدر لا بأس به من الأموال فما الواجب عليها فعله الآن؟
أول ما على الشركة التفكير فيه هو إدارة التمويل؛ كيما تتمكن من حسن تصريف هذه الأموال وتوجيهها الوجهة الصحيحة؛ كي لا تفقد هذه الأموال فيما لا طائل منه، وعلاوة على ذلك فإن إدارة التمويل أو بشكل أدق تتبع وإدارة التدفق النقدي مهمة بشكل خاص للشركات الموسمية.
فإذا كانت لدى الشركة تقلبات كبيرة في الدخل خلال أوقات مختلفة من العام فيجب عليها تتبع وإدارة التدفق النقدي الخاص بها بعناية. وعلى الرغم من أن إدارة التدفق النقدي في هذا النوع من الأعمال قد تكون أمرًا صعبًا إلا أنه من الممكن إجراؤها والقيام بها، لكن الأهم أن تولي الشركة إدارة التمويل العناية اللازمة لا سيما إذا كانت في مراحلها الأولى.
اقرأ أيضًا: الاستثمار الهجين.. اعتبارات يجب أن توضع في الحسبان
التخطيط المسبق ومسارات الأموال
طالما أن الشركة قررت اللجوء إلى الاستدانة والحصول على التمويل فلزامًا عليها أن تمعن النظر أولًا في الأسباب التي تدفعها إلى هذا الخيار، ثم تعمد إلى فحص هذه الأسباب ذاتها؛ فبعض الأسباب لا تستأهل الحصول على التمويل.
لكن إن رامت الشركة تعزيز تدفقها النقدي لحاجة ماسة، أو الاستحواذ على فرصة جديدة، أو التوسع في مكان/ فرع آخر، فمن الممكن، في هذه الحالة، اللجوء إلى خيار التمويل، وإن فعلت فهي ملزمة بالقيام بإدارة التمويل على نحو دقيق.
والمهم هنا ألا تذهب الشركة إلى خيار التمويل متى ما أرادت ذلك وإنما أن تعرف ما الذي يحملها على ذلك وما ستفعل بهذه الأموال؟ تلك الأسئلة التي ستحصل من خلال إدارة التمويل على إجابات شافية عنها.
اقرأ أيضًا:
التمويل طويل الأجل.. متى يكون الخيار المناسب للشركات؟
التمويل التكميلي.. خيار منتصف الطريق
أنواع التمويل وأهمية تمويل الأسهم