دفعت حالة عدم اليقين الاقتصادي العديد من أقسام الموارد البشرية إلى الابتكار. ولدت هذه الابتكارات، مثل العمل الهجين، من رحم الضرورة، وسمحت للشركات بتحقيق نتائج أعمال ناجحة خلال أوقات عدم القدرة على التنبؤ.
وحول زيادة الابتكار لدى الموارد البشرية يشير قادة الأعمال إلى أنها تكتيك رئيسي يستخدم للحفاظ على النمو في بيئة الاقتصاد الكلي غير المستقرة. ويجب على المديرين اتباع هذا النهج وإعطاء الأولوية للابتكار.
بالإضافة إلى إيجاد حلول جديدة لقضايا القوى العاملة المستجدة. مثل: إعطاء الأولوية لرفاهية الموظفين، وإنشاء أماكن عمل رقمية. والاستفادة من الذكاء الاصطناعي، والحفاظ على إنتاجية العمل الهجين.
لذا نستعرض في “رواد الأعمال” عقبات واستراتيجيات تعزيز الابتكار في مجال الموارد البشرية. وذلك وفقًا لدراسات ومقالات في مواقع عالمية؛ منها “هارفرد بيزنس ريفيو”.
عقبات تعترض الابتكار في مجال الموارد البشرية
على الرغم من التقدم الكبير الذي يشهده قطاع الموارد البشرية في مجال الابتكار إلا أن هناك العديد من العقبات الرئيسية التي لا تزال تواجهه.
عدم وضوح مفهوم الابتكار: أشارت الدراسات إلى أن 41% فقط من موظفي هذا القطاع المعني، يعتقدون أن لديهم إرشادات واضحة بشأن أفكار الابتكار التي تبحث عنها مؤسساتهم. هذا الغموض يمكن أن يعيق عملية توليد الأفكار وتنفيذها بفعالية.
عزل الابتكار: فقط 46% من موظفي إدارة العنصر البشري يقولون إن مؤسساتهم توفر لهم فرصًا للمشاركة في تنفيذ الأفكار الجديدة. ما يعني أن العديد من الأفكار المبتكرة قد تضيع بسبب عدم وجود قنوات واضحة للمشاركة والتنفيذ.
الابتكار غير المنظم: 49% فحسب من موظفي الموارد البشرية يشيرون إلى أن مؤسساتهم لديها عملية واضحة يجب اتباعها عند اقتراح الأفكار. هذا النقص في الهيكلة يمكن أن يؤدي إلى فوضى في عملية الابتكار ويجعل من الصعب تقييم الأفكار واختيار الأفضل منها.
استراتيجيات للتغلب على العقبات
وللتغلب على هذه العقبات والحفاظ على زخم الابتكار. يمكن لإدارات الموارد البشرية تنفيذ ثلاث استراتيجيات رئيسية:
1. تعريف قيمة الابتكار:
يجب على إدارة العنصر البشري أن توضح للموظفين أهمية الابتكار وكيف يساهم في تحقيق أهداف الشركة. هذا يشجع الموظفين على المشاركة بنشاط في عملية الابتكار وتقديم أفكار جديدة ومبتكرة.
كما أنه من الضروري إنشاء شبكات داخلية وخارجية. لتبادل الأفكار والخبرات في مجال الابتكار. ما يساعد في توليد أفكار جديدة وتحفيز الموظفين على التفكير خارج الصندوق.
ويجب عليها أيضًا وضع عمليات واضحة ومحددة لتقديم وتقييم وتنفيذ الأفكار المبتكرة. فذلك يساهم في تنظيم عملية الابتكار وزيادة فرص نجاح الأفكار الجديدة.
التأخر عن ركب التطور
إذا فشلت إدارات الموارد البشرية في معالجة القضايا السابقة. فإنها تخاطر بالتخلف عن ركب المتطلبات التنظيمية الجديدة والتحديات المستقبلية.
ففي عالم يتسم بالتغير السريع والتنافسية الشديد. يجب عليها أن تتبنى الابتكار كجزء أساسي من استراتيجيتها للبقاء في المقدمة وتحقيق النجاح المستدام.
كما يختلف مفهوم الابتكار من مؤسسة لأخرى، فبينما يراه البعض تطبيقًا لحلول أفضل للمشكلات القائمة. يعتبره البعض الآخر تسويقًا للاختراعات. ولكن يتعدى دور المؤسسات مجرد تعريف الابتكار؛ إذ ينبغي عليها توضيح قيمته والفوائد المرجوة منه للمؤسسة ككل.
وأظهرت دراسة استقصائية حديثة أن 50% من المؤسسات ذات مستويات الابتكار العالية توصل الفوائد المحتملة للابتكار إلى أصحاب المصلحة. في حين أن 16% فقط من المؤسسات ذات مستويات الابتكار المنخفضة تفعل ذلك. وتدرك المؤسسات المبتكرة أهمية تحديد ما سيحلّه الابتكار بوضوح وإيصال قيمته إلى الموظفين والفرق والمؤسسة ككل.
كما ينبغي على رؤساء تلك الإدارات التأكد من مواءمة الابتكار مع استراتيجية الإدارة ومقاييس النجاح الخاصة بها. ففي كثير من الوظائف قد لا يتم التعبير عن الأهداف التجارية بشكل جيد ونشرها.
وذلك يزيد من صعوبة معرفة الموظفين والقادة بكيفية ارتباط الابتكار بنتائج الأعمال. لذلك ينبغي عليهم العمل مع أقرانهم من فرق الاستراتيجية والابتكار وغيرها من الإدارات ذات الصلة لتحديد (وربما التأثير في) الأهداف التجارية للإدارة.
تحديد الأبعاد الرئيسية وقياس التأثير
لتحقيق أقصى استفادة من الابتكار في إدارة الموارد البشرية. يتعين على المسؤولين التنفيذيين في هذا المجال (CHROs) التواصل الفعال مع الموظفين وشرح القيمة المضافة التي يجلبها الابتكار إلى سير عملهم اليومي.
على سبيل المثال: يمكن لتطبيق الأتمتة في مهام الموارد البشرية أن يقلل الوقت الذي يقضيه شركاء الأعمال بالموارد البشرية في الأعمال الروتينية. ما يتيح لهم التركيز على المهام الاستراتيجية الأكثر أهمية.
الأبعاد السبعة للابتكار
توجد سبعة أبعاد حاسمة يمكن أن تساعد إدارة الموارد البشرية في تحديد تركيز مبادرات الابتكار: الجدة، والتأثير في السوق، والتوقيت والحجم (على مستوى الشركة)، والتركيز، والمشاركة، والشمولية (على مستوى البرنامج/المبادرة).
وتنقسم هذه الأبعاد إلى فئتين: على مستوى المؤسسة وعلى مستوى البرنامج أو المبادرة المحددة. يجب ألا ينظر إلى البدائل على طول كل بُعد بأنها متعارضة. بل كمجموعة من الخيارات لصياغة نطاق ابتكار مناسب.
تحديد نطاق الابتكار
كما تتيح هذه الأبعاد تحديد نطاق وهدف الابتكار. هل الهدف هو تطوير شيء جديد للقسم، أو المؤسسة. أو حتى للصناعة بأكملها؟ من خلال تحديد أين ستركز المؤسسة جهودها. يتمكن الموظفون من فهم كيفية تأثير الابتكار في سير عملهم اليومي وكيف يضيف قيمة إلى أدائهم.
ويضمن التواصل الفعال مع الموظفين وتحديد الأبعاد الرئيسية للابتكار. نجاح مبادرات الابتكار وتحقيق أهدافها الاستراتيجية. هذا النهج يوفر بيئة عمل محفزة ومبتكرة، تعزز من أداء الموظفين وتساهم في تحقيق النجاح للمؤسسة ككل.
الموارد البشرية وشبكات الابتكار
كما تعتمد العديد من استراتيجيات الابتكار على فريق مخصص يركز فقط على الابتكار في المؤسسة. ولكن بتركيز الابتكار على فريق واحد فقط. وعوضًا عن الاستفادة من الخبرات عبر مختلف الأقسام تصنع المنظمات “جزرًا منعزلة” للابتكار تحد من التأثير المحتمل.
ويعتقد 47% من قادة الابتكار العالميين بأن هذه الجزر المنعزلة تجعل التعاون صعبًا وتعد من بين أكبر العقبات التي تحول دون نجاح الابتكار.
كما تعوق هذه الجزر المنعزلة فرص الموظفين لتبادل الأفكار المبتكرة والتعلم عن الابتكار من الزملاء ووحدات الأعمال الأخرى. لكي تستمر في الاستجابة للتحديات التنظيمية الجديدة.
بينما لا يمكنها الاعتماد فقط على خبرتها الوظيفية. بدلاً من ذلك يجب عليها البحث عن طرق لدمج المهارات والخبرات الجديدة وأساليب الابتكار مباشرة في عملها.
توظيف المواهب الداخلية
تعمل العديد من المنظمات على تطوير مهارات موظفيها من خلال برامج التدريب التناوبي أو المنظم. ولكن هذه الأساليب تسمح للموظفين فقط بتطوير مهارات انتقائية وحل مشكلات معزولة.
لكن تويوتا -على سبيل المثال- تستخدم نهجًا مختلفًا للوصول إلى المواهب. من مختلف الأقسام عن طريق توظيف المواهب الداخلية في الموارد البشرية لغرس طرق وخبرات جديدة في هذا القسم.
نهج التعاون في تبني الأجيال
جلبت تويوتا مواهب من قسم تكنولوجيا المعلومات لديهم خبرة في منهجيات الأجيال. وتمكن هؤلاء الموظفون من تدريب زملائهم الجدد في الموارد البشرية خلال الانتقال إلى الأجيال.
بالطبع يمكن لموظفي تكنولوجيا المعلومات تقديم دعم شخصي ومستمر مع نماذج للسلوكيات الجديدة التي يمكن للموارد البشرية تطبيقها على سير عملها. الأهم من ذلك لم يتم جلب مواهب تكنولوجيا المعلومات ليحلوا محل موظفي الموارد البشري.
بل تعاونوا معهم من خلال قيادة الموظفين. عبر المبادرات ومشاركة خبراتهم في الأجيال والابتكار لمساعدة الموارد البشرية في العمل بطرق جديدة.
صنع تأثير مضاعف لتبادل المعرفة
يتم ذلك من خلال دمج المواهب من مختلف الأقسام داخل الموارد البشرية. إذ صنعت تويوتا -على سبيل المثال- تأثيرًا مضاعفًا لتبادل المعرفة. ما سمح لموظفي الموارد البشرية باكتساب خبرة عملية في التفكير المبتكر.
كما ساعد هذا أيضًا في تسهيل الفرص المستمرة لموظفي الـ HR. للتعلم من زملائهم الجدد ذوي الخبرة الواسعة في مجال الابتكار.
ترسيخ عمليات ابتكار منظمة
في مختلف الأعمال يكون الميل لتحمل أخطار الابتكار منخفضًا. حيث يشير 16% فقط من قادة الابتكار إلى أن مؤسساتهم تقبل مستوى عاليًا من المخاطر في الابتكار.
بالإضافة إلى ذلك يوافق 28% فقط من موظفي الموارد البشرية. على أن وظيفة الموارد البشرية الخاصة بهم تشجعهم على المخاطرة. حتى لو أدت إلى الفشل. يعد هذا النفور من المخاطرة، داخل وخارج الموارد البشرية، عقبة رئيسية أمام الابتكار.
الابتكار محفوف بالمخاطر بطبيعته
كما أنه لتقليل المخاطر المرتبطة بالابتكار. يجب على المؤسسات إنشاء عمليات ابتكار منظمة. حتى لا تخاطر المؤسسات بعدم مواءمة مبادرات الابتكار الخاصة بها مع احتياجات الموارد البشرية أو احتياجات الأعمال.
ويمكن أن يصبح الابتكار مضللًا أو مرهقًا؛ ما يؤدي إلى تساؤل الموظفين والقادة على حد سواء حول كيفية الابتكار وما هو نطاقه. الابتكار غير المحدود ليس مجرد عمل دون قيود؛ إنه يفتقر أيضًا إلى اتجاه واضح.
تجربة “فاني ماي”
ترددت إدارة الموارد البشرية بشركة “فاني ماي” في تجربة الأفكار المبتكرة والطموحة بسبب المخاطر المتصورة. ومع ذلك أدرك قادة الموارد البشرية أن تجنب الأفكار التي لا يكون النجاح فيها مضمونًا يعني التخلي عن الحلول المبتكرة التي تحتاجها وظائف الموارد البشرية بشكل متزايد.
كما يأتي ذلك لتقليل أخطار الأفكار المبتكرة، أنشأ قادة الموارد البشرية في فاني ماي معايير قرار للتجريب المستهدف.
ومع استمرار تطور نطاق عمل الموارد البشرية لم يعد بإمكان المسؤولين عنها الاعتماد على الضرورة فقط لتحفيز الابتكار الوظيفي. بل يجب عليهم تنفيذ استراتيجيات تشجع الابتكار وتدعمه.
يمكن لمسؤولي الموارد البشرية تحقيق ذلك من خلال تحديد فوائد الابتكار وقيمته، ودمج شبكات الابتكار، وإنشاء عمليات ابتكار منظمة.
الاستنتاج
عندما تستخدم إدارة الموارد البشرية هذه الاستراتيجيات. فإنها تضع نهجًا استراتيجيًا ومستدامًا لتمكين موظفي وقادة الموارد البشرية من قيادة الابتكار والتكيف مع المتطلبات التنظيمية المتزايدة للقوى العاملة اليوم.
كما يؤدي تبني الابتكار في الموارد البشرية إلى تحسين أداء الموظفين. وتعزيز ثقافة الابتكار في الشركة، وتحقيق ميزة تنافسية داخل سوق العمل المتغيرة.