مما لا شك فيه، أن عالم الذكاء الإصطناعي ليس بحاجة إلى أخبار جديدة، سواء كان الأمر يتعلق بزعزعة شركة Deep Seek للفضاء العالمي للذكاء الاصطناعي أو إعلان الولايات المتحدة عن صفقة “ستارغيت”، والتي تعد صفقة بقيمة 500 مليار دولار من القطاع الخاص؛ لتوسيع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة. وفي حين هيمن الذكاء الاصطناعي التوليدي والذكاء الاصطناعي العام على العناوين الرئيسة خلال العامين الماضيين؛ فإن العبارة الجديدة التي تتردد على ألسنة العديد من الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي هي وكلاء الذكاء الإصطناعي التي لا تولد المحتوى فحسب؛ بل تتفكر وتتكيف وتتخذ إجراءات مستقلة.
وأفادت أحد التقارير الصادرة عن شركة “Deloitte” بأن 25 % من الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي ستطلق مشاريع تجريبية أو إثباتات لمفهوم الذكاء الاصطناعي الوكيل في عام 2025. كما سترتفع النسبة إلى 50 % بحلول عام 2027.
وأيضًا أدت التقارير إلى أن بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، في بعض الصناعات، وفي بعض حالات الاستخدام، يمكن أن تشهد اعتمادًا فعليًا في تدفقات العمل الحالية في عام 2025. خاصة بحلول النصف الثاني من العام.
نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي
ومن المؤكد أن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل GPT-4 وكلود سونيت 3.5 قد غيرت طريقة تعامل الشركات مع البيانات. لقد غيرت أدوات مثل ChatGPT وGemini طريقة إنشاء المحتوى والأتمتة وتفاعلات العملاء.
وعلى الرغم من ذلك؛ فإن هذه النماذج محدودة بسبب عدم قدرتها على التعلم من بيانات عملك الفريدة أو التكامل معها. وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي العميل.
وعلى عكس الذكاء الاصطناعي التوليدي التقليدي، الذي ينتج نصوصًا أو صور استجابة للمطالبات. حيث يعمل الذكاء الاصطناعي الوكيل باستقلالية تامة. ويتخذ قراراته بناء على بيانات في الوقت الفعلي.
وقال كين ماهوني؛ الرئيس التنفيذي لشركة ماهوني لإدارة الأصول: “ّإن الذكاء الاصطناعي الوكيل هو في الأساس نسخة أكثر تقدمًا من الذكاء الاصطناعي التوليدي”.
أهداف الذكاء الاصطناعي التوليدي
وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي التوليدي جيد في البحث الفوري وتوليد النصوص والصور وهو بشكل عام أداة لمساعدة الإنسان؛ إلا أن هذة التقنية تتجاوز بعض هذه المهام البسيطة. ويطالب الذكاء الاصطناعي بإتمام مهام ذات مستوى أعلى؛ مثل اتخاذ القرارات الحقيقية وحل المشاكل. ويعمل كمستشار أو يساعد في العمل نيابة عن الشركات أو الأفراد في اتخاذ قرارات ذات مستوى أعلى.
وقال فاهان سركسيان؛ المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة WebWork AI: “يعمل وكلاء الذكاء الاصطناعي على سد الفجوة بين إمكانات الذكاء الاصطناعي وواقع الأعمال”.
وأضاف: “لقد رأينا الذكاء الاصطناعي يحول الصناعات. ولكن الشركات تحتاج إلى ذكاء اصطناعي يفهم بياناتها. وليس فقط المعرفة العامة بالإنترنت”.
وفي WebWork، على سبيل المثال، يحدث هذا التطور بالفعل. حيث يقوم مساعد الذكاء الاصطناعي الخاص بالشركة بتحليل بيانات الوقت المتتبع لتقديم رؤى قابلة للتنفيذ حول الإنتاجية وأوجه القصور في سير العمل والاختلالات التشغيلية. وهذا يساهم في تحسين العمليات والتوسع بذكاء.
وقد توسع كيفن فريشيت؛ الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة فيرماركيت، في هذه الفكرة. وأكد الانتقال من الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى الشبكات الوكيلة.
فالذكاء الاصطناعي التوكيلي يعني الشبكات التوكيلية – فرق من وكلاء الذكاء الاصطناعي الذين يتعاونون بل ويشرف على سير عملهم وكلاء مشرفون. في مجال المشتريات.
وعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي الآن التفاوض على الشروط والتحقق من الامتثال وإدارة تفاعلات البائعين بشكل مستقل؛ ما يقلل كثيرًا من العبء على الفرق البشرية.
الذكاء الاصطناعي مساعد ذكي وليس بديل
يرتكب الذكاء الاصطناعي أخطاء أيضًا، ومن الأمثلة البارزة على مثل هذا الخطأ؛ عندما رفضت شركة “iTutor Group” للذكاء الاصطناعي للتوظيف التابعة لشركة “iTutor Group” المتقدمين للتوظيف على أساس أعمارهم.
وهو سلوك ينتهك قانون التمييز على أساس السن في التوظيف. كما دفعت الشركة في النهاية تسوية قدرها 365,000 دولار في دعوى قضائية رفعتها لجنة تكافؤ فرص العمل الأمريكية “EEOC”.
كما يعزز الذكاء الاصطناعي التوليدي القدرات البشرية بدلًا من أن يحل محلها؛ حيث يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي مساعدًا للإنسان. وليس بديلًا عنه.
وفي “WebWork AI”، لا يكتفي نظامنا بمراقبة البيانات فحسب. بل يعمل كمساعد؛ حيث يقوم بتحليل مجموعات البيانات الضخمة وإظهار الرؤى المهمة حقا؛ ما يسمح للشركات باتخاذ قرارات مستنيرة دون الغرق في البيانات”.
كما أنه من المهم إعطاء الأولوية للكشف عن التحيز والشفافية في أنظمة الذكاء الإصطناعي؛ “لا يتعلق مستقبل الذكاء الاصطناعي بالثقة العمياء في الأتمتة؛ حيث إنه يتعلق بتصميم تدفقات عمل تعتمد على الذكاء الاصطناعي حيث يبقى البشر مسيطرين. أيضا ستصبح الرقابة على أخلاقيات الذكاء الإصطناعي مجال تركيز رئيسي للشركات التي تتطلع إلى نشر الذكاء الاصطناعي العميل بشكل مسؤول”.
من هم وكلاء الذكاء الإصطناعي
هناك تساؤلات حقيقية تطرح حول ما إذا كان بإمكان وكلاء الذكاء الاصطناعي إطلاق العنان للكفاءة وقابلية التوسع. ولكن يعتقد خبراء؛ مثل نادية أتوال؛ مستشارة الشركات الناشئة وعضو مجلس قيادة مجلس الذكاء الاصطناعي العالمي، أن الشركات تقود الابتكار في مجال وكلاء الذكاء الاصطناعي. ذلك من خلال وضع نماذج أولية سريعة وتوسيع نطاق الحلول التي تحل المشاكل المعقدة. هناك مجموعة واسعة من حالات الاستخدام لوكلاء الذكاء الاصطناعي. من الرعاية الصحية إلى التمويل وغير ذلك.
أما في مجال الرعاية الصحية، يمكن لوكلاء الذكاء الاصطناعي المساعدة في فرز المرضى والتشخيص وخطط العلاج الشخصية؛ ما يوسع نطاق الوصول إلى الرعاية.
وفي مجال سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية، قالت “أتوال” إن وكلاء الذكاء الاصطناعي يمكنهم “تحسين المسارات وإدارة المخزون والتنبؤ بالطلب بشكل ديناميكي؛ ما يقلل من الهدر والتكاليف”.
أما في مجال التمويل، قالت “أتوال”: “إن الذكاء الاصطناعي الوكيل رائع للتداول المستقل والكشف عن الاحتيال والخدمات الاستشارية المالية الشخصية”.
وقد بدأت Finq.ai بالفعل الاستفادة من وكلاء الذكاء الاصطناعي بهذه الطريقة. حيث قال إلداد تامير؛ الرئيس التنفيذي لشركة Finq.ai: “تستخدم أداة تكنولوجيا الأسهم الخاصة بالشركة الذكاء الاصطناعي لتحليل اتجاهات السوق وتصنيف الأسهم وتوليد محافظ نموذجية تتفوق باستمرار على مؤشر S&P 500”.
الفروق والاختلافات
ويرى “تامير” أن هذه نقطة تحول في التاريخ. خاصة لأنه ”للمرة الأولى على الإطلاق. حيث ستشارك الآلات في اتخاذ القرارات الفعلية داخل الشركات. كما ستتجاوز الشركات مرحلة التجريب إلى مرحلة التطبيق العملي”.
وعلى الرغم من أن التأثير الكامل للذكاء الاصطناعي الوكيل لا يزال غير واضح؛ فلا شك في أن المزيد من الشركات ستقفز إلى هذا القطار مع مرور العام.
وكما أشار “ماهوني”؛ فإن شركات مثل Walmart تستخدم بالفعل الذكاء الاصطناعي الوكيل لصالحها. ذلك لإدارة المخزون بشكل مستقل. فضلًا عن التنبؤ بالطلب على منتجات معينة وتقديم توصيات. في الوقت الفعلي تستهدف كل عميل بشكل هادف.
وقال: “سيكون هذا هو صانع الفارق بالنسبة للشركات التي يمكنها تبني الذكاء الاصطناعي الوكيل بصورة صحيحة وتطبيقه في أعمالها لإيجاد الكفاءات كما فعلت وول مارت”.
المقال الأصلي: من هنـا