عنصر الشباب هو العنصر المحرك لاقتصاد أيّ دولة.
نطمح أن نبني صرحا إعلاميّا لكل المتحدثين باللغة العربية.
المجال الذي صنعتُ نفسي فيه لم أكن أعرفه في طفولتي.
البداية صعبة: عملنا بجد وحصلنا على المرتبة الثانية في ترتيب أسرع 100 شركة نموا في المملكة.
حوار: ولاء خالد
رائد الأعمال قسورة الخطيب، من أبناء مدينة جدة، درس هندسة الكمبيوتر بجامعة الملك عبدالعزيز أسس شركة FullStop للدعاية والإعلان، وشركة Leap studio وهي شركة متخصصة في التصوير الفوتوغرافي وأعمال 3D. ومؤسس شركة GO Digital المتخصصة في مجال الإعلان الإلكتروني عبر الإنترنت، وشركة Made In Saudi Films، وهي شركة مختصة بالإنتاج المرئي والصوتي، وفي عام ٢٠١٠م قام بتأسيس شركة UTURN، لإنتاج البرامج الترفيهية على شبكة الإنترنت التي تعتبر رائدة في مجال الإعلام الرقمي والتي استقطبت 800,000,000 مشاهدة وأكثر من 25 قناة.
يعتبر قسورة من أكثر الشخصيات المؤثرة في المملكة سواء من خلال الأعمال التجارية التي يديرها، أو من خلال الحملات التوعوية والاجتماعية التي قام بتبنيها وإطلاقها والتي تهدف إلى تغيير عديد من السلوكيات الخاطئة في المجتمع، مثل (حملة الغيبة، وطنك إيش تقدر تعطيه، ما لك غير االله، مين قال الشغل عيب، حملة الرحمة للرفق بالإنسان)، والتي أحدثت تأثيرا إيجابيا في المجتمع وتغطية إعلامية واسعة، إضافة إلى ذلك فقد كان أحد مُعدي ومقدمي برنامج “يلا شباب” الذي كان يعرض على قناة MBC، وقد لاقى رواجاً كبيراً، وكان له تأثير إيجابي بين الشباب في العالم العربي.
أجرينا حوارا معه؛ ليحكي لنا عن السبل التي ساقته إلى ما هو عليه اليوم من نجاح مشهود على مستوى المملكة وعلى مستوى العالم؛ عبارة (إيش تسوي؟..) كانت هي الشعلة التي أوقدت أفكاره، وأخرجته من بؤرة الوظيفة ليمارس العمل الحر على نطاقات حرة وواسعة.
يقول قسورة: في البداية كنتُ أعمل في شركة بروكتر آند جامبل، وهي شركة تسويق منتجات عالمية، وما زلت أذكر اللحظة التي مَرَّ عليّ مديري فيها وأنا أصمّم ملصقا إعلانياً لحملة في الشركة، وسألني (إيش تسوّي؟).. فأخبرته أني أعمل تصميما للحملة، فقال لي: هذه التصاميم وظيفة وكالات الدعاية والإعلان. حينها قلت في نفسي: طالما هناك شركات تهتمّ بالتصاميم ومختصة في مجال الدعاية والإعلان فمعناه أنني في المكان غير المناسب، وكانت الشركة نفسها التي أعمل فيها متعاقدة مع وكالة دعاية وإعلان، وقتها وُلدت الفكرة. وبعد فترة تركت الشركة واتّجهت للعمل الحرّ هناك كانت البداية بإنشاء وكالة دعاية وإعلان محلية تطمح لمنافسة الشركات الأجنبية على المدى البعيد فكانت fullstop؛ والبداية كانت صعبة إذ كيف أَجد التمويل والعملاء، وكيف ننتج الإعلانات والحملات في خضمّ الشركات العالمية؟.
كانت بداية صغيرة فقد بدأنا بمشاريع صغيرة وسنة إثر سنة -ولله الحمد- بدأت الشركة تكبر وتنافس في سوق الدعاية والإعلان وفي السنوات الثلاث الأخيرة أخذنا وكالة العام الإبداعية، وأيضا حصلنا على المرتبة الثانية في ترتيب أسرع 100 شركة نموا في المملكة؛ وذلك من خلال منتدى التنافسية، وغيرها من الجوائز. بعد fullstop انتقلت لخطوة مهمة أيضا، فقد كنا نصنع إعلاناتنا خارج المملكة إما في مصر أو دبي أو جنوب إفريقيا وغيرها من الدول، وراودني سؤال آخر: ما الذي يمنع من تصوير الإعلانات في السعودية؟ وبالنسبة لي كان هذا تحدّيا كبيرا؛ ولأنه غير موجود في السوق المحلّي كنت أرى أنها فرصة تستحق الخوض رغم المغامرة التي فيها، وبدأنا في مجال الإنتاج الإعلامي، وأسّسنا made in saudi films وهي شركة مهتمة بمجال الإنتاج المرئي والصوتي، إضافة إلى شركتي leab studios وgo digital.. وأخيرا في عام 2010م أنشأت شبكة uturn وكان الهدف منها سدّ ثغرة في المستوى المحلّي من خلال صناعة إعلام جديد يقوم من الشباب وإلى الشباب.
أسرة قسورة الكبيرة وضعته في أول طرق النجاح لتكمل زوجته وأبناؤه بقية المسيرة وفي هذا الجانب يقول: والدي سارية الخطيب كان طياراً في بداية حياتة العمليّة، ثمّ قرّر أن يتّجه للعمل الحرّ إلى أن أصبح رجل أعمال، وله أثر كبير في حياتي، فمن عباراته التي لن أنساها له (الواحد يسوّي الشيء الصح بغضّ النظر إذا كان سهلا أو صعبا)، كما كان يغرس فينا دائما أنا وإخوتي معاني الاجتهاد والحثّ على العمل وتحمّل المسؤولية ويقظة الضمير، وأن يكون لنا دور في التغيير للأفضل. ومن المقربين الذين تأثّرت بهم كثيرا في حياتي أخي سراقة.. كونه يملك نظرة رائعة عن الحياة، إضافة إلى أنه شريك معي في العمل.. وأيضا على الجانب الشخصي أخي رواحة.. هو قريبٌ منّي جدّا.. أستشيره كثيراً ودائما يلجأ ويفضفض أحدنا للآخر.
وأنا اليوم زوج وأب لستة أبناء ولله الحمد، وطبيعة العمل تجعل التردد بين البيت والعمل أمرا لا بد منه، لكن وجود التوافق والتفهم هو الدعم والتشجيع الذي يحقق لي السعادة التي أصبو إليها.
ومن الأشخاص الذين تأثّرت بهم الشيخ حمزة يوسف ولا أظنّ أنَ أحدا يقابل هذا الرجل ولا يتأثّر بحكمته وفهمه العميق للإسلام، مع أنه لم يكن مسلما في بداية حياته إلا أنّه كان مثالا يُقتدى به ومنه تعلّمت كيف أوظّف الدعاية والإعلان في مجال الخير وحبّ الناس، بالدكتور طارق السويدان فقد أثر في فهمي لمعنى الحياة والدنيا.
حلم الطفولة
في طفولتي كنت أحلم أن أكون طياراً مثل والدي وكنت أنا وأخي رواحة نصنع ألعابا خاصة على شكل طائرات، ثم اكتشفت في مرحلة مبكّرة من العمر أن نظري ضعيف لا يمكّنني من تحقيق حلم الطفولة، ولم يكن لي بعد ذلك حلم محدّد واضح، وفي فترة ما راودني حلم أن أكون مهندسا؛ لأن كثيرا من أفراد العائلة كانوا مهندسين ولم تتضح ملامح الحلم آنذاك، إلا أني كنت أحبّ الرسم والتصميم وأُشغل نفسي بهما كثيرا وتخيّلت أن أُصمّم وأبني بيوتا، لكن حين دخلت الجامعة تغيّر المسار، أما عن المجال الذي صنعتُ نفسي فيه الآن، فبالطبع لم أكن أعرفه أيام طفولتي.
تخوف المجتمع من المغامرة:
في البداية كان هناك نوع من التحدّي بالنسبة لي ولا سيّما حين قررت أن أترك عملي في شركة بروكتر آند جامبل وأتّجه لمجال الدعاية والإعلان، في تلك الفترة عارضني الكثيرون وحذّروني من هذه الخطوة الجريئة بين من يقول لي كيف تدخل في هذا المجال وأنت تخصصك في الهندسة؟ وبين من يخشى عليّ من المغامرة ولا سيّما أني سأتطفّل على شركات أجنبية كبرى في هذا المجال، لكن بعد أن اتّخذت الخطوة وأنشأت وكالة fullstop وجدتُ دعما كبيراً؛ لأنّ المجتمع رأى الدور الفعّال الذي نقدّمه في مجال الدعاية والإعلان، وبعد ذلك في مجال الإعلام الجديد، ومع الأيام بدأت fullstop تأخذ مكانتها كوكالة دعاية وإعلان سعوديّة، وكذلك الشركات التي أُنشئت بعد ذلك.
مشاركات وجوائز:
بحكم أن الإعلام الجديد مجال جديد ونحتاج إلى الكثير من التطور فدائما ما نشارك في فعاليات ومؤتمرات من أجل الاستفادة وفي الوقت ذاته نشارك في أخرى من أجل أن ننشر الفائدة والخبرة التي تعلمناها، ولأنّ طبيعة أنشطتنا تحتّم علينا الوجود والمشاركة، فهي جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع. حصلت ولله الحمد على:
- لقب ريادي العام منEY. ٢٠١٤.
- لقب Endeavor Entrepreneur.٢٠١٤م
- جائزة Forbes top 60 CEO’s.. ٢٠١٤م
- جائزة Small Business of the year من Arabian Business Award ٢٠١٤م.
- المركز الثاني في رواد الأعمال الأكثر إبداعا في مجال الدعاية والإعلان من.
الشباب اليوم:
يعتبر عنصر الشباب هو العنصر المحرك لاقتصاد أيّ دولة ومن باب أولى قطاع الأعمال. ونسبة الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 40 عاما في مجتمعنا تُمثّل ما يقارب 70 %. فهم طاقة هائلة لا بدّ أن تُسخّر بالشكل الصحيح وأن نعتمد عليهم ونمنحهم الحرية والمساحة التي تسمح لهم بالسير في الحياة حتى يُثبتوا أنفسهم ولا سيّما، وقد أُتيحت لهم فرص لم تكن متوفّرة للأجيال السابقة؛ ما يزيد من سبل النجاح لهم. وفي رأيي أنهم يعيشون في زمن من أفضل الأزمنة لا يعني هذا أن المهمة سهلة، بل هذا كله يزيد المسؤولية عليهم؛ لأنهم يحتاجون إلى تطوير أنفسهم سريعا في عصر السرعة، وأن يركّزوا على مستقبلهم وأهدافهم في زمن كثر فيه المنافسون، إضافة إلى ذلك عليهم أن يُقدّروا أنفسهم؛ لأن في يدهم الكثير.
وله كناجح أن يقدم نصائح للشباب فيقول: النصائح كثيرة لكن من المهم أن يبدأ الشاب بالتدرج، وألا يستعجل قطف الثمرة فالنجاح لا يأتي في يوم وليلة، وأرى أنه من المهم أن يكون لدى الشاب مهارة أو موهبة يستطيع صقلها وتنميتها، ويركّز أن يصنع هويّة لنفسه أو شركته أو المُنتج الذي يعمل من أجله أيّاً كان، فالدخول في العمل الحرّ وسيلة، لكن الهدف الحقيقي يكمن في القدرة على التفرّد في مجال يُبدع فيه الشاب؛ أذكر أنه قبل دخولي مجال الدعاية والإعلان اعتكفتُ على الكتب المتخصصة ما يقارب ستة أشهر ولا سيّما أن تخصصي هو الهندسة فلا يوجد شيء اسمه صعب أو أنه ليس تخصصي الذي درستُه، أهم ما في الأمر أن يكون نابعاً من شغف وحبّ مع الهمّة والإصرار، وإذا أراد الشاب أن يتطور عليه أن يحيط نفسه بمن هم أفضل منه في شتى المجالات.
المستقبل:
على المستوى القريب. أن نكمل مرحلة النموّ التي نسير فيها ونتوسّع داخل المملكة، ومن ثمّ خارجها، أما على المستوى البعيد فطموحنا كبير ونطمح أن نبني صرحا إعلاميّا يكون لكل المتحدثين باللغة العربية على مستوى العالم ويُضرب به المثل وأن ينافس الشركات العالمية، وما زلنا في سعينا من أجل التقدّم إبداعيا وتقنيّا وحلمنا أن يكون لنا -مستقبل- مكاتب خارج المملكة.
ويوما ما.. أرجو أن يتخّذ هذا المنتج المحلّي مكانه في العالمية.