تدور النقاشات داخل المؤتمرات العالمية، بدءًا من نيويورك إلى لندن وفرانكفورت وسنغافورة ومومباي، حول قدرة الرؤساء التنفيذيين على التقدم في ظل التقلبات التي يشهدها العالم على مختلف الأصعدة.
فقد أفادت دراسة أجرتها مجلة CEOWORLD، شملت أكثر من 126 ألف رئيس تنفيذي في 197 دولة وسبعة قطاعات صناعية، أن القضية الأساسية لم تكمن في عودة الاستقرار. بل تكمن في تحقيق المرونة كسلاح البقاء والنمو.
أيضًا أكد الرؤساء التنفيذيون من قطاعات التكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية والعقارات انتهاء نموذج العولمة التقليدي القائم على الانفتاح التجاري وقابلية التنبؤ. ليحل محله نظام عالمي أكثر تجزئة وإقليمية.
كذلك، يتبنى القادة إستراتيجيات جديدة لتحدي الاضطرابات، وخلق فرصة لإعادة الابتكار في الوقت نفسه.
مخاوف الرؤساء التنفيذيين
كما كشفت الدراسة قائمة طويلة من المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي:
معدل التضخم
أفاد 71% من الرؤساء التنفيذيين أن ارتفاع معدل التضخم هو الخطر الحقيقي. حيث يدفع الشركات لإعادة النظر في استثماراتها وتشديد الرقابة على التكاليف.
الرسوم الجمركية:
كما أشار 82% من الرؤساء التنفيذيين المشاركين في الدراسة أن الضريبة الجمركية أصبحت عائقًا طويل الأمد. ما يتطلب إجراء تعديلات هيكلية في التجارة العالمية.
الأمن السيبراني:
وصفه 69% بأنه الخطر الأكبر الذي يهدد الابتكار ويقوض الثقة.
معايير السلامة التقنية:
كما حذر 70% من القادة المشاركين في الاستطلاع من تراجع التحول الرقمي بسبب اختلاف الدول حول وجود قوانين ثابتة للحد من مخاطر التكنولوجيا.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال مستوى ثقة القادة يشهد حالة من الاستقرار. حيث إن التحول إلى واقع جديد يفرض عقلية أكثر مرونة وقدرة على الابتكار.
التحول المستمر.. الخيار الأمثل للرؤساء التنفيذيين
علاوة على ذلك، أظهرت نتائج الدراسة أن التغيير لم يعد قرار اختياري، بل جزء لا يتجزأ من هوية الشركات. حيث يعتزم 52% من الرؤساء التنفيذيين تسريع جهود إعادة الهيكلة والتحول خلال فترة زمنية محددة لا تتجاوز عام واحد. بينما يحافظ 39% من القادة على نفس وتيرة التغيير الحالية.
سياسات التوطين
يعد التوطين من أهم العوامل التي كشفت عنها نتائج الدراسة. حيث اعتبر 74% من القادة التوطين إستراتيجية طويلة المدى. كما دعم ثلثا الرؤساء التنفيذيين السياسات الإقليمية لتعزيز سلاسل الإمداد، وتلبية احتياجات العملاء المحليين.
كما تحولت الشركات من نموذج “الإمداد في الوقت المناسب” إلى نموذج أقصر وأكثر أمانًا، يركز على سياسات التوطين والمرونة.
ففي الولايات المتحدة تضخ الشركات استثمارات ضخمة في المصانع المحلية. بينما تعزز أوروبا مراكز إمداد إقليمية داخل الاتحاد الأوروبي. بينما تظهر الهند كمحاور جديدة للإنتاج والاستهلاك.
الشراكات وصفقات الاستحواذ
وقع 48% من الرؤساء التنفيذيين صفقات استحواذ. كما يفضل 73% منهم التحالفات والمشاريع المشتركة للحد من المخاطر وتسريع دخول الأسواق. حسبما أكدت دراسة CEO Magazine.
فعلى سبيل المثال، تحل الولايات المتحدة الأمريكية في المركز الأول في قائمة صفقات شركات التكنولوجيا. كما اهتمت كندا والمملكة المتحدة بعقد التحالفات العابرة للحدود.
بينما تبرز الهند في صدارة الشراكات المرتبطة بالتكنولوجيا والرعاية الصحية. أيضًا تركز ألمانيا على التصنيع والطاقة الخضراء.
التكنولوجيا.. شريان الحياة للرؤساء التنفيذيين
لم تعد التكنولوجيا مجرد أداة، بل أصبحت محرك أساسي لدفع عجلة النمو والابتكار. كما تحدد الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، الحوسبة السحابية، والبنية التحتية للتجارة الإلكترونية القدرة التنافسية للشركات. ولكن يظل غياب إطار تنظيمي موحد عقبة أمام تسريع هذا التحول.
المهام القيادية للرؤساء التنفيذيين
يتوقع أكثر من نصف الرؤساء التنفيذيين استمرار تقلب الظروف العالمية حتى عام 2029 على الأقل. ذلك وسط مخاوف كبيرة بشأن الاستقرار السياسي والسياسات التجارية والحوكمة العالمية. ما يلزم صناع القرار بتوفير إطار تنظيمي. وبناء أطر تجارية تدعم التحول.
كذلك، لم يعد دور الرئيس التنفيذي منحصر في إدارة الشركات، بل أصبح مطلوب منه الآتي:
-
إعادة صياغة سلاسل الإمداد بمرونة وسرعة.
-
اعتماد إستراتيجيات التطوير جزءًا من ثقافة المؤسسة.
-
اعتماد الموازنة بين الابتكار الجريء ونماذج تقاسم المخاطر.
-
تحقيق التعاون مع الحكومات لتوفير بيئة داعمة للنمو المستدام.
إمكانية التطور وسط الاضطرابات
بالتالي، استخلصت نتائج الدراسة إلى ضرورة رفع وعي أصحاب الشركات والرؤساء التنفيذيين بكيفية استغلال الاضطرابات العالمية لكتابة فصل جديد من فصول الاقتصاد العالمي.
أيضًا يرسم الرؤساء التنفيذيون ملامح مرحلة جديدة من القيادة العالمية. استنادًا إلى التكنولوجيا، وتعزيز الشراكات، والاستثمار في المرونة.
وجدير بالذكر أن مؤشر ثقة الرؤساء التنفيذيين يعتبر من أهم أدوات القياس لتقييم معدل الاقتصاد الأمريكي من منظور قادة كبرى الشركات.
كما يصدر المؤشر تقريره استنادًا إلى تقييمات الرؤساء التنفيذيين للأوضاع العالمية الحالية داخل بيئة الأعمال والقطاعات الصناعية المختلفة.
المقال الأصلي: من هنـا