شهدت الرياض تتويج العقول المبتكرة في ختام النسخة الرابعة من “هاكاثون الصناعة”، الذي نظمه صندوق التنمية الصناعية السعودي. ليؤكد مكانة المملكة كمركز إقليمي للابتكار الصناعي المستدام.
والهاكاثون لم يكن مجرد مسابقة، بل محطة تحوّل جمعت 229 متسابقًا يمثلون 60 فريقاً، قدموا حلولًا نوعية لتحديات المصنعين الوطنيين في مسارات حيوية شملت: التصميم، والإنتاج، والاستدامة، والأتمتة.
وتوّج بندر بن إبراهيم الخريف؛ وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة الصندوق الصناعي، الفرق الفائزة في حفل بهيج. حيث بلغت القيمة الإجمالية للجوائز أكثر من 1.7 مليون ريال.
وكان أبرز الفائزين فريق “نبتار”، الذي خطف الأضواء والمركز الأول في مسار الاستدامة بجائزة قدرها 120 ألف ريال، مقدمًا نموذجًا ملهمًا للتكامل بين الإبداع البيئي والتصميم الصناعي.
وبالإضافة إلى الجوائز النقدية قدم الصندوق الصناعي لجميع المشاركين دعمًا شاملًا تضمن برامج تدريب وتأهيل متخصصة، وربط المبتكرين بحاضنات ومسرّعات أعمال لتحويل الأفكار إلى مشاريع قابلة للنمو، إلى جانب دعم حماية الملكية الفكرية بالتعاون مع الهيئة السعودية للملكية الفكرية. ما يرسخ دور الهاكاثون كجسر بين الفكرة والتطبيق الصناعي.
نبتار
في حوار خاص مع“رواد الأعمال” كشفت منال التميمي؛ المتحدث باسم فريق “نبتار”، والمصممة الصناعية السعودية الحائزة على عدة جوائز وشريك مؤسس في منصة “مقدار”. عن تفاصيل هذا الإنجاز النوعي الذي حصد المركز الأول في مسار الاستدامة.
نبتار.. نبت وابتكار يولد من قلب التحدي
قالت منال التميمي؛ التي شاركت في الفريق إلى جانب زميلتيها ليان العثمان وسارة القحطاني. إن “هاكاثون الصناعة 2025 كان من أكثر التجارب المثرية، حيث جمع عقولًا شغوفة بالتطوير الصناعي والاستدامة”.
وأوضحت أن فكرة “نبتار” انبثقت من التفكير في سد فجوة بيئية واقتصادية قائلة: “بدأت فكرتنا عندما فكرنا نحن المصممات الصناعيات في استغلال نواة التمر كبديل طبيعي ومحلي لرقائق الألومنيوم المستخدمة في تغليف الأغذية”.
وأضافت: “أضفنا عنصر الورق المعاد تدويره والقابل للزراعة، لتتشكل هوية المشروع باسم نبتار. وهو مزيج بين كلمتي نبت وابتكار. التفكير الصناعي كان الأساس في صياغة الخلطة والهيكل النهائي للمادة؛ لضمان الجمع بين الأداء العالي والجانب الجمالي والوظيفي معًا”.
تحدي التنفيذ والتفوق على المنافسة
وعن مرحلة التطوير أشارت منال إلى أن تنفيذ المشروع استغرق شهرين من البحث والتجريب الدؤوب. وبحكم تخصص جزء من الفريق في التصميم الصناعي وصناعة المواد. تم إعداد وتجربة التركيبات يدويًا في المنزل للوصول إلى خامة تحقق التوازن المطلوب بين الأداء والاستدامة.
ولم يقتصر عمل الفريق على البحث المعملي، بل كان منهجًت متكاملًا. قالت منال: “ما ميّز فريق نبتار هو الدمج بين المنهج العلمي في صناعة المواد. والتفكير الصناعي في التنفيذ، والبعد التسويقي في العرض. الفريق تعامل مع الفكرة كمشروع تصميم متكامل. من الخامة إلى التغليف والتجربة البصرية للمستهلك”.
كما أكدت أن التحدي الأكبر كان قوة المنافسة وتنوع الأفكار، لكن الإبداع في آلية العمل والأثر البيئي كان هو مفتاح التميز.
يتكون “نبتار” من طبقة خارجية من ورق معاد تدويره تحتوي على بذور قابلة للزراعة. وطبقة داخلية من مزيج نواة التمر والمواد الحيوية البديلة للألمنيوم.
وتابعت منال: “من خلال هذه التركيبة أسهم المشروع في تقليل الانبعاثات الكربونية، ودعم مفهوم الاقتصاد الدائري في الصناعة السعودية. وهذا جانب أولاه المصممون الصناعيون اهتمامًا خاصًا عبر تحسين الكفاءة وتقليل الأثر البيئي لكل طبقة”.
كما شددت منال التميمي على أن تفوق “نبتار” يكمن في كونه ليس مجرد خامة جديدة. بل تجربة متكاملة تحمل رسالة إنسانية وبيئية: كيس واحد… حياة جديدة تبدأ – نبتة تُزرع من أثر استهلاكك”.
واعتبرت الفوز نقطة تحول كبيرة. حيث علمهم أن التصميم الصناعي ليس مجرد مجال إبداعي، بل وسيلة حقيقية لتغيير طريقة تفكير الناس تجاه الاستهلاك والاستدامة.
آفاق المستقبل ودور الشركات الكبرى
وفيما يتعلق بالخطوات القادمة كشفت منال عن أن الفريق يعمل حاليًا على تطوير النموذج في المعامل الصناعية. والدخول في برامج المسرّعات لرفع كفاءة الإنتاج وتحويل “نبتار” إلى منتج واقعي يمكن تطبيقه تجاريًا على نطاق واسع.
ووجهت رسالة للشركات الكبرى، قائلة: “شركات مثل “باجة” لديها دور محوري في احتضان مثل هذه الابتكارات، فالتعاون بين المصانع والمصممين الصناعيين هو الطريق الحقيقي نحو تحول صناعي مستدام”. مختتمة بأن “المصمم الصناعي هنا ليس مصمم شكل، بل مطوّر حل، يوازن بين الجمال، والأداء، وسهولة التصنيع”.
وفي رسالة للشباب أكدت منال التميمي: “لا يوجد شيء مستحيل. كل إنجاز يبدأ بفكرة صغيرة، لكن سر النجاح هو في التصميم على تنفيذها، والتجريب المستمر لتطويرها”.





