لوليام جيمس مقولة رائعة مفادها أن أعظم اكتشاف حققه هذا الجيل يتمثل في قدرة الإنسان على تغيير مجرى حياته، إذا ما غير سلوكه فقط! فماذا يعني بذلك؟
وظَّفت شركة كبرى، ثلاثة أصدقاء في قسم خدمة العملاء، وبسبب الضغط الشديد عليها، دفعت بهم للعمل مباشرة دون تدريبهم بصورة كافية، وعندما تعاملوا- بما لديهم من إمكانيات- مع فئة من العملاء المتذمرين، انزلقوا إلى حالة من الفعل ورد الفعل المضاد، فكانوا يقابلون العدوانية بمثلها، واللامبالاة بمثلها، والمواقف الهجومية بنظيرتها؛ فكانت النتيجة سقطوهم في دوامة من التعاسة والتوتر والقلق.
ولا شك في انعكاس ذلك على معنوياتهم، وعلى مستوى أدائهم؛ حتى توجهوا ذات ليلة- بعد انتهاء العمل- إلى أحد المقاهي، وأثناء مناقشتهم ما يشعرون به من إحباط في العمل، وصعوبة التعامل مع أشخاص يصعب إرضاؤهم، لاحظ أحدهم لوحة معلقة على الحائط مكتوب فيها: “كن ودودًا، فلكل إنسان في الحياة معركته الخاصة”، فعزموا على تغيير طريقة تفكيرهم، واتبعوا استراتيجية جديدة تقوم على إظهار الود والتعاطف مع العملاء من خلال توقع احتياجاتهم، والعمل بجِد على خدمتهم.
وبعد بضعة أيام من العمل بطريقتهم الجديدة، قال أحدهم: “هل تلاحظون أننا أصبحنا نستقبل نوعية مختلفة من العملاء الآن؟! لقد أصبحوا أكثر لطفًا وإيجابية”.
إن سلوكنا هو ما يحدد مجرى حياتنا، فقد نسقط- علمنا أو لم نعلم- في مستنقع رد الفعل المبالغ فيه، فتخيلوا كم من مقف يمر بنا يوميًا من مراجعات، أو من يجهل علينا في الشارع أو بكلمة من شخص ما، أو معاملة ما أُنجزت، أو تصرفات ممقوتة من العائلة أو ممن نتعامل معهم.
إننا- باختصار- نعيش حياتنا، وكأنها حالة طويلة وخطيرة من الطوارئ، ونستمر في الاندفاع هنا وهناك في انشغال لا يكاد ينتهي، محاولين حل كل هذه الإشكاليات، غير أن الحقيقة المرة أننا بهذه الأفعال نضاعف من تعقيدات الحياة، وينتهي بنا المطاف إلى إضاعة حياتنا في التعامل مع مأساة تلو الأخرى.
يقول د. ريتشارد كارلسون: “عندما نتعلم كيفية الرد على مجريات أمور حياتنا بدرجة أكبر من الهدوء؛ فإن المشكلات -التي تبدو وكأنها لا تقهر- ستبدو قابلة للحل”.
جرِّب استبدال مبالغتك في رد الفعل بطريقة جديدة تتمثل في الهدوء والرد اللطيف؛ فذلك يمنحك حياة أكثر رضاءً وسعادة و رفاهية.
وفي إرثنا الإسلامي، كثير من النصوص التي تحثنا على عدم الفجور في الخصومة؛ فذلك من أبرز صفات المنافقين، فهل نحن منافقون دون أن نعلم؟!، قد نكون كذلك عندما نفجر في كل خصومة مع الآخرين؛ الأمر الذي يتطلب منا تغيير طريقتنا في التعامل؛ فحتمًا سترى نتيجة مختلفة.
إذا أردت الحصول على نتيجة مختلفة، أو الخروج من حالتك التي لا ترضيك ولا تتوافق مع طموحك؛ فغير أسلوبك، أو ما نسميه “التغيير” الذي لا غنى عنه لمن أراد ألا يعيش على هامش الحياة، أو يغدو بلا طموح أو هدف، أو يعيش بلا أحلام ولا عبر دروس من الماضي، ولا يملك دفة إدارة الحاضر.
إنَّ التغيير اختيار العباقرة والأفذاذ، وطريق التفوق والنجاح، تذكر دائمًا مقولة بروس بارتون: “بمجرد أن تبدأ التغيير، تكون قد أنجزت الجزء الأكبر من المهمة”.
وأهم ما تبدأ به التغيير- كرائد أعمال- هو سلوكك، الذي هو باختصار رد فعلك تجاه الأحداث اليومية، فكلما كان رد فعلك هادئًا، وفيه تقبل لهذه المواقف، تحسَّن مستوى حياتك، وتحقق لك النجاح.
تذكر على الدوام مقولة وليام جيمس التي أوردتها في المقدمة: ” أعظم اكتشاف حققه هذا الجيل، يتمثل في قدرة الإنسان على تغيير مجرى حياته إذا ما غير سلوكه فقط”.
اقرأ أيضًا:
الأيزو جواز العبور المعتمد للشركات الناجحة
ميزانية المملكة 2022.. نجاح المسيرة الاقتصادية وخطط الإصلاح
ميزانية 2022.. أرقام مبشرة تعكس نجاح سياسة المملكة المالية