لن نجافي الصواب لو قلنا إن العمل التطوعي هو طوق النجاة الوحيد في هذا العصر؛ ذلك لأن هناك الكثير من الأشخاص الذين يعانون، مع اختلاف أشكال المعاناة، والذين هم بحاجة إلى من يمد لهم يد المعونة.
ناهيك عن كون العمل التطوعي لا يقتصر على درء المفاسد والأضرار (التطوع البيئي ومعالجة الأخطار البيئية، أو مكافحة الظواهر المرضية.. إلخ) فحسب، وإنما هو ينطوي على الكثير من الفوائد والمنافع، التي سنأتي على ذكرها بعد قليل.
وهذه المنافع قد تكون فردية؛ أي تخص المتطوعين أنفسهم، وربما تكون جماعية تعود بالنفع على المجتمع ككل، وعادة ما يحدث الاثنان معًا؛ وتلك واحدة من أبرز خصائص العمل التطوعي؛ أعني أن الجميع رابح في هذه المسألة.
ما هو العمل التطوعي؟
يوصف العمل التطوعي بأنه نشاط غير مدفوع الأجر؛ حيث يمنح شخص ما وقته لمساعدة منظمة غير ربحية أو فرد لا تربطه به صلة.
فالتطوع يعني منح وقتك وقدراتك لمساعدة الآخرين (عادة منظمة غير ربحية) دون الحاجة إلى تعويض مالي. ومن المهم الإشارة إلى أن العمل التطوعي ذو اتجاهين؛ إذ يمكن أن يفيدك أنت وعائلتك بقدر ما يفيد الآخرين، كما يساعدك تخصيص وقتك كمتطوع في تكوين صداقات جديدة وتوسيع شبكتك وتعزيز مهاراتك الاجتماعية.
تعتمد العديد من المنظمات غير الربحية على المتطوعين لتحقيق الأهداف اليومية والوصول إلى الأهداف طويلة المدى، ولن تتمكن معظم المنظمات غير الربحية من القيام بالعمل المهم الذي تقوم به بدون قوة العمل التطوعي.
لا شيء يفعله شخص واحد بمفرده؛ ما يعني أنه يتعين علينا التكاتف معًا لإجراء التغييرات التي نريد رؤيتها في العالم. لقد كان العمل التطوعي بالفعل وقود التغيير على الصعيدين الدولي والمحلي. ويُعد التطوع بوقتك ومهاراتك ومواردك إحدى أقوى الطرق لإحداث فرق، ومساعدة الآخرين، بل لتحسين الرفاهية الشخصية والعامة على حد سواء.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية للشركات الصغيرة.. مزايا وممارسات
فوائد العمل التطوعي
ويرصد «رواد الأعمال» بعض فوائد العمل التطوعي، وذلك على النحو التالي..
-
بناء العلاقات
أن تكون جزءًا من فريق له هدف مشترك سوف يساعدك في تكوين روابط مع الغرباء يمكن أن تغير حياتك؛ فالتطوع يعني بطبيعته مساعدة الناس، وهذا يعني أنك ستنشئ علاقات ذات مغزى مع الآخرين وتزيد من تفاعلاتك الاجتماعية.
يوفر العمل التطوعي فرصة فريدة على الصعيد الاجتماعي؛ فهو يربط الناس بقيم مشتركة محددة للغاية، بالإضافة إلى ذلك فإن المتطوعين هم أيضًا أشخاص يشاركونك أشياء مثل: الرغبة في الخروج من منطقة الراحة الخاصة بهم، والانفتاح على قضاء الوقت في الجهد المجتمعي، والميل للانخراط في الأنشطة الجماعية، والرغبة في المساهمة برفاهية الآخرين.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية للشركات السياحية.. تعزيز التنمية المستدامة
-
التعلم واكتساب المعارف
قد يأخذك العمل التطوعي إلى جزء جديد من مجتمعك لم تعرفه من قبل، كما يمكن أن تمنحك برامج المتطوعين الفرصة لجلب أشخاص إلى شبكتك الاجتماعية التي لن تتمكن من الالتقاء بها، والتعلم من أولئك الذين يأتون من مختلف مناحي الحياة، ويمكن أن تزيد هذه التجربة من فهمك للآخرين الذين يختلفون عنك.
إن التعرف على ثقافات وأساليب الحياة التي تختلف عن طرق تربيتك سيزيد من مرونتك الاجتماعية ويوسع رؤيتك للعالم.
سيزيد العمل التطوعي أيضًا من الوعي بالقضايا التي يتعامل معها الآخرون، وسيعزز من المهارات الاجتماعية المهمة مثل التعاطف والعمل الجماعي.
-
تطوير الحياة المهنية
يوفر لك العمل التطوعي مهارات يمكن استخدامها طوال تطور حياتك المهنية، إذا كنت ترغب في الانتقال إلى مهنة جديدة، خاصة وظيفة جديدة ذات تأثير بيئي أو اجتماعي، فإن التطوع في هذا المجال الجديد يمكن أن يساعدك في تطوير المهارات والمعرفة التي ستحتاجها.
عندما تكون لديك خبرة تطوعية لإضافتها إلى سيرتك الذاتية فإنك تبرز على المرشحين للوظائف الذين لا يأخذون الوقت الكافي لرد الجميل للمجتمع؛ فالعمل التطوعي يبرز شخصيتك وشغفك وتصميمك على تحقيق أهدافك.
بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يمنحك التطوع أيضًا فهمًا أفضل للقضايا التي تعمل معها واكتشاف الثغرات في هذا المجال. ويمكن أن تعدك هذه المعرفة للدخول في مجال عمل جديد، وبالنسبة لأولئك الذين يتمتعون بروح ريادة الأعمال قد يؤدي التطوع إلى تطوير فكرة عملك التالية أو إلهامك لبدء منظمة غير ربحية بنفسك.
اقرأ أيضًا:
دور رائد الأعمال في دعم القضايا الاجتماعية
مبادرات المسؤولية الاجتماعية في وزارة الموارد البشرية
المسؤولية الاجتماعية للجامعات السعودية.. جدل البحث والمجتمع
المسؤولية الاجتماعية بالمملكة.. جهود متواصلة
أنماط الحوكمة.. المفاهيم والأبعاد