التعاطف هو جلب حياة الآخرين، طواعية، إليك، ومحاولة رؤية العالم من منظورهم الشخصي، لكن ما علاقة ذلك بمنطق المكسب والخسارة؟ وما الذي يجعل العلاقة بين التعاطف وعالم الأعمال ممكنة من الأساس؟ يمكن القول، ببعض الثقة، إن التعريف الذي سقناه لتونا للتعاطف هو ذاته الذي يحتم علينا تأكيد أن التعاطف يمكن أن يجلب ميزة تنافسية في الأعمال التجارية المختلفة.
إذا كان الجميع يلهث من العنف والقسوة والتمييز السلبي الذي ملأ الكوكب، فمن الممكن أن نذهب نحن في اتجاه مخالف أكثر إيجابية، من جهة، وأكثر نفعًا من الناحية التجارية من جهة أخرى، ولن يكون هذا الذهاب خسارة ولن يجلب لنا الأسى، بل إن النتائج ستكون خلاف ذلك تمامًا.
ناهيك عن أن وضع نفسك موضع الآخرين _الذين هم العملاء المحتملون أو الحاليون_ والتعاطف معهم سيمكنك، كرائد أعمال أو صاحب شركة ما، من فهمهم على النحو الصحيح، ومعرفة ما يريدونه حقًا، وهو الأمر الذي يقودك إلى تحسين منتجك ليتواءم مع حاجاتهم ورغباتهم، ما قد ينعكس إيجابيًا على معدلات المبيعات والتوزيع لديك.
وعلى أي، وإذا لم تكن مقتنعًا بحتمية تجسير تلك العلاقة بين التعاطف وعالم الأعمال فاقرأ السطور التالية؛ كي تدرك تلك القيمة الحقيقية التي يمكن أن يدرها التعاطف على الأعمال التجارية.
اقرأ أيضًا: سر الحفاظ على الإبداع بين الموظفين
التعاطف هو الفهم
يبدأ النجاح من الفهم، وخاصة في عالم المال والأعمال، فطالما أننا نستهدف، بهذا المنتج أو ذاك، شريحة معينة من العملاء، فإن أول خطوة للتأثير فيهم وتلبية رغباتهم وإشباع احتياجاتهم هي فهمهم حقًا، ومعرفة ما الذي يصبون إليه بالفعل.
إذا كان فريق المبيعات الخاص بك لا يفهم حياة عملائك عن كثب، فكيف تتوقع منهم أن يشرحوا كيف تناسب منتجاتك أو خدماتك حياتهم؟! تلك هي قوة التعاطف في العمل.
بيد أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، فحين تتعاطف مع عملائك وتلبي رغباتهم على النحو الذي يطمحون إليه، وعندما تضع نفسك دائمًا مكانهم وتتعاطف معهم، فإنهم سيتحمسون لك، ويدلون رفاقهم ويحيلونهم إليك، وهو الأمر الذي يعني أنك ستكسب عملاء جددًا بشكل مطرد ومن دون جهد يُذكر.
اقرأ أيضًا: خطة تعاقب الموظفين الأكفاء
التوسع والتأثير في الآخرين
في الواقع، إن أكثر ما يصد الناس عن رفض الربط بين التعاطف وعالم الأعمال هو ذاك الفهم الخاطئ الذي لديهم عن التعاطف، والذي هو أبعد من مجرد أنك لطيف أو تراعي مشاعر الآخرين، وإنما هو يعني، كذلك، القدرة على التأثير في الآخرين، وهل لعالم الأعمال من هدف سوى هذا؟!
فطالما أننا تمكنا _كـرواد أعمال أو مسوقين.. إلخ_ من التأثير في الآخرين، بفعل تعاطفنا معهم، فسيمسي من السهل علينا توجيههم الوجهة التي نريد.
يُفهم من هذا أن التعاطف على صعيد الأعمال التجارية يمكّننا من التوسع بمشروعاتنا ومنتجاتنا، وفتح أسواق جديدة، وبالتالي الحصول على أكبر قدر من العملاء والتأثير في سلوكهم، وربما يكون للتعاطف كذلك دور مجتمعي ما؛ طالما أن الشركات امتلكت هذا التأثير القوي في عملائها.
اقرأ أيضًا: الاندماج الوظيفي.. الموظفون والمؤسسة “كيان واحد”
ميزة تنافسية
وإذا كنا نتحدث عن التعاطف وعالم الأعمال فمن الممكن القول، كذلك، إن التعاطف يعتبر بمثابة ميزة تنافسية لتلك الشركات التي تتخذ منه نهجًا واستراتيجية أساسية؛ حيث يمكن لهذه الشركات أن تستقطب أكبر قدر من الكفاءات والموظفين المهرة؛ نظرًا لسمعتها الجيدة في هذا الإطار، ولارتفاع نسب الرضا الوظيفي بين موظفيها.
وإذا كانت هذه ميزة تنافسية على المستوى الداخلي للشركة، فثمة واحدة أخرى على المستوى الخارجي؛ إذ إن الشركة التي تتعاطف مع عملائها وتضع نفسها مكانهم، وتنظر إلى العالم من زاويتهم ستكون أكثر قدرة على الاستحواذ على العملاء من غيرها، ومن ثم ستتمكن من التغلب على منافسيها بسهولة كبيرة.
اقرأ أيضًا: الموظفون الأوفياء كقيمة تسويقية مُضافة
زيادة الإنتاجية
عندما يرى العملاء أن شركتهم متعاطفة معهم، وتلبي رغباتهم على النحو الأمثل، فسينعكس ذلك على ولائهم لها، ومن ثم سترتفع معدلات إنتاجهم، بل سيطمحون إلى الابتكار وتحسين جودة أعمالهم بشكل مستمر.
لكن ليس هذا هو كل شيء، فالموظفون المتعاطفون هم أكثر إنتاجية وابتكارًا من غيرهم، وهذا يعني أنك إذا كنت ترغب في زيادة الكفاءة، وتقديم حلول ناجعة للعملاء، فأنت بحاجة إلى تعيين موظفين متعاطفين مع زملائهم ومع العملاء كذلك.
اقرأ أيضًا:
الوجود النشط للموظفين وتأثيره في معدلات الإنتاج
الذكاء العاطفي وإنتاجية الموظفين.. هل من علاقة؟