إنَّ ما يُتداول حديثًا في مختلف وسائل الإعلام، بالتهديد بفرض عقوبات على السعودية سيؤثر سلبًا على العالم أجمع؛ لما له من تبعات اقتصادية وخيمة على جميع الأصعدة.
يجب على الجميع أن يعي أنّ لدى المملكة سلاحًا اقتصاديًا قويًا؛ وهو النفط, الذي له تأثيره الكبير على العالم أجمع, فتوريط المملكة في قضايا لا علاقة لها بها، سيغير جميع المعادلات، ويقلب الطاولة رأسًا على عقب.
أسعار النفط
تستطيع السعودية خفض ورفع أسعار النفط متى أرادت, فإذا كانت إيران- التي تنتج فقط 3.7 مليون برميل نفط يوميًا- قد أثرت على سعر برنت ورفعته إلى 86 دولارًا, فما بالك بالسعودية التي يُقدَّر مجموع إنتاجها النفطي بنحو 10.7 مليون برميل، علاوة على إنتاج فائض يبلغ 1.3 مليون برميل؛ وهو ما يمكن استخدامه في أي وقت لقلب موازين القوى؛ ما قد يرفع أسعار النفط إلى ما فوق مائة ومائتي دولار للبرميل، بالرغم من أنَّ أسعار النفط تتحدد على أساس العرض والطلب.
تأثير الاقتصاد السعودي
وللسعودية دور كبير في النمو الاقتصادي العالمي, فعندما تراجع الاقتصاد السعودي عام 2016؛ نتيجة تراجع الإنتاج النفطي، تأثرت كل دول العالم، كما تأثرت أيضًا معظم قرارات الاستثمار العالمية؛ لاسيَّما وأنَّ المملكة هي أكبر عاشر مستثمر في أدوات الدين وسندات الخزانة الأمريكية، باستثمارات تبلغ 166.8 مليار دولار, فإذا قررت المملكة بيع ما تملكه من تلك السندات، فسوف يزيد المعروض؛ وبالتالي ترتفع عوائدها بشكل كبير، يليه ارتفاع كلفة الاقتراض على المواطن الأمريكي، وزيادة تكلفة الفائدة المسددة للبنوك؛ ما يعني حدوث أزمة اقتصادية، قد تفوق أزمة الرهن العقاري التي ضربت الاقتصاد الأمريكي عام 2008.
استثمارات المملكة
لقد استثمرت السعودية نحو 400 مليار دولار في أمريكا في عهد الرئيس ترامب، كما أنَّ لها استثمارات في أوروبا وروسيا والصين, فإن تضررت اقتصاديًا لأثر ذلك على العالم أجمع، علمًا بأنَّ أغلب صادرات وواردات المملكة مع دول قارة آسيا؛ حيث تأتي اليابان في المركز الأول كأكبر دول مصدرة للسعودية بحوالي 27 مليار دولار، تليها الصين بحوالي 25 مليار دولار, والتي تأتي أيضًا كأكبر مستورد من السعودية بحوالي 20 مليار دولار، بينما تبلغ صادرات أمريكا للمملكة 19 مليار دولار لتحتل المركز الخامس في هذا الإطار.
التعاون مع آسيا
وتستورد السعودية معظم موادها الغذائية (حوالي 29 مليون طن) بقيمة 80 مليار ريال – وفق أرقام عام 2016 – من دول آسيا؛ لذا تُعد فرص تعزيز التعاون مع دول آسيا كبيرة؛ حيث تمثل الصين سوقًا عالمية ذات فرص نمو هائلة في جميع المجالات التجارية، وقد يكون النفط المنتج الرئيس في تعزيز هذه العلاقة.
مشروع فوجيان
ويُعد مشروع فوجيان الصيني التكاملي الذي تشارك فيه أرامكو مع الصين، توثيقًا للعلاقات السابقة بين البلدين؛ حيث من المقرر زيادة صادرات النفط السعودي للصين إلى مليون برميل يوميًا، بعد الانتهاء من المشروع؛ مايؤكد الدور الكبير الذي تلعبه المملكة في استقرار قرارات منظمة أوبك؛ عبر امتصاص الصدمات الناتجة عن تذبذب سوق النفط العالمي، سواء على مستوى الأسعار أو الإنتاج؛ إذ تحرص السعودية دائمًا على عدم وجود نقص في العرض.
حليف قوي
وأختم بقول ترامب المشهور عن قوة الاقتصاد السعودي، وكيف أن المملكة حليف اقتصادي قوي لا تتحمل أمريكا خسارته: “إذا أوقفنا مبيعات السلاح للسعودية، فإننا نعاقب أنفسنا ونخسر آلاف الوظائف”. ولاشك في أن أمريكا تعي جيدًا قرار السعودية الأخير بشراء نحو 60% من أسلحتها من مصانعها خلال السنوات العشر القادمة، وستبقى العلاقات بينهما- والتي تجاوزت ثمانية عقود- قوية، من الصعب النيل منها أو استهدافها. حفظ الله مملكتنا الحبيبة من كل سوء.