اقتصاد الاشتراكات يتحول من الملكية إلى الوصول. هكذا يجب أن يتأقلم رواد الأعمال. كما توسعت الاشتراكات لتشمل ما هو أبعد من الخدمات الرقمية. لتغطي قطاعات B2C وB2B، حيث تبنى العملاء سهولة الاستخدام والتخصيص والقدرة على التنبؤ التي توفرها.
كذلك يقف وراء هذا النمو تحول اقتصادي أعمق: من التركيز على الملكية إلى إعطاء قيمة أكبر لإمكانية الوصول.
ولتحقيق نجاح طويل الأمد، يجب أن تقدم الشركات خطط اشتراك مرنة. إلى جانب منتجات وخدمات سهلة الاستخدام وتحقق قيمة فورية.
صعود اقتصاد الاشتراكات
هل تتذكر حين كانت «نتفليكس» مجرد خدمة لتأجير أقراص DVD تُرسل إلى المنازل؟ لم يكن ذلك بعيدًا جدًا. إذ لم تتحول الشركة إلى البث المباشر إلا عام 2007.
كذلك في أقل من عقدين، غيرت الخدمات القائمة على الاشتراك طريقة تسوق الناس وترفيههم وعملهم. واليوم، لم تعد الشركات وحدها من تستفيد من الاشتراكات. بل بات الاقتصاد يشهد تحولًا جديدًا مع تجاوزها حدود الخدمات الرقمية.
الخدمات القائمة على الاشتراكات ليست جديدة. فمنذ أوائل القرن التاسع عشر كان الناس يشتركون في المجلات عبر البريد. كذلك في بريطانيا بدأ توزيع الحليب بالاشتراك منذ ستينيات القرن التاسع عشر.
لكن في العقد الماضي فقط، أصبح المصطلح مرادفًا لمجالات واسعة من الإعلام إلى توصيل الوجبات.
كذلك بين عامي 2012 و2018، نمت إيرادات الشركات القائمة على الاشتراكات بمعدل أسرع بخمس مرات من متوسط شركات مؤشر S&P 500.
وبحلول نهاية 2024، أظهرت التقارير أن الأمريكيين ينفقون ما يقارب 1,000 دولار سنويًا على الاشتراكات. مع توقع أن يتجاوز حجم السوق 900 مليار دولار بحلول 2026.
كما أن هذا النمو يعكس بوضوح التحول من اقتصاد يقدّس الملكية إلى اقتصاد يمنح أولوية أكبر للوصول.
من يستفيد من الاشتراكات؟
انتشرت الاشتراكات بين مختلف الشرائح العمرية. فبينما كان الجيل الشاب الأسرع في تبنيها، فقد انضم أغلب المستهلكين بفضل ما توفره من تخصيص وسهولة في التعديل وراحة الاستخدام.
بالنسبة للشركات، توفر الاشتراكات تدفقات إيرادات متوقعة وفرصة غير مسبوقة لتعزيز الولاء. فخدمات البث مثل «نتفليكس» لا تكتفي بتحديد تفضيلات المشتركين بل تمنحهم محتوى يناسب ذوقهم. ما يجعلهم يقضون وقتًا أطول في المنصة.
كذلك وبخلاف الاشتراكات القديمة للمجلات. تستطيع شركات اليوم قياس تفاعل العميل مباشرة: هل شاهد المحتوى المقترح أم لا؟ في الماضي، لم يكن أمام الناشرين سوى انتظار رسائل القراء أو متابعة نسب الإلغاء.
كيف تتغير خدمات الاشتراك؟
لا تقتصر التحولات على قطاع B2C، إذ يشهد قطاع B2B نموًا كبيرًا بفضل نماذج جديدة.
أبرز الاتجاهات:
التنوع:
لم تعد الاشتراكات مقتصرة على مستحضرات التجميل أو بث الأفلام، بل شملت برمجيات، مشاركة السيارات، وحزم الوجبات الجاهزة.
التخصيص المتزايد:
مثل اقتراحات «نتفليكس» الفورية للمستخدمين، وصولًا إلى رسائل البريد التي تعيد تنشيط المشتركين غير النشطين.
المجتمعات حول العلامات التجارية:
وتبني الشركات شبكات تواصل بين المشتركين أنفسهم عبر وسائل التواصل والمنتديات والفعاليات المباشرة، ما يعزز الولاء طويل الأمد.
خدمات اشتراك جديدة
وبما أننا نتحدث عن اقتصاد الاشتراكات فإليك أبرز خدمات الاشتراكات الجديدة:
اشتراكات المواهب (Talent Subscriptions):
أحدثت ثورة في التوظيف، إذ تدفع الشركات رسومًا شهرية للوصول إلى خدمات التوظيف وقت الحاجة. النتيجة: تقليص التكاليف، بناء قاعدة مواهب، وسهولة التوسع. بعض التقديرات تشير إلى توفير %30 – %50 مقارنة بالطرق التقليدية.
اشتراكات الأجهزة (Hardware Subscriptions):
تمامًا كما انتشرت برمجيات SaaS، تمنح الشركات إمكانية الوصول إلى أجهزة مثل الحواسيب من دون استثمار أولي كبير أو التزام طويل الأجل.
اتجاهات اشتراكات المستهلكين
يغطي قطاع B2C اليوم مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات. فيما يلي أبرز التوجهات:
الانتقال من التركيز على الاستقطاب إلى الاحتفاظ بالعملاء عبر حملات إعادة التفاعل.
ازدياد مرونة خطط الاشتراك وسهولة استخدامها.
تحول الاشتراكات التجريبية من أداة لتحويل العملاء إلى وسيلة للاستكشاف والتجربة.
المرونة والتخصيص أساس النجاح
لا تزال خدمات الاشتراك إحدى ركائز التجارة الإلكترونية وعصب اقتصاد الاشتراكات، مع طلب مرتفع في كل من B2B وB2C. لكن النجاح ليس مضمونًا. فقد ارتفعت توقعات العملاء، وعلى الشركات أن تقدم:
خطط اشتراك مرنة.
منتجات وخدمات تحقق قيمة فورية.
والأهم: خدمات شخصية تعزز الولاء والنمو على المدى الطويل.
بقلم: جيسيكا وونغ
المصدر (هنـــــــــــا)