فواز نشار: “فكرة العولمة باتت على المحك والتغير القادم سيكون كوكبيًا”
المهناء: “العمل عن بُعد سيكون الخيار الأمثل للشركات الناشئة”
كتب: لمياء حسن – محمد علواني
حتى أولئك الذين توقعوا تغيرًا جذريًا في نمط العمل وطبيعته، مثل عالم الاجتماع والخبير الاقتصادي Jeremy Rifkin؛ لم يتوقعوا أن يتم الأمر على هذا النحو، ولا من خلال كارثة مثل وباء كورونا؛ إذ لم ينته العمل بفعل الرأسمالية، كما تصور صاحب كتاب The End of Work، ولكن تغيرت طبيعته، وكيفية إنجازه؛ إذ صار العمل الآن يُنجز عن بُعد؛ تفعيلًا لسياسات التباعد الاجتماعي التي فرضها العيش في ظل وباء مثل كورونا. إن ما هو جدير بالمناقشة والنظر هو مستقبل العمل عن بعد كي نتمكن من تلمح ما قد يلوح في الأفق، ونكون قادرين على التأقلم معه.
ومن ناحية أخرى، ولئن كانت الأرض لم تعد مسطحة كما قال Thomas Loren Friedman؛ إذ انكمشت كل دولة على نفسها، فإن العمل عن بُعد أعاد هندسة الكوكب من جديد، صحيح أن العولمة سقطت، أو، على الأقل، باتت على المحك، إلا أن التواصل عبر التقنية وعطاءاتها المختلفة أمسى كثيفًا، وهو أمر معقد بعض الشيء، فالعمل العولمي لم ينته، وإنما بات يتم بطرائق عولمية.
اقرأ أيضًا: إدارة العمل عن بعد.. الشركات الافتراضية كنمط جديد
مستقبل العمل عن بعد
قال فواز محمد علي نشار؛ مدير عام قطاع تطوير الأعمال بغرفة مكة المكرمة خبير التحول الرقمي وتغيير النمط التشغيلي، في تصريحات خاصة لموقع “رواد الأعمال”، إن طبيعة الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تتخذها كل دولة من الدول تتناسب مع طبيعتها الديموجرافية، وظروفها وظروف مواطنيها، ونمط سياساتها العامة الحاكمة لها بشكل خاص.
وأضاف أن طرق التعامل مع أنماط الأزمات المختلفة يتوقف أو يتأثر، على سبيل المثال، بمستوى البنية التحتية الموجودة في كل دولة، ووسائل النقل الموجودة لديها، وتؤثر فيها كذلك، لافتًا إلى أنه لن يكون هناك نمط واحد متبع للتعامل مع أي أزمة من الأزمات، بما فيها أزمة فيروس كورونا الحالي.
وذكر “نشار” أنه طالما كانت أزمة مثل كورونا، تضرب الكرة الأرضية ككل، فمن المؤكد أنه ستكون هناك إعادة نظر في الكثير من الأشياء؛ ومن بينها، بطبيعة الحال، مستقبل العمل عن بُعد، وستطرح الكثير من الأسئلة على غرار: هل من الواجب أن يتم العمل عن بُعد أم سنظل نعمل بالطريقة التقليدية ذاتها؟
اقرأ أيضًا: 5 تطبيقات إلكترونية تُسهل العمل عن بعد
العولمة على المحك
واستطرد مدير عام قطاع تطوير الأعمال بغرفة مكة المكرمة قائلًا: إن فكرة العولمة الحالية باتت على المحك، أو بالأحرى في موضع اختبار، فما من أحد يعمل أو يعيش بمفرده، فالجميع يحيا في فضاءات متداخلة ومتقاربة، ومن ثم سيكون التحول القادم تحولًا كوكبيًا إن جاز القول، وسيكون مستقبل العمل عن بُعد واحدًا من بين الموضوعات والقضايا التي ستُناقش بشدة في المديين المتوسط والبعيد.
وأشار إلى أن هناك الكثير من المعطيات التي ستتغير إن تم التوجه كليًا أو جزئيًا إلى نمط العمل عن بُعد؛ إذ ستتغير آلية العمل ذاتها، وأوقاته، وسبل الدعم الفني، وشتى العمليات التشغيلية، ليس هذا فقط، بل سنلحظ ذاك الأثر في حركة الطائرات والمطارات والسياحة والسفر؛ إذ إننا سنكون بإزاء تغير شبه تمام لنمط الحياة على ظهر هذا الكوكب.
وذهب “نشار” إلى أن خبراء العالم، في شتى بقاع الكرة الأرضية، يعملون، كلٌ في مجال اختصاصه، على استشراف المستقبل، والتوصل إلى الحلول الرقمية التي ستمكّننا فيما بعد من التأقلم مع هذه التحولات المحورية التي ستنجم أو ستتمخض عنها هذه الأزمات وتلك الكوارث.
ولفت إلى أن العمل سيكون واحدًا من بين هذه الأمور التي ستشهد تغيرًا تامًا؛ إذ بفضل هذه الحلول الرقمية، سواء الحالية أو التي سيتم التوصل إليها في المستقبل، سيكون هناك نمط جديد من العمل ومن طريقة أدائه.
اقرأ أيضًا: لمواجهة تهديد «كورونا».. العالم يلجأ لتطبيق العمل عن بعد
تجربة هندية كندية بنسخة عربية
وأشار إلى أن أزمة كورونا الحالية، على سبيل المثال، ستطرح، على الرغم من المآسي التي خلّفتها، جملة من المكاسب، معتبرًا أن أكثر دولتين سوف تستفيدان من هذه الأزمة هما السعودية ومصر؛ إذ إننا سنرى من جديد التجربة الهندية الكندية ولكن بنسخة عربية.
وأوضح أن هذين البلدين سيتعاونان فيما بينها؛ إذ ستقدم مصر الأيدي العاملة والخبرات والمهارات والكفاءات، فيما ستوفر السعودية، لما تتمتع به من بنية تحتية قوية، كل السبل والآليات المناسبة واللازمة لإجراء مثل هذا التحول، وتعزيز مستقبل العمل عن بعد.
وفيما يخص عملية تقييم الموظفين الخاصة بما ينطوي عليه مستقبل العمل عن بعد ، قال خبير التحول الرقمي وتغيير النمط التشغيلي إنه ستكون هناك الكثير من التطبيقات والنظم الإلكترونية والأدوات التقنية التي ستسهّل تقييم عمل الموظفين عن بُعد، ليس هذا فحسب، بل إن هذه النظم وتلك الأدوات سترفع من أداء الموظفين، ومن جودة المنتج الذي يقومون بإنتاجه؛ وذلك بفضل هذه النظم الرقابية والخاصة بالتقييم، وهو الأمر الذي يعني تحقيق مكاسب للشركات والموظفين على حد سواء.
اقرأ أيضًا: العمل في زمن ريادة الأعمال.. تأملات فيما بعد الكورونا
إدارة الأزمات
وذهب مدير عام قطاع تطوير الأعمال في غرفة مكة إلى أنه لن يكون في إمكاننا، الآن على الأقل ونحن في خضم هذه الأزمة، أن نقيّمها، ففي إدارة الأزمات يتعلق الأمر فقط بفكرة حسن الإدارة وتقليل المخاطر فحسب، أما الدروس المستفادة فسيتم التعرف عليها واستنتاجها بعد نهاية الأزمة أو قطع شوط بعيد في عملية التحول التي يجري الاشتغال عليها حاليًا.
مضاعفة التواصل بين الموظفين
من جهته، في تصريحات خاصة لموقع “رواد الأعمال”، رأى علي المهناء؛ رائد الأعمال السعودي، فيما يتعلق بتأثير العمل عن بُعد في الموظفين، أن هذا التأثير سيتمثل في مضاعفة التواصل بين الموظفين بعضهم البعض، كما سيضاعف من متابعة الإدارة العليا للموظفين.
وأضاف أن الكثير من الشركات كانت ترفض مسبقًا فكرة العمل عن بُعد؛ حيث كانوا يحبذون إنجاز الأعمال في المكتب؛ لأن العديد من الوظائف الادارية والالكترونية مثل: التصميم، والتسويق الإلكتروني يمكن العمل فيها عن بُعد، بل يحتمل أن يكون ذلك أفضل للموظف؛ حيث تتاح له فكرة العمل من المكان الذي يعتبر مريحًا له.
ما بعد الكورونا
وفيما يتعلق بما بعد الكورونا ومستقبل العمل عن بُعد بشكل عام، رأى “المهناء” أن هناك بعض الوظائف ستستمر في العمل عن بُعد، بينما لن تلجأ الأخرى الى هذا الخيار؛ وذلك متغير مستقبلي، متوقعًا أن تتحول الكثير من الوظائف إلى العمل عن بُعد كما ستقل تكلفتها، فمن الممكن أن تقلل الشركات من الرواتب حتى يعمل الموظف أو الموظفة على وجه الخصوص وفقا لراحتها في المنزل كما يراه صاحب العمل.
ولفت إلى أن تأثير هذه العملية في السوق سيكون كبيرًا للغاية؛ لأن أغلب الشركات تحبذ العمل عن قرب، كما يلجأون الى المقابلات وجهًا لوجه أو face to face interviews وهذا هو التفضيل العام لهم.
وقال رائد الأعمال السعودي: “بالنسبة لكبرى الشركات التي تتجاوز رؤوس أموالها مئات ملايين الريالات لن تفضل هذا الخيار، وأقصد العمل عن بُعد، بينما الشركات الأقل وهي الـ start ups فأعتقد أنهم لن يمانعوا في العمل عن بُعد وعقد المقابلات بنفس الآلية، واتخاذ هذا القرار؛ وذلك لعدم وجود الجرأة في الكثير من الأوقات، أو خوفهم من عدم توظيف الموظف المناسب”.
اقرأ أيضًا: التعامل مع العملاء عن بعد.. خيار الضرورة!
التوظيف عن بعد
وفيما يتعلق بتطبيقات التوظيف والعمل عن بُعد، لفت “المهناء” إلى أن كثيرًا من الشركات كانت تلجأ إلى طرق التوظيف التقليدية، أو الشركات المختصة؛ كي تمكنهم من العثور على الموظف المناسب؛ موضحًا أن شركات التوظيف عن بُعد نجري تحليل شخصية لكل متقدم للحصول على هذه الوظيفة أو تلك، بالإضافة إلى تقديم استشارات مجانية في كيفية تخطي مقابلة العمل بنجاح، ناهيك عن تقديم خطاب للشركة في حالة القبول أو دخول مقابلة أو في حالة وجود مشكلات بالسيرة الذاتية، إضافة إلى بعض الخدمات التي تتمثل في تحسين السيرة الذاتية بشكل عملي يؤهل الساعين إلى العمل للقبول والحصول على الوظيفة.
وبخصوص دعم الشركات الموظفين عن بُعد، فقال رائد الأعمال السعودي إن هذه الشركات توفر لموظفيها أماكن للعمل، ومكاتب مشتركة، وهناك بعض الشركات تتابع الموظف الذي يتم توظيفه عن بُعد،كما يشمل هذا الأمر الشركات التقنية التي تهتم بالتقنيات الحديثة والبرمجة.
اقرأ أيضًا:
كيف تجعل موظفيك عن بعد جزءًا من فريق العمل؟
«العمل من المنزل».. إيجابيات وسلبيات
ما وراء خطة العمل.. مهارات يحتاجها رواد الأعمال حقًا