قبل عقد من الزمان بدأت تقنية الذكاء الاصطناعي وكأنها خيال علمي لكنها الآن أصبحت واقعًا ملموسًا، ويعود استخدام عبارة “الذكاء الاصطناعي” إلى الخمسينيات، ومنذ ذلك الحين تطورت تلك التكنولوجيا حتى أصبحت جزءًا من مختلف المجالات.
وسيطرت دراسة الشبكات العصبية على تاريخ الذكاء الاصطناعي من الخمسينيات إلى السبعينيات؛ ثم بدأت تطبيقات التعلم الآلي في الظهور خلال العقود الثلاثة التالية، من الثمانينيات إلى عام 2010.
مستقبل الذكاء الاصطناعي
يتوقع أن يشهد مستقبل الذكاء الاصطناعي تطورًا كبيرًا؛ بسبب سماته وفوائده؛ إذ يعمل على التنبؤ بالقضايا المحتملة، وكذلك الكشف عن المشاكل وتوقعها خلال هذه المرحلة، لكنه أيضًا يواجه العديد من التحديات.
يمكن تبسيط مصطلح الذكاء الاصطناعي بأنه فرع من علوم الكمبيوتر الذي يتطلع إلى تحويل أجهزة الكمبيوتر إلى آلات ذكية لن تكون ممكنة دون تدخل بشري مباشر، ومن خلال الاستفادة من الكمبيوتر والخوارزميات المتقدمة يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لإنشاء أنظمة قادرة على محاكاة السلوكيات البشرية.
وتشير تقارير أجنبية إلى احتمالية تنفيذ الاتحاد الأوروبي لائحة الذكاء الاصطناعي التي طال انتظارها؛ ما ينتج عنه زيادة التعقيد القانوني لممارسة الأعمال التجارية بشكل كبير في السنوات الخمس المقبلة.
ووفقًا للإحصاءات الحديثة من المتوقع أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي إلى 190 مليار دولار بحلول عام 2025، فيما وصل الإنفاق العالمي على الأنظمة المعرفية والذكاء الاصطناعي إلى 57.6 مليار دولار بحلول عام 2021، في حين أن 75 % من تطبيقات المؤسسات سوف تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي.
فيما توقعت الإحصاءات أن يُعزز الذكاء الاصطناعي الناتج المحلي الإجمالي الوطني في الصين بنسبة 26.1 % والولايات المتحدة بنسبة 14.5 % بحلول عام 2030.
أما على مستوى الولايات المتحدة فيمثل الذكاء الاصطناعي أولوية استراتيجية لـ 83 % من الشركات، في حين يتطلع 31 % من المتخصصين في الإبداع والتسويق وتكنولوجيا المعلومات إلى الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي على مدى الأشهر الاثنى عشر التالية، بحسب الإحصاءات التي نقلها موقع MyComputerCareer.
ويشير 61 % من محترفي الأعمال إلى الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي كأهم مبادرة للبيانات خلال العام المقبل، بينما يستخدم 95 % من المديرين التنفيذيين في مجال الأعمال، الذين يتمتعون بمهارة في استخدام البيانات الضخمة، تقنيات الذكاء الاصطناعي.
تعكس هذه الإحصاءات مدى أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي للصناعات، ودورها في تحسين صناعة تكنولوجيا المعلومات، وسوف تُستخدم بشكل متزايد لدمج متطلبات توظيف تكنولوجيا المعلومات.
وإحدى الفوائد الرئيسية للأتمتة هي قدرتها على تحقيق الكثير من “العمل القانوني” بالحد الأدنى من التدخل البشري أو دونه، بما يؤدي إلى تحسين عمليات الشركات، ومساعدة المستخدمين في العثور على المنتجات، وتجميع كميات كبيرة من البيانات.
وترى 84 % من الشركات أن الذكاء الاصطناعي يساعدها في الحصول على ميزة تنافسية مع الحفاظ عليها، فيما تعتقد حوالي 75 % من الشركات أن هذه التكنولوجيا ستسمح لها بالانتقال إلى أعمال تجارية ومشاريع جديدة.
أما قادة التكنولوجيا فيعتقد 80 % منهم أن الذكاء الاصطناعي هو وسيلة لتعزيز إنتاجيتهم وتوفير وظائف جديدة، و79 % من المديرين التنفيذيين يرون أن الذكاء الاصطناعي سيجعل وظائفهم أسهل وأكثر كفاءة، في حين يرى 36 % أنه هدف أساسي لتحرير العمال للتركيز على مهام أكثر إبداعًا، ويشير 37 % من مديري التنفيذ إلى أن العقبة الرئيسية أمام تطبيق الذكاء الاصطناعي في مؤسستهم هي أن المديرين لا يفهمون كيفية عمل التقنيات الناشئة.
ويُعرب البعض عن مخاوفهم من أن تحل “الروبوتات” مكان البشر، لكنها مخاوف لا أساس لها من الصحة؛ حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي فائق الذكاء لأداء بعض المهام بطريقة أكثر فعالية لكن دون الاستغناء عن التدخل البشري.
لذا يمكن القول إن نظام الذكاء الاصطناعي يمكنه مساعدة محترفي تكنولوجيا المعلومات في عملياتهم التشغيلية؛ فهو يقدم اقتراحات لتحسين العملية ووضع استراتيجية عمل شاملة.
وتشير التقديرات إلى أن نظام الذكاء الاصطناعي سيكون قادرًا قريبًا على تشغيل وإدارة تطوير البرمجيات، ومساعدة الشركات في اكتشاف الاحتيال، مع توصية لها باستخدام نهج متعدد الطبقات في الكشف عن الاحتيال.
مجالات تتأثر بالذكاء الاصطناعي
وتتعدد مجالات الصناعات التي سيؤثر فيها الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، أهمها:
-
التعليم
من المتوقع أن يُقدم الذكاء الاصطناعي محتوى تعليميًا وتدريبات مصممة خصيصًا لاحتياجات الطلاب بشكل محدد؛ حيث يتيح تحديد الاستراتيجيات التعليمية المثلى استنادًا إلى أساليب التعلم الفردية للطلاب.
-
النقل والمواصلات
سوف يظهر في المستقبل القريب المزيد من المركبات ذاتية القيادة في الاستخدام الخاص والتجاري، وستنتقل من مرحلة السيارات الخاصة إلى الشاحنات التي تحمل البضائع، وصولًا إلى وجود مخططات لتسيير مركبات فضائية إلى القمر.
ويتوقع أن يساهم مستقبل الذكاء الاصطناعي بمجال النقل في الحد من الازدحام والانبعاثات والحوادث.
-
الرعاية الصحية
مستقبل الذكاء الاصطناعي في هذا المجال واعد للغاية؛ حيث من المرجح أن يكون أداة قياسية للأطباء ومساعدي الأطباء المكلفين بالعمل التشخيصي؛ إذ يوفر الذكاء الاصطناعي تشخيصات أسرع وأكثر دقة، وتحسين نتائج المرضى، بالإضافة إلى استخدام الروبوتات لإجراء العمليات الجراحية.
-
الأعمال المصرفية
تشير دراسات إلى أن معظم جوانب الأعمال المصرفية ستشهد تغييرًا بسبب الذكاء الاصطناعي على مدى العقد المقبل؛ حيث يمكن الاعتماد عليه في الأعمال المصرفية والمالية للكشف عن الاحتيال، وتحسين إدارة المخاطر، كذلك تستطيع خوارزميات ML تحليل كميات هائلة من البيانات، وتوفير رؤى حول سلوك العملاء ومخاطر الائتمان وفرص الاستثمار.
-
التسويق
ينتظر المعنيون بقطاع الصناعة أن يضع الذكاء الاصطناعي بصمته في القطاع؛ من خلال تحليل سلوك العملاء وفهم متطلباتهم وتفضيلاتهم ووضع النماذج القائمة على التنبؤ.
-
إدارة الموارد البشرية
يساعد دخول الذكاء الاصطناعي في كيفية توظيف الموظفين وتدريبهم والاحتفاظ بهم، بما يُسهل إدارة الموارد البشرية، كذلك تحسين مشاركة الموظفين وإتاحة فرص جديدة للابتكار والنمو.
بعد أن كان مستقبل الذكاء الاصطناعي غامضًا لدرجة أن البعض اعتبره خطرًا وجوديًا على البشر، فإنه خلال العامين الماضيين اتخذ وجوده في حياتنا اليومية منحنى آخر، واقتصر الخوف من الذكاء الاصطناعي على فكرة الخوف من فقدان المجتمعات البشرية السيطرة على الأنظمة.
ورغم كل ما سبق فإن مستقبل الذكاء الاصطناعي تحيطه مخاطر الخصوصية؛ حيث يشير البعض إلى مخاطر خروقات البيانات، فضلًا عن مخاوف استخدام مراقبة الذكاء الاصطناعي لمعلومات سرية للغاية تشجع على الجريمة والإرهاب، والجانب الأكثر خطورة هو قدرة الذكاء الاصطناعي على إنشاء صور أو مقاطع فيديو أو محتوى مزيف يتعلق بفرد أو منظمة دون القدرة على تتبع المنشئ.
وبالفعل تم اختبار التزام الملايين بحماية الخصوصية على مدى السنوات الخمسين الماضية، ومن المنتظر أن يتم إصدار الذكاء الاصطناعي التوليدي الأكثر تطورًا، مثل DALLE2 والإصدارات المحسنة من GPT، ليكون مستقبل الذكاء الاصطناعي هو الأكثر شيوعًا في الشركات.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال: