لن تسفر محاولة المقارنة بين الذكاء ونوع الجنس، عادة عن نتائج مثمرة، فقد أظهرت عقود من البحث -بصورة قاطعة – أن الرجال والنساء متساوون في الذكاء العام (IQ)، لكن ليست هذه هي الحال عندما يتعلق الأمر بالذكاء العاطفي (EQ)، فهناك فروق خقية وغير خفية في تعبيرات الرجل والمرأة، وفهم العواطف التي يجب استكشافها وفهمها.
تشير أبحاث كثيرة إلى أنّ الذكاء العاطفي (EQ) أمر في غاية الأهمية لأداء الرجال والنساء في العمل؛ لأنه المسؤول عن 58% من الأداء في جميع أنواع الوظائف، فيما وُجد أن90% من أداء كبار المنجزين يكون مرتفعًا في الذكاء العاطفي.
” النساء اللاتي يبحثن عن المساواة مع الرجل ينقصهن الطموح”. – تيموثي ليري.
ولقد أجرى موقع TalentSmart اختبارًا للذكاء العاطفي على أكثر من مليون شخص، فكان للنساء النصيب الأكبر في هذا الاختبار؛ إذ زادت العلامة الإجمالية للذكاء العاطفي لدى النساء عن علامات الرجل ببضع نقاط؛ ما يعتبر من الناحية الإحصائية فارقًا كبيرًا يبين امتلاك النساء مهارات أكبر في استخدام العواطف وتطويعها لصالحهن.
وهذا لا يجيب عن السؤال الملّح : لماذا؟
لتفهم سر تقدم النساء على الرجال في عدد النقاط، نلقي نظرة على العلامات الخاصة بكل من مهارات الذكاء العاطفي حسب نوع الجنس:
1-وعي الذات:
الوعي بالذات هو فهمك لعواطفك فهمًا جيدًا، مع فهمك الجيد لميولك تجاه الأشخاص والأوضاع؛ فذلك هو المكان الوحيد الذي يكون فيه الرجال والنساء متعادلين تمامًا من حيث الدرجات. وكثيرا ما يفترض البعض، أن الرجال لا يمكنهم السيطرة على مشاعرهم أو لا يمكنهم فهمها، لكنّ الأمر بخلاف ذلك. وبطبيعة الحال، يميل الرجال إلى التملص من هذه المعضلة بادعائهم عدم وجود وعي لمشاعرهم؛ وذلك لتجنب أي مساءلة عن أفعالهم.
2-إدارة الذات:
إدارة الذات هي ما تفعله مع عواطفك بمجرد أن تكون واعيًا لها. ومادمت لا تستطيع إخفاء عواطفك، فإن الأمر يتطلب إدارة ذاتك ؛ بتغيير عواطفك إلى السلوك الذي تريده؛ وهو المنطقة التي يحقق فيها الرجال علامات أكثر من النساء. في حالة إدارة الذات، يتوقع غالبًا أن يكون الرجال أكثر عاطفة وأكثر قدرة على السيطرة على مشاعرهم؛ ما قد يفسر سبب إحراز الرجال درجات أعلى قليلًا من النساء.
3-الوعي الاجتماعي:
الوعي الاجتماعي هو الفهم الجيد لعواطف الآخرين وتجاربهم؛ وهو ما يتطلب القدرة على معرفة لغة الجسد والإشارات غير المعلنة. وهذا المجال تسجل فيه النساء درجات أعلى الرجال؛ حيث تكون فيه النساء مهيآت اجتماعيًا منذ الطفولة بطرق لا يستطيع الرجال استخدامها؛ ما يجعل لهن النصيب الأكبر فيما يتعلق بالتوعية الاجتماعية.
4-إدارة العلاقات:
إدارة العلاقات هي قمة الذكاء العاطفي؛ حيث تتطلب استخدام وعي الذات، وإدارة الذات، و الوعي الاجتماعي في الأداء؛ لتحسين علاقاتك مع الآخرين؛ إذ لايمكنك الحصول على أقصى استفادة من تفاعلاتك مع الآخرين؛ حتى تفهم عواطفك جيدًا، وتشير إلى عواطفهم، ثم تستخدم هذه المعرفة لضبط منهجك على الفور. أمّا النساء فلديهم تفوق طفيف في إدارة العلاقات للأسباب الموضّحة في قسم الوعي الاجتماعي أعلاه.
5-الميزات:
يقدم الذكاء العاطفي ميزة كبيرة للمرأة في مكان العمل. وسواء كنت رجلًا أو امرأة فلا تمنِّي نفسك بأنك أحد النماذج العالية للذكاء العاطفي، فالذكاء العاطفي مهارة مرنة يمكنك تحسينها، مع بذل بعض الجهد.
وتحقيقا لهذه الغاية، أقدم لك نصائح، تُحسِّن من ذكائك العاطفي:
1-قلل من تناول الكافيين:
إنّ تناول كميات مفرطة من الكافيين يحفّز على إفراز الأدرينالين الذي هو مصدر استجابة الكر أو الفر؛ تلك الآلية التي تجنّبك التفكير العقلاني لصالح الاستجابة الأسرع لضمان البقاء على قيد الحياة. وهذا أمر مفيد جدًا عندما يصطادك دبّ على سبيل المثال، لكنه ليس كذلك، عندما تستجيب لرسالة بريد إلكتروني مقتضبة. فعندما تفرط في تناول الكافيين فإن العواطف تغزو سلوكك؛ وهو مايدركه جيدًا الأذكياء عاطفيًا.
2-نَمْ جيدًا:
عندما تخلد إلى النوم، يقوم الدماغ بإزالة البروتينات السامة من خلاياه العصبية التي هي منتجات ثانوية ناجمة عن النشاط العصبي عندما تكون مستيقظًا، فإن لم تحصل على قدر كاف من النوم، تبقى هذه البروتينات السامة في خلايا الدماغ؛ فتضعف قدرتك على التفكير. إن قلة النوم تضعف وظيفة الدماغ ، وتقلل من قدرتك على معالجة المعلومات وحل المشكلات التي تواجهك، وتقلل من قدرتك على الإبداع.
3-دعك من الأفكار السلبية:
كلما اجتررت الأفكار السلبية أكثر، كلما شحنت نفسك بالطاقة أكثر، فغالبية أفكارنا السلبية مجرد أفكار لا حقائق. عند الشعور بأن شيئًا يحدث دائمًا أو لا يحدث، فهذا فقط هو الميل الطبيعي لدماغك لإدراك التهديدات. من الناحية العاطفية، يفصل الأذكياء أفكارهم عن الحقائق لكي ينجوا من الدائرة السلبية والتقدم نحو الأمام لنظرة إيجابية جديدة.
4-قدّر قيمة ما تملكه:
إّن قضاء الوقت في تأمل ما كنت ممتنًا منه، ليس الشيء الصحيح ، كما أنّه يحسن مزاجك؛ لأنه يقلّل من ضغط هرمون الكورتيزون بنسبة 23% .
لقد تم إجراء بحث في جامعة كاليفورنيا؛ حيث وجد أن الناس التي تعمل يوميًا لتكريس موقف الامتنان، لاحظوا التحسن في المزاج والطاقة والقوة البدنية؛ لذا من المحتمل أن تلعب المستويات المنخفضة للكورتيزون دورًا كبيرًا في هذا المجال.
______________________________________________
د. تافيس برادبيري
يحمل شهادتي دكتوراها في الطب والصناعة والسيكولوجي التنظيمية من جامعة كاليفورنيا. حائز على جائزة أفضل كتاب مبيعًا بعنوان” الذكاء العاطفي”. مدير ومؤسس موقع: Talent Smart. له كتب مشهورة ترجمت إلى 25 لغة في أكثر من 150 دولة.