عندما يواجه بعض الشباب تحديات عدة يعتبرون هذا الوقت هو المنحة التي يمكنها أن تغيّر حياتهم إلى الأفضل؛ تلك هي الفكرة الأساسية في فيلم Pelli Choopulu من صناعة التيلجو بالجنوب الهندي.
يتناول فيلم Pelli Choopulu القصة الحقيقية لشاب وفتاة قررا خوض المغامرة، اعتمادًا على حدسهما في التعاون المبني على الظروف الطارئة التي مر بها كل منهما، ومنها كانت انطلاقتهما إلى عالم ريادة الأعمال بعربة طعام Spitfire BBQ.
قصة حقيقية
في البداية يعكس تصوير فيلم Pelli Choopulu وألوانه الحياة المملة التي يعاني منها الطرفان، سواء الشاب الكسول “براسانت” والذي يلعب دوره الفنان الشاب “فيجاي ديفاراكوندا”، أو الفتاة التي تركت الأحلام جانبًا، والتي تدعى “شيترا” وتقوم بدورها الفنانة الشابة “ريتو فارما”.
قد ينعكس الملل على نفوس المشاهدين في انتظار الحدث الأبرز في فيلم Pelli Choopulu؛ خاصة أن اللقطات الأولى من الفيلم لا تعكس قوة شخصية كل منهما، بل إنهما فردان من بين الملايين الذين قرروا الزواج المرتب.
وبالتالي يذهب الشاب “براسانت” إلى منزل الفتاة، وخلال الدقائق الأولى من وصوله تحدث مفاجأة صغيرة تساعدهم في التعرف على بعضهما البعض جيدًا، مع طرح السؤال الأهم: لمَ يريد كل منهما الزواج بهذه الطريقة المرتبة؟!
شخصية مذبذبة
من حديث الشاب “براسانت” تظهر شخصيته المذبذبة، وضعفه الكبير وخوفه من والده، يرتدي ملابس بألوان محايدة تؤكد عدم دقته في الاختيارات المتاحة أمامه. درس الهندسة في المرحلة الجامعية؛ لكنه لا يقفه شيئًا في هذا المجال، وبدون أن يدري مرت حياته أمام عينيه دون أن يتذمر حتى، فهو عاشق للنوم والكسل. لكن هل يبدو هذا النموذج مناسبًا لريادة الأعمال؟ هذا ما سيكشفه فيلم Pelli Choopulu لاحقًا.
فتاة طموحة ولكن!
من جهتها، فإن الفتاة تتعرّف على فتى أحلامها الذي يريد الاعتماد على نفسه عن طريق افتتاح مطعم صغير خاص به، يمكنه أن يعزز من فرصه في عالم ريادة الأعمال.
لكن فتاتنا الشغوفة والمجتهدة “شيترا” تقنعه بعربة طعام متنقلة؛ والتي يمكنها أن تكلفهما أموالًا أقل، مع فرص ترويجية أكثر.
قررت الفتاة في يوم من الأيام أن تشتري عربة الطعام هدية له؛ لكنه يسافر بلا رجعة دون أن يعرف نواياها؛ وبالتالي تحطمت أحلامها مع هذه العربة، وقررت أن تكمل دراستها في استراليا؛ إلا أن والدها –والذي أقرضها أموال عربة الطعام– يرفض ذلك، ويقنعها بأن قراراتها كانت الأسوأ، وأنها على أتم الاستعداد للزواج المرتب.
لقاء غريب
ومن هنا كان لقاء “شيترا” بالشاب “براسانت”، الذي عمل بعد فترة من الراحة الطويلة غير المبررة عقب الجامعة، في وظيفة بمركز اتصالات، والذي وفرها له والده بصعوبة؛ حتى يجعل منه رجلًا صالحًا في عالم الأعمال.
كانت حياة الشاب مأساوية، فهو فاقد الشغف بكل شيء ويعيش الأيام الواحد تلو الآخر بروتين قاتل، محاولًا أن يدشن قناته الخاصة على موقع يوتيوب للفيديوهات العالمي، في لقطات كوميدية تكسر حاجز الملل في فيلم Pelli Choopulu؛ إلا أنه يجد بارقة أمل في إعداد الطعام.
أتت رياح “براسانت” بما لا تشتهي نفسه؛ فعدد مشاهدات قناته على موقع يوتيوب لم تكن بالأرقام الكبيرة، وفي الوقت ذاته عارض والده فكرة أن يصبح نجله طاهيًا، وقرر أن يزوجه من فتاة لها من الثراء المادي حظًا ونصيبًا حتى تتغيّر حياته للأبد.
وتلك هي الحالة التي أوصلت بطلا فيلم Pelli Choopulu للقاء بعضهما البعض؛ ليعرفا أن الصدفة لعبت دورًا استثنائيًا في حياتهما، أولًا عندما تعرف “شيترا” أن الوجبة المثالية التي تناولتها في أحد المطاعم من إعداد “براسانت”، وثانيًا عندما يتأكد كل منهما أن الشاب ذهب إلى المنزل الخاطئ للقاء العروس الخاطئة.
رحل الشاب في مشهد ارتباك لسوء التفاهم الذي وقع بين العائلين؛ فعائلته توجهت إلى منزل العروس الصحيح، ليتم اللقاء والاتفاق على الزواج، بينما حرص مخرج فيلم Pelli Choopulu على إدخال بعض الإشارات لصفات الأثرياء –والذي يمثلهم والد العروس– مع عدد من اللقطات الكوميدية التي تخفف من حدة المشاهد، وحس اللامبالاة الذي يعاني منه البطل.
بذرة الفكرة
لم يكن اللقاء ليمر عابرًا بالنسبة للفتاة الطموحة “شيترا” والتي ذهبت إلى “براسانت” بعد ذلك لإقناعه بشراكة جديدة في عربة الطعام؛ حيث إنه عمل يدر عليها الأموال لتعويض ما خسرته بالفعل، ويمكنه أن يحقق حلم الشاب القديم بأن يصبح طاهيًا؛ وبالتالي وكما يقال في الأمثال، سيضربا عصفورين بحجر واحد.
لكنه شاب يكترث فقط بالحرص على عدم العمل واستهلاك الوقت وإهداره دون جدوى، فهو لا يتمتع بصفات ريادية بل إنه يحرص على تعزيز روح اللامبالاة داخله، وفقدان شغفه وعدم اهتمامه بتطوير ذاته يدفعانه إلى الحضيض دائمًا، كما أنه على أتم الاستعداد للزواج من أجل الأموال، والحرص على صرفها دون أن يشقى في الحصول عليها؛ إذن هل يمكن لهذا المثال أن يساعد “شيترا” في تحقيق حلمها بعمل جديد واقتحام عالم المال وريادة الأعمال؟
بالطبع كان رد الشاب براسانت “لا”، فهو يسعى حاليًا للزواج من ابنة الرجل الثري؛ حتى يمكنه أن يضمن البقاء على حاله الكسول لأطول عدد من السنوات، وبطريقة غير مكترثة كان رفضه لعرض إطلاق عربة الطعام في شوارع الجنوب الهندي.
وقبل أن يفرح بخطته الخاطئة واعتقادًا منه بأن الرجل الثري سيزوجه ابنته دون اختبارات أو ثقة فيه، كان لوالد العروس كلمة أخرى، فهو يريد شابًا طموحًا يعلم قيمة الأعمال؛ حتى يمكنه أن يعتمد عليه في إدارة أعماله الكبيرة واستثماراته الضخمة؛ ما دفع الشاب إلى قبول عرض عربة الطعام؛ حيث كان تحت مجهر التدقيق، والنجاح هو الشرط لاستكمال الزواج.
فشل الانطلاقة الأولى
بعد عدد من مشاهد فيلم Pelli Choopulu التي عكست تطورًا بسيطًا في شخصية الشاب وشغفًا يعود إلى حياة الفتاة، وجدت عربة الطعام الطريق إلى النور، بعدما استخدم الأول ما تعلمه من هندسة –وللمرة الأولى في حياته– بالتعاون مع أصدقائه ممن يشاركونه صفات عدم المبالاة.
يغلب الحماس على هذا الجزء من فيلم Pelli Choopulu؛ لكنه لن يدوم طويلًا، خاصة بعدما يكشف الشاب عن معدنه الأصلي في اللامبالاة وعدم قدرته على تحمل المسؤولية؛ حيث كان سببًا في فشل انطلاقة عربة الطعام بل إنه لم يأبه حتى للاعتذار من شريكته.
فرصة ثانية
عادت “شيترا” تجر أذيال الخيبة بعدما وجدت آمالها محطمة بعد الثقة في شخص لا يستحق من جديد؛ لكنها تجد وصفاته المصورة على موقع يوتيوب وتقرر إعطاءه فرصة جديدة.
لم تكتف بطلة فيلم Pelli Choopulu بإعطاء الشاب فرصة للعودة إلى شراكتهما في عربة الطعام فحسب، بل إنها قررت أن تجرب وصفاته وتقنع والده بأن نجله يمكنه أن يتغيّر للأحسن، بينما دفعته للإيمان بحلمه.
طريق ريادي
ذهب ثنائي فيلم Pelli Choopulu في طريق طويل من الكفاح، التجربة، المغامرة، ودراسة المستهلك، حتى وجدت عربتهما للطعام دربًا نحو العملاء، ومن ثم، النجاح وتحقيق الأرباح.
في تلك الرحلة الاستثنائية من العمل على عربة الطعام وتقديم كل ما هو مختلف، متسلحين بالثقة في بعضهما البعض، والكثير من الشغف لفكرتهما سويًا، وجدا الشهرة الكبيرة، ومعها النجاح الأكبر، بينما اكتشفا ما هو أهم من الأموال، وهو الشخصية الجديدة لكل منهما والتي كانت قابعة خلف الروتين وعدم السعي لتحقيق الأحلام.
أصبح الشابان في فيلم Pelli Choopulu من أشهر رواد الأعمال الشباب في الجنوب الهندي؛ ما أعادهما إلى الواقع بعدما كانا في نشوة النجاح والعمل باجتهاد دون كلل أو ملل.
قرار حاسم
ومع مرور هذه الحالة في فيلم Pelli Choopulu حرص المخرج على إدخال الكثير من الألوان، وبالتالي الحياة على فيلم كان في بدايته يعاني من الملل والضحالة.
واستكمالًا لأحداث فيلم Pelli Choopulu، وضعت الحياة كلا الشابين على مفترق طرق؛ للاختيار بين بيع عربة الطعام بمبلغ طائل لأحد المستثمرين –وهو والد عروس براسانت ذاته الذي وافق على الزواج بعد أن شاهد نجاحه– وبين الاستمرار في العمل.
ببعض التفاصيل الدرامية قرر الثنائي أن يتحدا من جديد، والحفاظ على عربة أحلامهما، والبقاء على قيد المنافسة في سوق كبير عرف قدرتهما على التطور وتقديم الأطباق المختلفة بمذاق رائع.
أثارت قصة الثنائي في الحياة الواقعية ضجة كبيرة؛ ما دفع صناع السينما في التيلجو إلى تقديم فيلم Pelli Choopulu عام 2016، والذي حقق نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر رغم ميزانيته الضغيفة، ثم اقتبسته بوليوود أيضًا عام 2018 في فيلم بعنوان Mitron من بطولة چاكي بهاجناني وكريتيكا كارما. كما عمل صنّاع سينما التاميل على تصوير النسخة الخاصة بهم خلال 2020.
ملامح أساسية في فيلم Pelli Choopulu
لم يمر فيلم Pelli Choopulu دون أن يطرح عددًا من التساؤلات والقضايا للمشاهدين؛ حيث أكد عدد من النقاط؛ وهي:
• الشغف:
يُعتبر الشغف أساس التقدم في الحياة، فبدونه يتجرد العالم من مبادئه، ألوانه الأصلية، وتطوره.
• اكتشاف الذات:
يمكن للعمل خارج الصندوق واقتحام عالم ريادة الأعمال أن يساهم في اكتشاف الذات بطريقة صحيحة، ومعرفة المهارات التي يتمتع بها الفرد.
• التجربة واتخاذ القرار بالمغامرة:
قد تبدو الأمور غير واضحة في البداية بالنسبة لأصحاب المشاريع؛ إلا أنه وباتخاذ القرار بالمغامرة والذهاب بالاجتهاد إلى أقصى حد يمكن ضمان النجاح.
• اختيار الشريك المناسب:
في حالة العمل مع شريك يجب اختياره بدقة، فإن صفاته الشخصية تنعكس بالضرورة على المشروع. وإن أخطأ الشخص مرة في البداية يمكن إعطاءه فرصة أخرى لإثبات جدارته بالثقة، وتمتعه بما يتطلبه المشروع للنجاح.
• دراسة الاستثمارات:
تبدو الاستثمارات وصفقات الاستحواذ على الشركات الصغيرة والمشاريع الناشئة خطوة مميزة لحصد الأموال، لكن يجب أن يعلم رائد الأعمال أهمية هذا الاستثمار ويدرسه جيدًا؛ حتى لا يندم فيما بعد.
• العمل من الأرباح:
يظل أصحاب المشاريع ورواد الأعمال يصرفون من أموالهم على مشروعهم خلال الشهور الأولى، وهذا ما أوضحه فيلم Pelli Choopulu، إلا أنه يمكن الاعتماد على الأرباح فقط بعد تسديد كل القروض السابقة وتعويض المصروفات الأولى، وبذلك يتم الحفاظ على رأس المال الأساسي دون المخاطرة به.
اقرأ أيضًا:
الدراما الأوروبية عن رواد الأعمال.. شاشتك لتعلُم العزيمة
مسلسل La Casa de Papel.. الخطة محض كمال
The Pursuit of Happyness ومغامرة اكتشاف الذات