من خلال الاعتقاد الراسخ بأن المعرفة تُشكل المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي استهدفت حكومة المملكة العربية السعودية؛ من خلال مشاريعها الكبرى المعروفة باسم “جيجا بروجيكتس”، تعزيز اقتصاد المعرفة واستثمرت بشكلٍ كبير في تكنولوجيا المعلومات؛ لدفع عجلة التطور الاقتصادي في المملكة.
وبفضل هذه الاستثمارات في المشاريع الكبرى، التي يُديرها صندوق الاستثمارات العامة، شهدت الأصول الخاصة به قفزة هائلة في عام 2023؛ حيث وصلت إلى نحو 2.23 تريليون ريال، بزيادة قدرها 15% مقارنة بعام 2022، ويعود حوالي 68% من هذه الأصول إلى الاستثمارات المحلية، التي تشمل تأسيس 25 شركة، وأضافت نحو 181 ألف وظيفة جديدة، حسبما جاء في التقرير السنوي للصندوق.
أبرز مشاريع رؤية السعودية 2030
-
مشروع نيوم
في مطلع الربع الأخير من عام 2017 أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان؛ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، مشروع “نيوم”، الذي يُعد رمزًا للتحول الاقتصادي والتنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية؛ حيث يُمثل المشروع الضخم، الذي تقدر قيمته بحوالي 500 مليار دولار، محطة رئيسية في خارطة المستقبل الاقتصادي والتنمية المستدامة للمملكة.
يمتد مشروع “نيوم” على ساحل البحر الأحمر، ويتمتع بموقع استراتيجي فريد؛ إذ يمتد ساحله لنحو 468 كيلو مترًا، ويضم 41 جزيرة، بمساحة إجمالية تبلغ 26500 كيلو متر مربع، ويعد هذا المشروع بمثابة حضن للابتكار والاستدامة، حيث يخصص نحو 95% من مساحته لتكون محمية طبيعية؛ ما يضمن الحفاظ على التوازن البيئي.
المشاريع الفرعية من نيوم
١. أوكساجون
تُعتبر “أوكساجون” مدينة صناعية متقدمة تُركز على الاستدامة البيئية واستخدام الطاقة النظيفة، ومن المتوقع استقبال الدفعة الأولى من السكان في عام 2024، كما تسعى المدينة إلى تحقيق مفهوم اقتصاد دائري.
٢. تروجينا
تُمثل تروجينا الوجهة الجبلية الفريدة التي تجمع بين العيش والعمل والسياحة، ومن المقرر افتتاحها في عام 2026؛ حيث تُقدم تجربة فريدة في أعلى ارتفاعاتها التي تصل إلى 2600 متر فوق سطح البحر.
٣. ذا لاين
تَعد”ذا لاين” بأن تكون مدينة بدون شوارع أو سيارات؛ فهي تعتمد كليًا على الطاقة المتجددة، ومن المتوقع افتتاحها للجمهور في عام 2026.
٤. جزيرة سندالة
تُشكل جزيرة سندالة وجهة فاخرة تجمع بين الضيافة العالمية والفخامة، ومن المتوقع أن تستقبل الجزيرة 2400 زائر يوميًا بحلول عام 2028.
ومن المتوقع أن يصل عدد سكان “نيوم” إلى مليون شخص بحلول عام 2030، وتستمر في النمو لتصل إلى تسعة ملايين نسمة في عام 2045. يعتبر هذا المشروع تحفة هندسية واقتصادية تجمع بين الابتكار والاستدامة والتطور الاقتصادي، وهو خطوة نحو مستقبل أفضل للمملكة العربية السعودية.
-
القدية
في خُطوة مُهمة كشف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- عن المخطط الحضري الضخم لمدينة القدية، والتي تطمح لتصبح الوجهة الأبرز على مستوى العالم في مجالات الترفيه والرياضة والثقافة.
تهدف مدينة القدية إلى تحسين جودة الحياة في المملكة، وتعتبر استثمارًا نوعيًا يعكس التزام السعودية بتطوير مشاريع استثمارية ذات جودة عالية.
وهي تمتد على مساحة 360 كيلو مترًا مربعًا وسوف تحتضن ما يزيد على 600 ألف نسمة، مع أكثر من 325 ألف فرصة عمل نوعية؛ حيث يتوقع أن تحقق المدينة زيادة كبيرة في الناتج المحلي، مع استهداف استقبال 48 مليون زائر سنويًا.
وتعتمد مدينة القدية على فكرة اللعب كعنصر حيوي لتنمية المعرفة البشرية والتعبير العاطفي وتعزيز المهارات الاجتماعية والإبداع والصحة البدنية. تأتي العلامة التجارية للقدية لتؤكد هذا المفهوم.
وتقع في قلب جبال طويق، وتتميز بإطلالات استثنائية على المعالم الطبيعية والثروات البيئية الفريدة. تحتوي المدينة على مقر عالمي للألعاب الإلكترونية ومناطق لرياضة السيارات، إضافة إلى مضمار سباقات الفورمولا 1 وملعبين لرياضة الجولف، ومنتزهات ترفيهية أخرى.
ويُتوقع أن تُسهم مدينة القدية بشكلٍ كبير في دعم المشاريع السياحية والاقتصادية في المملكة، كما ستكون عاملًا أساسيًا في تعزيز مكانة الرياض كواحدة من أكبر عواصم الاقتصاد في العالم.
-
روشن
في إطار تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 أعلنت شركة “روشن” عن استراتيجيتها لرفع نسبة امتلاك المواطنين السعوديين لمنازلهم إلى 70% بحلول عام 2030، وذلك من خلال توفير فرص استثمارية متاحة بأسعار السوق وإعادة هيكلة مستقبل المدن بطريقة تجمع بين الأصالة والحياة العصرية.
تأسست “روشن” في عام 2022، ومنذ ذلك الحين تعمل على تنفيذ مشاريعها بفاعلية؛ حيث تستهدف الشركة زراعة مليون شجرة و60 مليون شجيرة، بالإضافة إلى بناء أكثر من 400 ألف منزل بحلول عام 2030، ويُعد هذا التفاعل مع البيئة جزءًا من جهود الشركة للمساهمة في الاستدامة البيئية وتحفيز الاقتصاد.
وهي تسعى إلى جعل مشاريعها صديقة للبيئة، وتسليط الضوء على أهمية استدامة المباني في التطوير الحضري؛ إذ حققت الشركة نجاحًا كبيرًا في السوق خلال السنة ونصف السنة الماضية، وبلغت مبيعاتها حوالي 11 مليار ريال سعودي.
تُعتبر “روشن” جزءًا أساسيًا من رؤية متكاملة تهدف إلى تطوير المدن بشكلٍ يجمع بين التراث الثقافي ومستلزمات الحياة العصرية، كما تشتمل مشاريع الشركة الفرعية مثل: “العروس”، “الفلوة”، “سدرة”، و”وارفة” على خصائص معمارية متميزة، وتتكامل مع الطبيعة المحيطة بها.
وتنفذ حاليًا مشاريعها من خلال استحواذها على 200 مليون متر مربع من الأراضي؛ حيث تنوي بناء 40 ألف وحدة سكنية، وتدعم هذه المشاريع الاقتصاد المحلي وتوفر فرص عمل؛ ما يعزز من آفاق النمو الشامل في المملكة.
-
الدرعية
في خطوة مهمة نحو الاستفادة من التراث الثقافي الغني للمملكة أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان؛ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- في بداية عام 2023 عن إدراج الدرعية في إطار المشاريع الكبرى التي يشرف عليها صندوق الاستثمارات العامة، بتكلفة إجمالية تصل إلى نحو 60 مليار دولار، ويُعتبر هذا القرار خطوة استراتيجية للحفاظ على التراث التاريخي والثقافي للمملكة وجعله وجهة مفضلة للزوار من مختلف أنحاء العالم.
تهدف مبادرة الدرعية إلى فتح أبواب الماضي للزوار؛ ما يمنحهم فرصة لاستكشاف الثقافة والتاريخ الغني للمملكة العربية السعودية. تعتبر الدرعية من المواقع المصنفة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي؛ حيث تحتضن معالم ثقافية وتاريخية يعود تاريخها إلى أكثر من 300 عام.
وتأتي مبادرات الدرعية في سياق رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تحقيق التنوع الاقتصادي والحفاظ على البيئة، كما يتم التركيز على المحافظة على المياه وتعزيز كفاءة الطاقة، بالإضافة إلى دعم مشاريع تحمي الثقافة والتراث.
وتضم المبادرة أكثر من 26 معلمًا ثقافيًا، بالإضافة إلى إنشاء ثلاثة آلاف وحدة سكنية من الطراز النجدي لتحقيق توازن بين التراث والحياة الحديثة، وتشمل المشاريع الفرعية: حي الطريف، ووادي حنيفة، وحي البجيري، وساحة الملك سلمان، وجامعة الملك سلمان، بالإضافة إلى متحف آل سعود.
ويُشكل هذا الاستثمار في الدرعية فرصة لتعزيز السياحة الثقافية وتوفير فرص عمل محلية، وفتح أفق اقتصادي جديد يُسهم في تعزيز النمو الاقتصادي والاستدامة في المملكة.
-
البحر الأحمر
تستعد المملكة العربية السعودية لخوض تحول كبير في مجال السياحة البيئية من خلال مشروع البحر الأحمر العالمي، الذي يهدف إلى بناء قطاع سياحي مستدام يجمع بين الرفاهية والحفاظ على البيئة.
ويُعتبر هذا المشروع خطوة نحو تحقيق رؤية المملكة 2030 وتحويل البحر الأحمر إلى وجهة سياحية فاخرة تعتمد على الابتكار التكنولوجي والاستدامة.
ويقع مشروع البحر الأحمر بين مدينتي أملج والوجه، ويتميز بتطوير 22 جزيرة من أصل 90 جزيرة، مع الحفاظ على 75% من الأراضي البكر، ويتنوع بين الفنادق الفاخرة ووحدات السكن الفاخرة والمراسي البحرية؛ وذلك يوفر تجربة سياحية متنوعة.
ومن بين المشاريع البارزة في المنطقة يبرز مشروع “أمالا” الذي سيعتمد بشكلٍ كامل على الطاقة الشمسية، ويمتد على مساحة 4155 كيلو مترًا مربعًا ويتألف من فنادق فاخرة ووحدات سكنية ومراسي بحرية ونادٍ لليخوت، كما يتوقع أن يكون المشروع خطوة نحو الاستدامة؛ حيث سيوفر نصف مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
وبحلول عام 2030 يتوقع أن يوفر مشروع البحر الأحمر نحو ثمانية آلاف غرفة في 50 فندقًا وألف وحدة سكنية، مستهدفًا استقطاب مليون زائر سنويًا، وهو يتناغم مع رؤية المملكة لتنويع اقتصادها وتعزيز مكانتها كواحدة من الوجهات السياحية المتميزة في العالم.
اقرأ أيضًا:
حصاد السعودية 2023| مبادرة السعودية الخضراء.. إنجازات تاريخية في مجال الاستدامة
حصاد السعودية 2023| المملكة تضخ مليارات الريالات لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة
حصاد السعودية 2023| الجهود البيئية للمملكة.. حماية الكوكب واستدامة موارده