“جورج إيستمان.. هل سمعت هذا الاسم من قبل؟”، في عالم اليوم؛ حيث تُلتقط الملايين من الصور كل دقيقة، نادرًا ما نتوقف لنتأمل في العبقرية التي جعلت هذا الفن ممكنًا.
جورج إيستمان، مؤسس شركة كوداك، وهو الرجل الذي وضع الأساس لهذا العالم الواسع من الصور، لم يكن مجرد مخترع عابر وإنما كان رائدًا غيّر مسار التاريخ بابتكاراته الفريدة في مجال التصوير الفوتوغرافي.
جورج إيستمان .. نشأة مبتكر
في عام 1854 شهدت مدينة ووترفيل بنيويورك ولادة جورج إيستمان، الذي سيصبح فيما بعد العقل المدبر لإحدى أكثر الثورات تأثيرًا في عالم التصوير.
عاش الصغير جورج في كنف أسرة متواضعة؛ حيث كان والده مزارعًا ورجل أعمال ناجحًا، وبعد وفاة والده وجد نفسه مضطرًا لتحمل مسؤولية العائلة؛ ما أجبره على ترك المدرسة والعمل في سن مبكرة.
وظل يحلم بإحداث تغيير حقيقي في العالم، ورأى في التصوير الفوتوغرافي الوسيلة لتحقيق ذلك.
الخطوات الأولى نحو النجاح
كانت رحلة إيستمان إلى سانتو دومينغو نقطة تحول في حياته؛ حيث اشترى كاميرا ضخمة لتوثيق تجاربه، لكنه سرعان ما اكتشف أن استخدامها ليس بالأمر السهل؛ لذا أمضى سنوات في البحث والتطوير، وأخيرًا نجح في ابتكار الشريحة الجافة وآلة لإنتاجها بكميات كبيرة، وذلك بعد عودته إلى الولايات المتحدة؛ ما مهد الطريق لإطلاق شركته “كوداك” وتقديم الكاميرا الصغيرة والمحمولة التي غيّرت وجه التصوير الفوتوغرافي إلى الأبد.
ثورة إيستمان في التصوير
عندما أطلق جورج إيستمان شركة “كوداك” في عام 1880 لم يكن يدرك أنه سيفتح الباب أمام ثورة عالمية في التصوير الفوتوغرافي؛ إذ نتيجة ابتكاره أصبحت الكاميرا الصغيرة والمحمولة التي قدمها للعالم رمزًا للتغيير والتقدم.
“اضغط على الزر، ونحن نتكفل بالباقي” كان هذا الشعار الذي وعد به إيستمان الناس، ووفى به؛ حيث قدمت كوداك كاميرا قادرة على التقاط 100 صورة؛ ما جعل التصوير الفوتوغرافي في متناول الجميع وليس المحترفين فقط.
مثّلت هذه الكاميرات النافذة التي استطاع الناس من خلالها توثيق لحظاتهم الثمينة ومشاركة قصصهم مع العالم، ولم يقتصر الأمر على التقاط الصور وإنما تحول إلى تجربة شخصية غنية بالمعاني والذكريات.
أصبحت الكاميرا أداة للتعبير الإبداعي، ووسيلة للتواصل، وجسرًا يربط بين الثقافات والأجيال، ومن خلال هذه الثورة أصبح كل شخص قادرًا على رواية قصته الخاصة والصور وسيلة للحفاظ على التاريخ ونقله إلى المستقبل.
براءات اختراع
في عام 1884 حصل جورج إيستمان على براءة اختراع لفيلمه الأول، وبعد أربع سنوات طور الكاميرا السوداء الشهيرة لكوداك، باستخدام لفافة فيلم؛ ما جعل التقاط الصور أسهل بكثير.
وبالتعاون مع صديقه ويليام ووكر اخترع حاملًا للفيلم خفيف الوزن يمكن استخدامه داخل أي كاميرا، وحصلا على براءة اختراع لهذا الابتكار في عام 1886؛ وهذا ساهم في جعل التصوير أكثر سهولة ويسر للجميع.
وفي العام نفسه سجل إيستمان علامة كوداك التجارية، والتي أصبحت الأساس الذي بنى عليه إمبراطوريته في عالم التصوير الفوتوغرافي.
تطور شركة كوداك
شركة كوداك، التي أسستها العقلية الابتكارية لجورج إيستمان، بدأت رحلتها في طابق من مبنى صغير في روتشستر بولاية نيويورك، ومن هذا المقر المتواضع نمت الشركة وتوسعت حتى أصبحت رمزًا عالميًا للتصوير الفوتوغرافي.
وهي احتلتموقعًا مهيمنًا في سوق فيلم التصوير الفوتوغرافي، وانتشرت منتجاتها في كل مكان؛ من الكاميرات الأساسية للمستهلكين إلى الأفلام السينمائية المتطورة.
إرث يدوم
توفي جورج إيستمان في عام 1932، لكن الإرث الذي تركه يعيش بيننا حتى اليوم، فشركة “كوداك”، التي بدأت في طابق من مبنى صغير، أصبحت رمزًا للابتكار والتقدم، وعن طريق كاميراتها الثورية أتاحت للأفراد حول العالم إمكانية توثيق لحظاتهم الثمينة بسهولة ويسر.
اليوم وبعد مرور عقود على رحيل إيستمان لا تزال كوداك تحمل الشعلة، مستمرة في إلهام جيل جديد من المصورين والمبدعين.
اقرأ أيضًا مع رواد الأعمال:
عوامل يجب التفكير فيها قبل إطلاق مشروعك التجاري
وظائف إدارة الموارد البشرية.. ما وراء الرواتب