يتطلب التسويق الفعّال فهمًا دقيقًا لعادات المستهلكين، وطرائقهم المختلفة في التعامل مع السلع والخدمات، وهو ما يعني أن تحليل العملاء Customer Analysis ينطوي على أهمية كبيرة في هذا الصدد.
وتنبع أهمية هذا التكنيك من كونه يساعدنا على ترتيب اهتماماتنا بالعملاء، وإعطاء كل صنف من العملاء القدر الذي يستحقه دون الزيادة أو نقصان؛ إذ ليس كل العملاء يتطلبون القدر ذاته من الاهتمام، وهو ما سنبسط القول فيه لاحقًا.
المراحل الخمس:
تمر عملية الشراء بخمس مراحل أساسية قبل الوصول إلى المستخدم النهائي للمنتج، وتتمثل هذه المراحل فيما يلي:
1-البادئ: وهو ذاك الشخص الموجود عند حدوث مشكلة ما، والذي يشرع في البحث عن منتج معين لمعالجة أو حل هذه المشكلة.
2- متخذ القرار: هذا الشخص، هو من يتخذ القرار باقتناء هذا المنتج أو ذاك، بعد إجراء عملية مقارنة مطوّلة بين المنتجات المختلفة.
3- المؤثر: هذا الشخص ليس صاحب قرار نهائي، إنما هو مجرد محفز للدفع نحو عملية الشراء.
4- المشتري: وهو ذاك الذي يقوم بعملية الشراء الفعلية، لكنه ليس شرطًا أن يكون بالضرورة هو المستهلك.
5- المستخدم: هو ذاك المستهلك الفعلي للمنتج، والذي تم جلبه خصيصًا من أجله.
وعلى أي حال، فإن من الجدير ذكره في هذا الصدد: أن هذه المراحل قد لا يقوم بها شخص واحد، بل ربما ينهض بها أكثر من شخص، فضلاً عن أنها، في بعض الأحيان، لا تأخذ وقتًا طويلاً، وقد يقفز المرء من مرحلة إلى أخرى بسرعة كبيرة، وربما يتخطى بعض هذه المراحل، لكن هذا ليس هو عين الصواب.
قرار الشراء:
إن قرار الشراء لا يتم اتخاذه، كما أشرنا إلى ذلك سابقًا، هكذا دفعة واحدة، بل هو كأي قرار حياتي آخر، يخضع لعملية تفكير قد تكون طويلة أو قصيرة، حسب نوع المنتج الذي يُراد شراؤه.
فمثلًا: قرار شراء سيارة أو منزل سيأخذ وقتًا أطول من قرار شراء قميص أو حذاء، فكلما ارتفع سعر المنتج كلما كان الوقت المسُتغرق في التقرير بشأنه أطول والعكس صحيح.
وبعيدًا عن التحديد السابق، فلمعرفة كيفية وصول العملاء إلى اتخاذ قرار الشراء ينبغي الإجابة عن أسئلة من نوع: هل كان هناك بحث عن معلومات؟ وما نوعية هذه المعلومات؟ وكيف جرى هذا البحث؟ وما مقدار الاهتمام الذي أولاه العملاء لعناصر محددة مثل: الجودة، السعر؟ وما الأماكن التي يفضل العملاء الشراء منها؟ وكيف سيستعملون هذا المنتج؟ وما مدى تكرار استعمالهم لهذا المنتج؟
الإجابة عن هذه الأسئلة ستمنحنا العديد من الأجوبة التي سوف تمكننا من رسم صورة عامة عن السوق التي نعمل فيها، أو بالأحرى عن الفئة التي نستهدفها بمنتجاتنا وخدماتنا المختلفة.
مَن الأجدر بالاهتمام؟
الأهمية الأساسية التي تنطوي عليها استراتيجية تحليل العملاء هي تلك التي تتمثل في كونها تساعدنا في توجيه بوصلة اهتماماتنا التسويقية والبيعية، وتحديد الأهم من العملاء فالأهم.
ولكي نوفر على أنفسنا عناء نمذجة العملاء ووضعتهم في قوالب متفرعة ومتعددة، سنشير إلى أربعة أنماط معينة، وهو ما يعرف في أدبيات المبيعات والتسويق بـ Account Opportunity Model، وفي هذا النموذج يتم تصنيف العملاء على النحو التالي:
1- Strategic Accounts: هذه الطائفة من العملاء هي الأهم على الإطلاق، فهم عِماد الشركة، وهوامش أرباحها الأساسية يتم الحصول عليها من هؤلاء العملاء، وبالتالي فمن المتعين على هذه المؤسسة أو تلك أن تحمي هذا النوع من العملاء من المنافسين، وأن تلبي رغباتهم بالطريقة المثلى، وأن تكون دائمًا عند توقعاتهم، بل تتفوق عليها إن شاءت.
2- Problem Accounts: هذا النوع من العملاء جذاب بالنسبة للشركة، وهم كالطائفة الأولى، إلا أن الفارق بينهما أن هؤلاء يعانون من بعض المشكلات مع الشركة؛ ما يحتم عليها وضع الخطط والاستراتيجيات وبذل المزيد من الجهد؛ بغية حل هذه المشكلات، ونقلهم إلى الطائفة الأولى، وجعلهم Strategic Accounts.
3- Hold Accounts: هذا النوع من العملاء يرغب في التعامل مع الشركة، لكن هذه الأخيرة تضعهم على قوائم الانتظار (يحدث هذا في الغالب مع الشركات الكبرى فحسب)، وهو نمط من العملاء ينطوي على أهمية متوسطة.
لكن يجب على فرق التسويق والمبيعات أن تضع هذا النمط تحت الملاحظة الدقيقة طوال الوقت؛ فربما تتغير معطيات السوق، ويصبح هذا النوع من العملاء مهمًا أو ذا جاذبية بيعية أو تسويقية بالنسبة للشركة في وقت محدد.
4- Drag Accounts: هذا النمط هو في ذيل اهتمامات الشركة، وإنما تأتي عدم أهميتهم من أن الخطط والنفقات التي ستُنفق من أجلهم ستكون أقل من معدلات الأرباح التي يمكن الحصول عليها من خلالهم.
اعرف عميلك:
غاية ما نود قوله هنا: إن معرفة العملاء، وتحليل مدى أهميتهم، ستجعلنا نسير بخطى وئيدة وثابتة على طريق تحقيق الأرباح، وبالتالي فإنه لا مناص من المعرفة الدقيقة بالعملاء، وأنماطهم المختلفة، وحتى عاداتهم الشرائية؛ والهدف من ذلك كله هو تحديد أنسب الطرق للوصول إلى النقطة الأساسية، وهي إشباع رغبات العملاء بأفضل وأنسب الطرق.
اقرأ أيضًا:
المزيج التسويقي.. كيف تكسب ولاء العملاء؟