إن إدراك الفرق بين الخطر والمخاطر يُمكّن رواد الأعمال والمديرين من تحليل التحديات بشكل أفضل، وتطوير خطط فعّالة لإدارة المخاطر، وتحقيق النجاح على المدى الطويل.
ورغم استخدام هذين المصطلحين بشكل متبادل أحيانًا فإنهما يختلفان اختلافًا جوهريًا من حيث طبيعتهما وتأثيرهما في مسار الأعمال.
يشير الخطر إلى حدث محتمل قد يلحق الضرر بالمنشأة، بينما تمثل المخاطر مزيجًا من المخاطر المحتملة واحتمالية حدوثها. بمعنى آخر: يعد الخطر عنصرًا واحدًا ضمن مكونات المخاطر.
ويساعد فهم الفرق بين الخطر والمخاطر في تحسين عملية اتخاذ القرارات بمختلف مجالات العمل. على سبيل المثال: عند إطلاق منتج جديد يمكن تحليل المخاطر المحتملة، مثل: ضعف الطلب أو ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتطوير خطط للتخفيف من حدتها أو تجنبها كليًا.
وتعد إدارة المخاطر عملية ضرورية لضمان استمرارية وازدهار أي منشأة. وبفضل فهم دقيق لأنواع المخاطر واحتمالية حدوثها يمكن وضع استراتيجيات فعّالة للتخفيف من حدتها، مثل: التأمين أو التنويع في الاستثمارات؛ ما يقلل من تأثير الأحداث غير المتوقعة في مسار العمل.
ما هو الخطر؟
يشكل الخطر في مكان العمل تهديدًا حقيقيًا لصحة وسلامة العمال. وتتنوع المخاطر في بيئة العمل لتشمل مختلف العوامل الميكانيكية، والكيميائية، والفيزيائية، والبيئية، والنفسية، فضلًا عن المخاطر الكهربائية.
ويعد التعرف على هذه المخاطر وفهم كيفية السيطرة عليها أمرًا بالغ الأهمية لضمان بيئة عمل آمنة؛ حيث تشير الإحصائيات إلى أن العديد من الحوادث والإصابات في العمل ناتجة عن نقص الوعي بالمخاطر وطرق التعامل معها.
ففي قطاع البناء -على سبيل المثال- تعد السلالم من أكثر المخاطر شيوعًا؛ إذ يمكن أن تسبب الانزلاق، أو التعثر، أو السقوط؛ ما يؤكد ضرورة تدريب العاملين على سلامة استخدام السلالم لتجنب المخاطر المحتملة.
ولا شك أن الوقاية من مخاطر العمل مسؤولية مشتركة بين صاحب العمل والعاملين؛ فيجب على صاحب العمل توفير بيئة عمل آمنة.
بينما ينبغي على العاملين اتباع إرشادات السلامة والوقاية من المخاطر، وبفضل التعاون والوعي تتوفر بيئة عمل آمنة تسهم في تحسين الإنتاجية وتقليل مخاطر الحوادث.
ما هي المخاطر؟
في كل مكان عمل توجد مخاطر محتملة قد تلحق الضرر بالعاملين أو تعوق سير العمل، تشمل هذه المخاطر العوامل الجسدية مثل: الضوضاء المفرطة أو درجات الحرارة المرتفعة، والعوامل الكيميائية مثل: المواد الخطرة أو السامة، والعوامل النفسية مثل: التوتر أو الإجهاد.
يُشكل تقييم المخاطر خطوة أساسية لضمان بيئة عمل آمنة. تهدف هذه العملية إلى تحديد المخاطر الموجودة في مكان العمل، وتقييم مدى خطورتها، ووضع خطط فعّالة للحد من تلك المخاطر أو القضاء عليها.
لنفترض أن موظفًا ما يعمل في مجال اللحام بالنفخ يعد هذا العمل محفوفًا بالمخاطر، مثل: احتمال التعرض للحروق أو نشوب حريق. من خلال تقييم المخاطر يمكن تحديد مدى خطورتها.
على سبيل المثال: قد يُظهر التقييم أن احتمال حدوث حريق ضئيل في حالة اتباع الموظف لإجراءات السلامة بشكل صحيح. لكن عند وقوع حريق ربما تصبح العواقب وخيمة؛ ما يتطلب وجود خطط طوارئ للتعامل مع مثل هذه الحالات.
الفرق بين الخطر والمخاطر
يُشكل قطاع البناء بيئة عمل فريدة مليئة بالمخاطر المحتملة التي تهدد سلامة وصحة العمال. إن فهم وإدارة هذه المخاطر بفعالية أمر ضروري لضمان بيئة عمل آمنة ومنتجة.
وغالبًا ما يتم استخدام مصطلحي “الخطر” و”المخاطر” بشكل متبادل في هذا المجال، بينما لكل منهما معنى ودور محدد في تقييم ومعالجة المخاطر بموقع العمل.
فهم الفروق الدقيقة
- الخطر: يشير إلى عامل موجود في بيئة العمل لديه القدرة على التسبب في ضرر أو إصابة. بمعنى آخر: هو التهديد المحتمل. يمكن أن تشمل المخاطر أمثلة مثل: مخاطر جسدية، ومخاطر كيميائية، ومخاطر بيولوجية، ومخاطر ميكانيكية، ومخاطر كهربائية، ومخاطر بيئية.
- المخاطر: تمثل النتائج السلبية التي قد تنجم عن تحقق الخطر. بعبارة أخرى: هي الضرر أو الأذى الذي قد يحدث بالفعل. على سبيل المثال: قد يؤدي خطر السقوط من ارتفاع إلى مخاطر الإصابة بجروح خطيرة أو الوفاة.
الفرق العملي
لنفترض وجود حفرة مفتوحة في موقع العمل فهي تُمثل الحفرة خطرًا؛ حيث تعد تهديدًا محتملًا للسقوط والإصابة. أما المخاطر فهي النتائج السلبية التي قد تنجم عن السقوط في الحفرة، مثل: الإصابات الجسدية أو الوفاة.
إجراءات التحكم في المخاطر
تُعرف إدارة المخاطر بأنها ركيزة أساسية لضمان سلامة المشاريع، وتشمل مجموعة من الإجراءات المتبعة لتحديد المخاطر المحتملة وتقييمها والتحكم فيها.
وتساهم هذه الإجراءات في تقليل احتمالية وقوع الحوادث والإصابات؛ ما يعزز بيئة عمل آمنة ويقلل من التأثيرات السلبية في سير المشروع.
وتشمل بعض إجراءات التحكم في المخاطر الشائعة:
- تحليل سلامة الوظيفة (JSA): يعد منهجًا لتقييم مهام البناء؛ حيث يتم تحديد جميع المخاطر المحتملة لكل مهمة وتحديد إجراءات الوقاية المناسبة.
- تحليل مخاطر الوظيفة (JHA): يركز هذا النهج على تقييم المخاطر المرتبطة بمهام العمل قبل بدء تنفيذها. ويهتم بتحديد العلاقة بين العامل والمهمة والأدوات والبيئة المحيطة. مع وضع خطط للتخفيف من المخاطر أو القضاء عليها.
- تقييم مخاطر السلامة: يمثل نهجًا منهجيًا للتخفيف من مخاطر الصحة والسلامة في مكان العمل، ويتضمن تحديد المخاطر، وتقييمها، وتنفيذ إجراءات التحكم، وتوثيق النتائج. ومراجعة إجراءات التحكم بشكل دوري.
- تقييم المخاطر: هو تحديد المخاطر المحتملة، وتقييمها، وإدارتها بشكل فعّال ضمن مراحل التصميم والتخطيط للمشروع. ويشمل دمج عناصر تحكم مناسبة للتخفيف من المخاطر.
- مصفوفة المخاطر: أداة مرئية تستخدم لفهم المخاطر المحتملة في مشروع البناء. وتشمل احتمال حدوثها وشدتها. وتصنف المخاطر حسب مستوى الخطر، وهذا يساعد في تحديد أولويات إجراءات التحكم.
إن الوعي بالمخاطر الشائعة وفهم مخاطرها يعد عاملًا أساسيًا في تقليل احتمالات وقوع الحوادث في موقع العمل.
وتساهم إجراءات التحكم في المخاطر، مثل: تحليل المخاطر وتقييمها، في بناء برامج سلامة فعّالة تعزز بيئة عمل آمنة وتقلل من التأثيرات السلبية في سير المشروع.
في الختام نؤكد أهمية فهم وإدارة مخاطر بيئة العمل بفعالية لضمان سلامة وصحة العمال، وتعزيز الإنتاجية، وتحقيق النجاح المستدام. إن الفرق بين الخطر والمخاطر يُشكل حجر الأساس لبناء استراتيجيات فعّالة للتحكم بالمخاطر.
تعليق واحد
موضوع الفرق بين الخطر والمخاطر كان جميل جداً واضاف لنا الشي الكثير