لا يستقيم العالم، إن رمت الدقة والأمانة، بعيدًا عن التفكير الناقد؛ إذ من دونه ستجد نفسك دمية بيد الأهواء الشخصية والانفعالات، ولن يكون لحياتك إيقاع واحد، صحيح أنه من المنطقي ألا يحكم حياتك إيقاع واحد وإلا ستكون رتيبة، لكن الفكرة أن اعتمادك على المنطق في كل تفكيرك سيكون هو الإطار الحاكم لقراراتك، حتى وإن اختلف الإيقاع.
التفكير الناقد والمنطقي مريح من جهة أنه يضمن لك السير في الجادة الصحيحة، والحق أن هذا النمط من التفكير، الذي له تاريخ طويل وثمة سيل من الكتابات فيه لكتاب وفلاسفة ومفكرين، أمسى مهمًا في هذه المرحلة أكثر من أي وقت مضى.
فها هو كريس بوترافكا؛ المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Music Firsthand، يقول: إن “القدرة على التفكير النقدي أصبحت أكثر أهمية الآن مما كانت عليه في أي وقت مضى؛ كل شيء في خطر إذا لم نتعلم جميعًا التفكير بشكل نقدي”.
ويؤكد أنه إذا كان الناس لا يستطيعون التفكير بشكل نقدي فهم لا يقللون فقط من احتمالات النجاح في أعمالهم، بل يصبحون أيضًا عرضة لأشياء مثل الاحتيال والتلاعب.
اقرأ أيضًا: كيف تكون مدونًا ناجحًا؟
ما هو التفكير الناقد؟
يعرّف التفكير الناقد بأنه عملية تحليل الحقائق؛ لفهم مشكلة أو موضوع بدقة، وتتضمن عملية التفكير النقدي عدة خطوات سنأتي على ذكرها بعد قليل.
إذًا التفكير الناقد هو عبارة عن استفراغ الجهد في الإحاطة بكل أبعاد القضية أو الموقف الذي نحن بصدده، ثم تحليل وتفسير هذه البيانات، على أن يتم الخروج في نهاية المطاف بقرار حكيم، اعتمادًا على هذه الخطوات سالفة الذكر.
ومما لا شك فيه أن عملية التفكير الناقد يجب أن تتم بشكل موضوعي؛ أي بدون تأثر بالمشاعر الشخصية أو الآراء أو التحيزات، على أن يتم التركيز فقط على المعلومات الواقعية.
من هذه الزاوية يمكن اعتبار التفكير النقدي _ويسمى التأملي أحيانًا_ مرادفًا للموضوعية؛ فأن تنحي أهواءك ومشاعرك وآراءك الشخصية جانبًا، وتصب كل تركيزك على الوقائع يعني أنك مفكر موضوعي، لكن تلك مسألة ثار حولها جدل كبير، حتى لقد أدعى البعض أن الموضوعية شيء محال، وتلك مسألة لا يسعنا بسطها في هذا المقام.
وبعيدًا عن هذا يمكن القول إن التفكير النقدي هو عملية منضبطة فكريًا؛ لوضع المفاهيم، وتطبيق، وتحليل، وتوليف، وتقييم المعلومات الناتجة عن الملاحظة، والخبرة، والتفكير، والاستدلال، أو الاتصال، تلك المفاهيم التي سيتم اتخاذها كدليل للاعتقاد أو العمل.
اقرأ أيضًا: “التحسين الذاتي”.. خطوات أساسية لتطبيقه
كيف تفكر نقديًا؟
لكن معرفتك بماهية التفكير الناقد لا تضمن لك القدرة على استخدامه؛ لذا سيحاول «رواد الأعمال» بيان خطوات التفكير النقدي، وذلك على النحو التالي..
فأول خطوة عليك النهوض بها هي تحديد المشكلة أو القضية التي تؤرقك في العمل، وتلك خطوة تأسيسية، وإن زلت قدمك فيها فسيكون كل ما يأتي بعدها خطأ ومحض حرث في المياه.
وبعد ذلك تحاول استنتاج الأسباب التي تقف وراء وجود هذه المشكلة، والكيفيات التي يمكن من خلالها حل هذه المشكلة، ثم _وتلك مرحلة عملية حتى النخاع ويتم فيها تنحية كل آرائك المسبقة جانبًا_ يتم جمع المعلومات أو البيانات حول القضية من خلال البحث الدقيق والمستفيض.
وكلما كان نفسك في البحث طويلًا وكلما كنت صبورًا وغير متعجل للقفز على النتائج أو الوصول إلى خلاصات متعجلة، صرت حكيمًا في تفكيرك، وبالتالي ستكون قراراتك صائبة ودقيقة.
وعملية التفكير الناقد لم تنته بعد، وإنما ستأتي المرحلة اللاحقة، والتي يتم فها تنظيم وفرز البيانات والنتائج الأولية التي قد توصلت إليها من خلال مرحلة البحث، ثم تحاول تطوير مجموعة من الحلول، وتطبيقها واحدًا تلو الآخر.
وذلك على أن تقوم بتحليل الحلول التي نجحت وتلك التي لم تنجح؛ أي أنك تفحص الحلول ذاتها؛ كيما تتمكن من تحديد أفضل هذه الحلول، ومعرفة طرق تحسين أفضلها.
اقرأ أيضًا: يوم الصداقة.. المهنية أمام العلاقات الإنسانية لرواد الأعمال
مهارات التفكير الناقد
ونرصد طائفة من مهارات التفكير الناقد وذلك على النحو التالي..
-
الملاحظة
الملاحظة هي نقطة البداية للتفكير النقدي؛ حيث يمكن للأشخاص الملتزمين الإحساس بمشكلة جديدة وتحديدها بسرعة.
وإذا كنت قادرًا على الملاحظة فستكون قادرًا على فهم سبب وجود مشكلة ما، حتى إنك قد تكون قادرًا على التنبؤ بالمشكلة قبل حدوثها.
-
التحليل
وطالما أنك حددت المشكلة فلا بد من أن يكون التحليل ضروريًا؛ حيث تتضمن هذه المهارة القدرة على تحليل الموقف، وتقييمه بشكل فعال لمعرفة الحقائق، أو البيانات، أو المعلومات المهمة حول المشكلة.
ويتضمن هذا أيضًا في كثير من الأحيان جمع بحث غير متحيز، وطرح أسئلة ذات صلة حول البيانات؛ للتأكد من دقتها وتقييم النتائج بموضوعية.
-
حل المشكلات
حل المشكلات مهارة من مهارات التفكير الناقد لكنها أيضًا إحدى نتائجه؛ فطالما أنك اعتمدت هذه المنهجية في التفكير فسيكون من المنطقي التوصل إلى حل للمشكلات التي تعاني منها هذه المؤسسة أو تلك.
اقرأ أيضًا:
الحاجة إلى تطوير الذات في عالم العمل المتغير
مهارات لتطوير الذات يمكنها أن تغيّر حياتك
5 أسباب تجعل الأمهات رائدات في عالم الشركات الناشئة