اعتمدت شركات كبرى سياسة منح الرؤساء التنفيذيين مكافآت ضخمة تعرف باسم “الحوافز القمرية” (Moonshot Pay Packages). حيث تسير تلك الشركات على خطى إيلون ماسك في تسلا. ذلك على الرغم من تحذيرات الخبراء من أن هذه السياسة سوف تحدث خللًا في توازن منظومة التعويضات المؤسسية.
على سبيل المثال، تجسد قصة ريك سميث، الرئيس التنفيذي لشركة أكسون إنتربرايز (Axon Enterprise)، هذه الظاهرة الجديدة.
بدأ “سميث” يفكر في خطته المستقبلية وخليفته المحتمل بعد نحو ثلاثة عقود قضاها في الشركة. وهو ما دفع مجلس الإدارة، برئاسة هادي بارتوفي، إلى إيجاد طريقة تشجعه على البقاء ودفع الشركة إلى مستويات أعلى.
ومن هنا جاءت فكرة “الحوافز القمرية” المماثل لنموذج مكافآت إيلون ماسك في تسلا، ولكن على نطاق أصغر.
يتمثل التحدي أمام “سميث” في زيادة القيمة السوقية لشركة تصنيع الأسلحة الصاعقة وكاميرات الجسم بواقع عشرة أضعاف خلال عشر سنوات، بدءًا من عام 2018.
كذلك، تقدر كل زيادة مليار دولار كانت تمنحه دفعة جديدة من خيارات الأسهم بواقع 12 دفعة في المجموع. وصولًا إلى قيمة سوقية 13.5 مليار دولار.
وفي الوقت ذاته، لم يكن “سميث” يتقاضى أي مكافآت أو حوافز مالية، وسجل راتبه السنوي نحو 31 ألف دولار فقط.
أيضًا عارضت زوجته الخطة خوفًا من المخاوف المتعلقة بالأمر، ومع ذلك تمكن من أن يحقق ما لم يتوقعه أحد.
وخلال خمس سنوات فقط، حقق “سميث” جميع الأهداف، ما جعله أعلى المديرين التنفيذيين أجرًا في عام 2023 بتعويضات بلغت 165 مليون دولار، ذلك عقب ارتفاع سهم أكسون بأكثر من 600% منذ إطلاق الخطة.
ومع ذلك، تفاوض “سميث” على خفض قدره 88 مليون دولار من خطته الجديدة الممتدة حتى عام 2030، وطلب تحويل هذا المبلغ إلى منح أسهم للموظفين الأقل أجرًا في الشركة تقديرًا لجهودهم.
ما المقصود بالحوافز القمرية؟
تعتبر هذه الحزم نوعا جديدًا من تعويضات الأداء شديدة المخاطر. حيث ترتبط مكافآت المدير التنفيذي بأهداف شبه مستحيلة. مثل مضاعفة القيمة السوقية أو الإيرادات عدة مرات.
وقد جاءت هذه الفكرة بعد تطبيق ماسك لهذه الخطة في تسلا عام 2017، التي كانت تقدر بنحو 56 مليار دولار قبل أن يتم حذفها لأسباب قانونية.
وفي السياق ذاته، أوضح إريك هوفمان؛ نائب رئيس شركة Farient Advisors للاستشارات التعويضية، أن هذه الخطط تختلف عن المنح التقليدية. حيث تربط المكافأة بتحقيق مؤشرات أداء طموحة للغاية على مدى خمس إلى عشر سنوات، وليس ثلاث سنوات كما هو معتاد.
وقال هوفمان: “يجب أن يكون تحقيق هذه الجوائز صعبًا جدًا. وعلى المدير أن يخلق قيمة استثنائية كي يستحقها”.
من ناحية أخرى، تتكون حزم التعويض التقليدية للمديرين التنفيذيين من راتب أساسي، ومكافأة نقدية سنوية، وحوافز طويلة الأمد مرتبطة بالأداء.
وأظهرت بيانات شركة Equilar إلى أن متوسط تعويضات الرؤساء التنفيذيين لشركات مؤشر S&P 500 سجل 17.1 مليون دولار في عام 2024. أي زيادة بواقع 10% عن العام الماضي.
أما بالنسبة للحوافز القمرية، تفتح الباب أمام نوع جديد من الثراء السريع استنادا إلى تحقيق قفزات غير مسبوقة في تقييم الشركات، كما تشجع المديرين على التفكير بأسلوب مؤسسي أكثر جرأة.
مميزات وعيوب الحوافز القمرية
كذلك، وصف تود سيراس، المدير في شركة Semler Brossy للاستشارات، هذه الخطط بأنها رهان بمبالغ فلكية على شخص واحد”.
وأضاف: “نحن لا نستثمر في آلات بل في بشر، والبشر عاطفيون ومتقلبون. لذا، الاستثمار في شخص واحد يحمل مخاطرة أكبر من الاستثمار في أي أصل آخر”.
أيضًا، انحصرت الحوافز القمرية على مؤسسي الشركات قبل طرحها للاكتتاب العام، ومع ذلك بدأ التوجه الجديد في الانتشار حتى بين الشركات المدرجة.
كما أشار بحث صادر عن Farient Advisors إلى أن 16 شركة كبرى فقط تطبق هذه السياسة، من بينها Airbnb وDoorDash وOracle وServiceNow وRH.
بالتالي، حضرت لجان التعويض في الشركات الكبرى محادثات قادمة مع المديرين التنفيذيين الذين يفضلون اعتماد سياسة الحوافز القمرية.
من ناحية أخرى، يحذر هوفمان من أن هذه الخطة ليست في مصلحة الشركات أو مساهميها، قائلا: “الكثير من هذه الخطط تبدو كأنها لعبة حظ. إما الفوز الكامل أو لا شيء”.
ردود فعل المستثمرين
بالإضافة إلى ذلك، أثارت هذه الخطط جدلا واسعا بين المستثمرين.
ففي عام 2021، منحت شركة Corpay مديرها التنفيذي رونالد كلارك 850 ألف سهم بقيمة 55.6 مليون دولار. لكن بعد إخفاقه في تحقيق أهداف سعر السهم، خفف مجلس الإدارة معايير التقييم لتسهيل حصوله على المكافأة. ما جعل البعض يتساءل حول العدالة والمساءلة في منظومة التعويضات.
المقال الأصلي: من هنـا