شهدت المملكة العربية السعودية في السنوات الماضية بتوجيه ودعم مباشر من خادم الحرمين الشريفين من نهضة وإنجازات كبيرة في شتى المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية والخدمية. في مجال الاقتصادي والاستثمار، لقد تبنت المملكة سياسة شاملة للإصلاح الاقتصادي؛ وذلك تماشياً مع التطورات الاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية. وقد هدفت هذه الخطوات إلى بناء اقتصاد وطني فاعل ومنتج قادر على التعامل مع المتغيرات والمستجدات الاقتصادية الداخلية والخارجية؛ وذلك من خلال توسيع ورفع الكفاءة الإنتاجية لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني وتحقيق الاستغلال والتوظيف الأمثل للموارد المتاحة. كما تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وإيجاد الفرص الوظيفية للمواطنين، وتأهيل وتدريب العمالة الوطنية، وفسح المجال أمام الاستثمارات الخاصة والأجنبية، وتنمية الصادرات، وتوثيق العلاقات التجارية، ورفع المستوى المعيشي لجميع أفراد المجتمع.
تسعى الدولة من هذه الإصلاحات إلى رفع تنافسية المملكة دوليا في جذب الاستثمار وتوفير المناخ الاستثماري الملائم للقطاع الخاص وإتاحة الفرص الاستثمارية الواعدة لتفعيل دوره التنموي في مختلف مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. يُعد القطاع الخاص محور عملية التنمية وأساسها لمختلف القطاعات الاقتصادية في عديد من الدول، وذلك لما يتمتع به هذا القطاع عادة من إمكانات كبيرة في رأس المال، وخبرات استثمارية، وقدرات تنافسية، وكفاءات إدارية. ويمثل القطاع الخاص في المملكة من الشركات الصغيرة والمتوسطة أحد الركائز الأساسية في التنمية ونمو الاقتصاد السعودي، ويُعول عليه كثيراً للقيام بدور حقيقي وكبير في التنمية. وقد أولت خطط التنمية المتتابعة في المملكة أهمية خاصة لزيادة إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، بهدف توسيع نطاق مشاركته في المشاريع المنتجة، وتشجيع رأس المال، بشقيه الوطني والأجنبي في الاستثمار المحلي. تتصف البيئة الاستثمارية في المملكة بالبيئة الجاذبة، رغبة من حكومة خادم الحرمين الشريفين في زيادة مستوى النشاط الاقتصادي في المملكة، وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في تنمية وتطوير الاقتصاد الوطني، ولإتاحة فرص أكبر لمشاركة المستثمرين الأجانب، تمت الموافقة على نظام الاستثمار الأجنبي الصادر في 5/1/ 1421هـ، الذي يمتاز بعديد من المزايا للمستثمرين الأجانب، منها ما يلي:
– سرعة البت في طلبات الاستثمار، بحيث يتم البت فيها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استيفاء المستندات المطلوبة.
– يجوز للمستثمر الأجنبي الحصول على أكثر من ترخيص في أنشطة مختلفة.
ج- يجوز أن تكون الاستثمارات الأجنبية التي يرخص لها للعمل إما منشآت مملوكة لمستثمر وطني ومستثمر أجنبي، أو منشآت مملوكة بالكامل لمستثمر أجنبي.
د- يتمتع المشروع المرخص له بموجب هذا النظام بجميع المزايا والحوافز والضمانات التي يتمتع بها المشروع الوطني.
هـ – توفر الهيئة العامة للاستثمار للمستثمرين جميع المعلومات والاحصاءات اللازمة، كما تقدم لهم كل الخدمات والإجراءات لتسهيل وإنجاز جميع المعاملات المتعلقة بالاستثمارات.
وحرصاً على توفير المناخ الملائم للمستثمرين الأجانب، فقد صدر بتاريخ 8/4/1421هـ قرار مجلس الوزراء القاضي بالموافقة على نظام تملك غير السعوديين للعقار واستثماره، ومن أهم ما جاء في هذا النظام ما يلي:
– يجوز للمستثمر غير السعودي المرخص له بمزاولة أي نشاط مهني أو حرفي أو اقتصادي تملك العقار اللازم لمزاولة ذلك النشاط، وذلك بعد موافقة الجهة التي أصدرت الترخيص.
– يسمح للأشخاص غير السعوديين المقيمين في المملكة إقامة نظامية بتملك العقار لسكنهم الخاص، وذلك بعد الترخيص لهم من وزارة الداخلية.
ج- إذا كان الترخيص يشمل شراء مبانِ أو أراض لإقامة مبان عليها واستثمارها بالبيع أو التأجير فيجب ألا تقل التكلفة الإجمالية للمشروع أرضاً وبناءً عن ثلاثين مليون ريال، كما يشترط أن يتم استثمار ذلك العقار خلال خمس سنوات من ملكيته.
على ضوء النتائج حققت المملكة العربية السعودية المركز الـ(49) على مستوى العالم وتحافظ على موقع الصدارة إقليميا بعد لإمارات في تقرير “ممارسة أنشطة الأعمال 2015م” الذي أصدرته مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي. ويُعد هذا التقرير، الذي يغطي (189) دولة، أحد الوسائل الاسترشادية في تقييم مدى تأثير الأنظمة والإجراءات المتصلة بأنشطة الأعمال في أي دولة على التنمية الاقتصادية في تلك الدولة كونه يحدد معايير موضوعية لممارسة الأعمال ويقيس مدى فاعليتها. وتتبع أهمية هذا التقرير كونه يشكل حافزا لكل الدول للإسراع في إجراء الإصلاحات الاقتصادية؛ ما ينعكس على انتعاش الاقتصاد العالمي من جهة سهولة ممارسة أنشطة الأعمال بما يعقده من مقارنات بين الدول التي يشملها التقرير. ويستند مشروع تقرير ممارسة أنشطة الأعمال إلى جهود أكثر من (6700) خبير محلي، منهم مستشارو أعمال، واقتصاديون، ومسؤولون حكوميون، ومحامون، ومحاسبون، وأكاديميون بارزون من جميع أنحاء العالم. ختاما، تسعى المملكة دوماً إلى إيجاد مناخ استثماري يتسم بالمرونة والاستقرار مع تقليل المعوقات والإجراءات غير الضرورية؛ وذلك من خلال مراجعة مستمرة لأداء القوانين الاقتصادية النافذة من أجل تحسينها وملاءمتها وجعلها مرنة وحساسة للمستثمر المحلي والأجنبي، وتهدف من ذلك إلى إحداث نقلة اقتصادية نوعية.