يظهر الاحتراق الوظيفي في صورة شعور دائم بالإرهاق والانفصال العاطفي عن العمل. مع صعوبة في إنجاز المهام بكفاءة. وبحسب منظمة الصحة العالمية، يصنَّف الاحتراق الوظيفي باعتباره «ظاهرة مهنية». تتجاوز كونه مشكلة شخصية إلى أن يصبح تحديًا تجاريًا.
وتشير دراسة نشرت عام 2025 في المجلة الأمريكية للطب الوقائي، إلى أن الاحتراق الوظيفي يكلّف الشركات الأمريكية ما بين 4,000، و21,000 دولار عن كل موظف سنويًا. أي ما يصل إلى 5 ملايين دولار سنويًا لشركة متوسطة تضم ألف موظف.
أتمتة المهام
لمواجهة هذه الظاهرة، تلجأ شركات عدة إلى أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «شات جي بي تي» و«كوبايلوت» لأتمتة المهام المتكررة وتلخيص المعلومات والمساعدة في إدارة المشاريع. ووفقًا لدراسة عالمية لجامعة ملبورن وشركة «كي بي إم جي» شملت أكثر من 32 ألف موظف من 47 دولة، فإن 58% من الموظفين يستخدمون الذكاء الاصطناعي عمدًا في عملهم، ويستخدمه ثلثهم أسبوعيًا أو يوميًا.
لكن مع ذلك، ما يزال كثير من الموظفين يهدرون 2.6 ساعة يوميًا (نحو 13 ساعة أسبوعيًا، أي ثلث أسبوع العمل تقريبًا) في مهام يمكن للذكاء الاصطناعي إنجازها بسهولة، بحسب استطلاع شمل 2,500 موظف وقادة تقنيين أجرته شركتا «غو تو» و«ورك بليس إنتليجنس».
الذكاء الاصطناعي وجدواه
وصفت الدكتورة جينا غلوفر، كبيرة الأطباء في «هيدسبيس»، الذكاء الاصطناعي بأنه «رفيق مساعد جدًا». مضيفة: «يمكنه التخفيف من أعباء معرفية كبيرة كانت تستهلك وقتًا وجهدًا تاريخيًا».
تظهر الأبحاث أن أماكن العمل التي تعتمد على أدوات الذكاء الاصطناعي شهدت انخفاضًا بنسبة 25% في الإرهاق العاطفي، وفقًا لمسح أجري في فبراير 2025 على 200 متخصص في تكنولوجيا المعلومات. كما تمكنت الأنظمة من تحديد 30% من المشاركين المعرضين للاحتراق الوظيفي استنادًا إلى عوامل مثل طول ساعات العمل وانخفاض التفاعل. ما أتاح تطبيق إستراتيجيات تدخل مبكر.
يقول فرانسيس هيليير؛ الرئيس التنفيذي لمنصة «تيكادو» العالمية للسفر والتجارب المدعومة بالذكاء الاصطناعي: «يمكن للذكاء الاصطناعي تقليل التوتر عبر تقديم تذكيرات شخصية للموظفين. مثل اقتراح فترات راحة قصيرة أو إعادة توزيع عبء العمل».
وتضيف غلوفر أن الذكاء الاصطناعي يساعد أيضًا في متابعة توازن عبء العمل بشكل دوري، والتدخل عند وجود اختلال. وإجراء استطلاعات قصيرة لقياس الحالة المزاجية؛ ما يساهم في تعزيز رفاهية الفرق.
من جهتها، ترى كارولين ستوكس، خبيرة القيادة والمؤلفة، أن «شات جي بي تي» يمكن أن يكون «شريكًا مذهلًا في التفكير». مضيفة: «الأمر لا يقتصر على تطوير المهارات، بل هو إعادة ابتكار. إذا كان الناس مستعدين للعمل، فقد يكون هذا أكبر فرصة في عصرنا».
الاحتراق الوظيفي
وتشير بيانات من منصة «كوانتوم وورك بليس» إلى جانب آخر من الصورة: 45% من الموظفين الأمريكيين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي بكثرة أكثر عرضة للاحتراق الوظيفي. مقابل 38% من المستخدمين بشكل أقل، و35% من غير المستخدمين.
تحذر ستوكس من أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي طوال يوم العمل قد يكون مرهقًا للدماغ مثل قضاء تسع ساعات متواصلة في صالة الألعاب الرياضية. مؤكدة على الحاجة إلى فترات للراحة وإعادة الشحن.
وتبقى معرفة كيفية استخدام هذه الأدوات تحديًا إضافيًا؛ إذ لا يتقن جميع الموظفين التعامل معها بكفاءة. ما يضيف ضغطًا فوق أعباء العمل القائمة. وتضيف غلوفر: «بدلًا من تخفيف العبء، قد يفتح الذكاء الاصطناعي مجالًا لمزيد من المهام تلقى على عاتق الموظفين».
المصدر (هنــــــــــــا)