أفنان الشعيبي، استطاعت أن تكون الأمين العام والرئيس التنفيذي للغرفة التجارية العربية البريطانية بلندن، كيف وصلت لهذا المنصب؟ وما هي حكايتها؟ وبأي الطرق وصلت لما هي فيه؟، والعديد من الأسئلة تجيب عليها بكل وضوح من خلال هذا الحوار:
أين وكيف نشأت أفنان الشعيبي؟
ولدت في مكة المكرمة، وحصلت على بكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة الملك سعود بالرياض، ثم ماجستير الإدارة التربوية من الجامعة الأمريكية بواشنطن، ثم الدكتوراة في الإدارة القيادية من جامعة جورج واشنطن.
كيف استطعتِ الدراسة في الخارج في وقت كانت فيه الأسر السعودية تتخوف من ذلك ؟
ولدت وترعرعت في كنف أسرة تهتم كثيرًا بتربية أبنائها على العلم والمعرفة. انطلقت رحلتي في الحياة بمبدأ إزالة الحواجز التي تفصل بين الناس، والتعرف على حضارات وثقافات الشعوب. ولم تجد أسرتي مانعًا من تعليمي بالخارج بل حرصت على تشجيعي وتقديم الوسائل لنجاحي، وخاصة عندما قُبلت أنا وأخي في إحدى جامعات واشنطن لنكمل دراساتنا العليا.
تجربة حافلة بالتحديات
ماذا عن أهم المحطات العملية التي ساهمت في بناء شخصيتك؟
أهم المحطات العملية كانت أثناء دراستي في الولايات المتحدة، وتحديدًا عندما كنت أعمل في برنامج العمل التابع للجامعة (Co-op Education) والذي كان يحفز الطالب على العمل في مجال مرتبط بدراسته. وفي نهاية كل فصل دراسي، يتم تقييم أداء الطالب بناءً على دارسته وخبرته العملية. كانت تجربتي حافلة بالتحديات، لكن كان لها الدور الأكبر في صقل شخصيتي المهنية، بل كانت بمثابة حجر الأساس الذي اعتمدت عليه فيما بعد في حياتي العملية.
كيف يمكن للمرأة السعودية أن تقود التغيير الاجتماعي في الحياة؟
مُنحت المرأة السعودية الكثير من الفرص، وفُتح لها العديد من الأبواب التي ساهمت في تطورها، مع الحفاظ على خصوصية مجتمعنا الثقافية والدينية. ولم تبخل الدولة على المرأة السعودية ماديًا ولا معنويًا، بل أمنّت لها كافة وسائل النجاح، والتي منها على سبيل المثال فرص الابتعاث للدراسة في الخارج. وانخرطت المرأة السعودية في الحياة العملية والمهنية وفي عدة مجالات، كمشاركتها مؤخرًا في الهيئات الحكومية ومجلس الشورى، ودخولها مجالات الطب والهندسة والتعليم والبحث وغيرها.
وتجيد المرأة السعودية استخدام أدواتها والفرص المتاحة، واستثمار الثقة الممنوحة لها؛ لذا أبدعت في شتى مجالات الحياة بمساندة المجتمع بشكل عام، والأهل بشكل خاص.
المرأة الحديدية
لقبت بالمرأة الحديدية، ما سرّ هذا اللقب؟
أول مرة اسمع بهذا اللقب، ولكن إذا كان المقصود منه القوة والصلابة في العمل وتأدية الأمانة التي وكلنا بها وتحقيق الأهداف المرجوة، فلا بأس بذلك، علمًا بأنني لست ممن يحبذون الألقاب.
أرضية صلبة
ما تقييمك لسيدات الأعمال السعوديات قياسًا بنظيراتهن في الغرب؟
سيدات الأعمال السعوديات بلغنّ مستويات عالية من المهنية، وتزداد المرأة السعودية قوة وإصرارًا في إظهار مواهبها ونجاحاتها في مجال العمل الاقتصادي؛ لأن المرأة السعودية تقف على أرضية صلبة من الدعم المادي والمعنوي الذي تتلقاه من قبل الأهل والمجتمع.
وبالرغم من ذلك، لم تتخلَ سيدة الأعمال السعودية عن مسؤولياتها العائلية والمجتمعية الأخرى، بل على العكس،تتجمل بها وتستمد منها القوة والنجاح.
قصة نجاحي
حدثينا عن قصة نجاحك في الوصول لمنصب الأمين العام والرئيس التنفيذي للغرفة منذ عام 2007 وإعادة ترشيحك للمنصب في عام 2013، ولغاية اليوم؟
ان قصة نجاحي هي فضل من رب العالمين، ثم دعاء الوالدين ودعمهما، ثم ثمرة الجهد والمثابرة في العلم والعمل. وقد شُرفت بإعادة انتخابي لدورة ثانية وثالثة وأتمنى أن يوفقني الله وأكون عند حسن الظن.
نظرة الغرب للسعودية غالبًا ما تركز حول كبت المجتمع للمرأة ، فما مدى مساهمتك في تغيير هذه الصورة؟
كيف أكون امرأة مكبوتة وجاهلة في الوقت الذي أكملت فيه دراساتي العليا في الخارج بمنحة دراسية من بلدي، ومعي آلاف الطالبات اللواتي يدرسن في الخارج كل عام؟! وكيف أصل لمنصب الأمين العام والرئيس التنفيذي لغرفة التجارة العربية البريطانية بلندن؟! إن للمرأة السعودية دورًا كبيرًا في مسيرة الاقتصاد السعودي بمساهمتها في دفع عجلة التنمية الاقتصادية بمشاركة في سوق العمل تبلغ نسبتها 22%، مع وجود تصورات طموحة بزيادة هذه النسبة خلال السنوات القليلة القادمة. كذلك، تُشكل المرأة نحو 50% من إجمالي عدد خريجي الجامعات، ما يؤهلها لاحتلال مكانة كبيرة في سوق العمل.
إن نظرة الغرب السلبية للمرأة السعودية خطأ كبير يعود إلى التأثر بما يبثه الإعلام، لاسيما ذلك الذي لا يعكس الحقيقة الكاملة عن حياة المرأة في العالم العربي.
ولا يرغب الغرب في تغيير الصورة النمطية السلبية عن المرأة العربية بشكل عام والمرأة السعودية بشكل خاص، بل يصرون على اعتبارنا دولًا متخلفة. لقد تطور المجتمع السعودي والمرأة بشكل كبير؛ إذ تتمتع المرأة بمساندة كبيرة لتصل لأعلى المراتب. وأؤكد أنه ليست مهمتنا تغيير هذه الصورة النمطية، بل علينا الاستمرار والحفاظ على نجاحاتنا، وأن نسعى إلى مزيد من التفوق والازدهار.
دور الغرفة
ما الدور الذي تلعبه غرفة التجارة العربية البريطانية على مستوى الخدمات التي تقدم للمنطقة العربية؟
منذ أن تأسست غرفة التجارة العربية البريطانية عام ١٩٧٥ وهي تدعم وتشجع التبادل التجاري والاستثماري بين العالم العربي وبريطانيا؛ إذ تسلط الضوء باستمرار على الفرص الناشئة للتجارة والاستثمار من خلال مجموعة مميزة من الأنشطة والفعاليات التي تنظمها الغرفة مع شركائها، وبدعم ورعاية جهات ومؤسسات كبيرة، على مدار السنة. وتعمل الغرفة من خلال نشاطاتها وفعالياتها العديدة على توسيع دائرة التواصل بين الشركات البريطانية ورجال الأعمال والهيئات الحكومية المعنية في البلاد العربية.
وتؤدي الغرفة دورًا مهمًا في الترويج لعلاقات التجارة والاستثمار الثنائية بين بريطانيا والبلاد العربية عبر التعاون مع الوزارات وهيئات التجارة والاستثمار الرسمية والبعثات الدبلوماسية العربية في لندن وغرف التجارة البريطانية وجامعة الدول العربية وكبريات الشركات العربية وغرف التجارة في العالم العربي.
وقد تطورت الغرفة بشكل حثيث؛ كي تواكب التطورات المستمرة في عالم المال والأعمال؛ إذ تحرص على التحديث التكنولوجي لخدماتها لمواكبة المتطلبات العصرية في مجال الأعمال، وتنظيم الفعاليات المهمة التي أصبحت عنصر جذب أساسيًا لقطاع الأعمال البريطاني وعلى مائدة المسؤولين سواء في المملكة المتحدة أو الدول العربية، إضافة إلى الحملات التجارية والاستثمارية التي تنظمها الغرفة لزيارة الدول العربية وحضور كبريات الفعاليات التي تقام فيها.
ما تمنياتك للمرأة السعودية ؟
أتمنى للمرأة السعودية مزيدًا من النجاح. وأؤكد أنه لا يمكن مقارنة المرأة العربية بشكل عام مع المرأة الغربية فلكل مجتمع خصوصيته، إلا أن المرأة السعودية تشهد تحولًا لافتًا للنظر وتغيرًا كبيرًا في أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية. وقد جاء هذا كنتيجة حتمية للتطورات التي شهدتها المملكة في كافة نواحي الحياة؛ حيث تتبوأ المرأة السعودية دورًا محوريًا في البرنامج الوطني التنموي المتكامل الذي تتبعه في التوظيف الأمثل للموارد البشرية في المملكة، وبما يتناسب مع دورها ولا يتعارض مع ثقافتنا الإسلامية.
ما قراءاتك للوضع العام في المملكة اقتصاديًا وما الذي تساهمين به من موقعك؟
تمثل المملكة “أقوى اقتصاد عربي” على الإطلاق، وتأتي في مرتبة متقدمة بين مجموعة 183 دولة من ناحية سهولة قيام الشركات والأفراد بأعمال تجارية. وللمملكة اليوم “رؤية 2030” ، والتي عبّر عنها سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان- حفظه الله، والتي تعنى بجيل الشباب من رواد الأعمال. وتتضمن “رؤية 2030” خططًا واستراتيجيات لدعم المشروعات الناشئة الواعدة؛ إذ شهدنا ابتكارات وإبداعات كثير من الشباب في انجاز مشاريع رائدة تضاهي بأهميتها مشاريع الشباب على نطاق العالم.
ومن خلال موقعي، أتمنى أن تتاح فرص أكبر لشبابنا وشاباتنا لعرض أفكارهم الخلاقة ومشاريعهم الخاصة المبدعة إلى جوار الشباب من كافة دول العالم في معارض دولية تعطي هؤلاء المبدعين حقهم في الوصول إلى منابر عالمية.
كلمة توجهينها لوطنك؟
أدعو الله العلي القدير أن يحفظ بلادنا وولي أمرنا وأن يمتعه بالصحة والعافية وأن يجزيه خير الجزاء لما يبذلوه لراحة أبناء هذا الشعب الوفي، وأن يديم الله علينا نعمة الأمن والأمان. كما أدعو الله أن يوفقني الى مايحبه ويرضاه، وأن أكون دائمًا في خدمة الوطن الغالي.