تحل ذكرى اليوم الوطني 95، هذا العام 2025، تحت شعار “عزنا بطبعنا”، مجسدة مسيرة وطن كتب مجده بإرادة لا تلين، في حين تعد تلك الذكرى الغالية التي توافق 25 سبتمبر من كل عام، مناسبة فريدة لاستذكار الإنجازات الوطنية.
والتي لم تقتصر على البعد التاريخي فقط، بل امتدت لتشمل قفزات نوعية بقطاعات حيوية، وفي مقدمتها قطاع ريادة الأعمال الذي بات ركيزة أساسية في بناء اقتصاد مستدام.
كما يتزامن اليوم الوطني مع حقبة جديدة من التطور والازدهار، تعكس الإنجازات الأخيرة للمملكة وضع الأسس الصحيحة لتوسيع دائرة الابتكار وتعزيز مكانة الريادة عالميًا.
ويظهر الاحتفال باليوم الوطني، أن الحاضر هو امتداد طبيعي لماضٍ مشرق، وأن الرؤية المستقبلية للمملكة تستند إلى قيم ثابتة وإرادة صلبة.
ريادة الأعمال في قلب الرؤية
يكتسب استعراض واقع ريادة الأعمال في ذكرى اليوم الوطني 95 أهمية خاصة، ليس فقط لأنه يظهر ما تحقق من قفزات نوعية خلال السنوات الأخيرة. بل لأنه يوضح أيضًا حجم الثقة المتنامية في البيئة الاستثمارية السعودية.
وبفضل البرامج الوطنية الطموحة، والدعم المؤسسي المتواصل، والتمويلات التي تفتح آفاقًا أوسع، بات رواد الأعمال يملكون أدوات أقوى لتأسيس مشاريعهم وتنميتها.
وهكذا يتضح أن المملكة تسير بخطوات ثابتة نحو المستقبل؛ حيث يشكل الاستثمار في العقول والمواهب وقودًا لاستدامة النمو وتحقيق مستهدفات رؤية 2030.
ففي السنوات الأخير، حققت المملكة قفزات نوعية في دعم وتمكين رواد الأعمال، خصوصًا منذ إطلاق رؤية 2030 عام 2016. والتي وضعت تمكين ريادة الأعمال وتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة كأحد المحاور الرئيسة لتنويع الاقتصاد الوطني.
قفزات نوعية في منظومة الابتكار
تظهر الأرقام والإحصاءات أن عام 2025 شهد قفزات نوعية في منظومة ريادة الأعمال السعودية. فبحلول منتصف العام، وصل عدد الشركات الناشئة الأجنبية الحاصلة على ترخيص “ريادي” من وزارة الاستثمار إلى 550 شركة. بزيادة نسبتها 118% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وفقًا للبيانات المفتوحة الصادرة عن وزارة الاستثمار.
كذلك، منحت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” 364 ترخيصًا لحاضنات ومسرعات أعمال. وهو ما ساعد في دعم رواد الأعمال وتمكينهم خلال مراحل تأسيس وتنمية مشاريعهم.
“دولة العام 2025” في ريادة الأعمال
تصدرت السعودية العالم في نمو منظومة الابتكار وريادة الأعمال، وفق تقرير “StartupBlink” لعام 2025. وتم اختيارها “دولة العام 2025″؛ ما يعكس بيئة ريادية متطورة وجاذبة للاستثمارات.
كما ذكر التقرير أن مدينة الرياض سجلت أعلى معدل نمو عالمي في منظومة الابتكار وريادة الأعمال ضمن أفضل 100 مدينة. مع مراكز متقدمة في تقنيات النانو والنقل والتمويل.
وفي مارس 2025، جمعت الشركات الناشئة السعودية نحو أكثر من 8 ملايين دولار في جولات تمويل. ما يدل على نشاط استثماري متصاعد.
تسهيلات حكومية ودعم مؤسسي
حلت المملكة في المرتبة الرابعة عالميًا والثانية عربيًا في مؤشر ريادة الأعمال لعام 2024/2025، مسجلةً 6.3 نقطة، متقدمة ضمن بيئة الأعمال غير النفطية. كما تم توفير تسهيلات كبيرة عبر منصة تسجيل الشركات؛ ما قلل الإجراءات البيروقراطية وساهم في تأسيس الشركات بسهولة.
علاوة على ذلك، تعمل الحكومة على دعم ريادة الأعمال من خلال برامج، مثل “نماء” وصناديق الدعم، وحاضنات، مثل: “بادر” و”Oqal” التي تقدم التمويل والتدريب. هذه الجهود تعزز من قدرة رواد الأعمال على تحقيق أحلامهم، وتقدم لهم الدعم اللازم للتوسع في مشاريعهم.
بنك التنمية الاجتماعية محرك للنمو الشامل
يعد بنك التنمية الاجتماعية محركًا رئيسًا لنمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ حيث قدم تمويلات بقيمة إجمالية بلغت 6.5 مليار ريال منذ بداية عام 2025، وحتى نهاية الربع الثالث. استفاد من هذه التمويلات أكثر من 90 ألف مواطن ومنشأة من مختلف مناطق المملكة.
وتفصيلًا لهذه التمويلات، خصص البنك 2.5 مليار ريال لدعم العمل الحر والأسر المنتجة. بينما قدم 2.4 مليار ريال لتمويل المنشآت الصغيرة والناشئة، إضافة إلى 1.6 مليار ريال للتمويل الاجتماعي. تلك المبالغ تقدم دعمًا حيويًا لمختلف شرائح المجتمع، وتعزز قدرة الأفراد على تحقيق الاستقلال المالي.
استثمار في التقنية والألعاب الإلكترونية
يخطط بنك التنمية الاجتماعية لضخ 30 مليار ريال خلال السنوات الثلاث المقبلة. مع تركيز خاص على دعم رائدات الأعمال والاستثمار في قطاعات واعدة، مثل: التقنية والألعاب الإلكترونية. وتبرهن هذه الخطة على أن البنك يواكب التطورات العالمية. كما يقدم دعمًا مباشرًا للمشاريع التي ترتكز على الابتكار والتكنولوجيا.
وبصورة موازية، تجاوزت تمويلات المشاريع الإنتاجية والأعمال الحرة 3.6 مليار ريال خلال النصف الأول من عام 2025. لقد أسهم هذا الدعم المالي في مساندة أكثر من 39 ألف منشأة مواطنة. ما يؤكد أن المملكة تتقدم بخطوات ثابتة نحو تحقيق أهدافها في مجال ريادة الأعمال.
ضمانات تمويلية لرواد الأعمال
وعلى نفس الخطى، يواصل برنامج “كفالة” للتمويل تقديم ضمانات تمويلية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ حيث تم إصدار أكثر من 3534 كفالة تمويلية بقيمة تجاوزت 9 مليارات ريال (2.4 مليار دولار) خلال النصف الأول من عام 2025. استفادت منها 3004 منشآت، مسجلة بذلك نموًا بنسبة 10% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.
وتصدرت العاصمة الرياض قائمة المدن المستفيدة من البرنامج، تليها المنطقة الشرقية ثم مكة المكرمة. وهو ما يبرز انتشار الأثر الاقتصادي للبرنامج في مختلف مناطق المملكة.
اليوم الوطني 95 يشكل قصة نجاح
في المحصلة، يعكس النمو المستمر في عدد الشركات المستفيدة وحجم الضمانات المصدرة ثقة متزايدة من رواد الأعمال وجهات التمويل.
كما يدل على الدور المحوري الذي يؤديه برنامج “كفالة” في تمكين القطاع وتنميته. ويعمل البرنامج على تطوير حلول مالية مبتكرة وشراكات فاعلة، بهدف تعزيز كفاءة الأداء وتوسيع نطاق التأثير. ما يجعله أداة أساسية لتوفير الضمانات المطلوبة من البنوك وتسهيل حصول المنشآت على التمويل اللازم.
وفي النهاية، يعد اليوم الوطني 95، قصة نجاح تبرهن على أن المملكة أصبحت وجهة عالمية للابتكار وريادة الأعمال. وتقدم هذه الإنجازات للعالم صورة مشرقة عن المملكة. كما تؤكد التزامها بدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل أساسًا لنمو اقتصادي مستدام.