في يوم جمعة عاصف وممطر، تشرفت باستضافة أربعة من الشباب الواعد بكلية الإعلام، تكبدوا عناء السفر من محافظات بعيدة رغم هذه الأجواء؛ سعيًا نحو العلم والمعرفة وطموح في مستقبل أفضل لهم ولوطنهم.
كان الفريق مكونًا من شابين وفتاتين يعكفون على إنهاء مشروع تخرجهم بكلية الإعلام، والذي يستهدف خريجي وطلاب الجامعات لاستثمار وتنمية مهاراتهم، بغرض خلق فرص عمل لهم.
أطلق الفريق على مشروعهم Freelaunch، ويتلخص في توفير معلومات للراغبين في بدء مشروعاتهم كـ Freelancers، وتعريفهم ببرامج ومراكز التدريب المتخصصة والمناسبة لهم.
ولهذا الغرض، أنشأوا مجموعة متميزة على موقع فيس بوك؛ لتوفير المصادر المعرفية؛ مثل الكتب، والفيديوهات، والإعلانات، والإنفوجرافات، والموشن جرافيك؛ لكي تصل المعلومات بسهولة وجاذبية للجمهور المستهدف، مع عقد لقاءات وورش عمل خاصة بالمشروع.
أتاح الشباب، الفرصة للتواصل مع خبراء في هذا المجال والنماذج الناجحة في مجال العمل الحر Freelancing، الذي يُعد من وسائل ريادة الأعمال في بدء مشروع خاص، وأن يكون صاحب المهارة رئيسًا لنفسه، وليس مرؤوسًا.
الإعلام في اللغة مصدره علم، ويحمل معنى الإشعار والإخبار، وأيضًا بمعنى النشر، بواسطة وسيلة من وسائل الإذاعة أو التلفزيون أو الصحف أو المواقع الإلكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث يلعب دورًا رئيسًا في تشكيل وجدان الأطفال والشباب، وعامة الناس؛ لذا ينبغي الاستفادة منه في نشر ثقافة ريادة الأعمال وتشجيع الشباب على الانخراط في العمل الحر، لما له من تأثير إيجابي اقتصادي واجتماعي.
ولقد أفردت جزءًا يسيرًا بالمنصة العالمية لريادة الأعمال التي دشنتها، بعنوان Media، يتضمن البرامج التلفزيونية، والمجلات، والمقالات التي تدعم ريادة الأعمال والعمل الحر في دول عديدة حول العالم.
أتمنى أن يسلط الإعلام في وطننا العربي، الضوء على التجارب الناجحة، وغير الناجحة في مجال ريادة الأعمال؛ ليستفيد منها جموع القراء والمشاهدين، خاصةً بعد بزوغ الإعلام المتخصص في منطقتنا العربية، يبرز منها برامج فضائية؛ مثل “وطن رقمي” و”المشروع” و”الفرصة”، ومجلات ورقية ورقمية مثل “رواد الأعمال” و”إنتربرينور” النسخة المترجمة، علاوة على صحف خصصت صفحات أو ملاحق للاقتصاد، أطالب القائمين عليها بتخصيص مساحة أكبر تستهدف العمل الحر وريادة الأعمال.
وعلى الصعيد العالمي، تبرز في هذا المضمار، مجلات شهيرة بلغات أجنبية، تدرج قضايا رواد الأعمال في صفحاتها؛ مثل:
Entrepreneur, The Economist, Inc., Fast Company, Fortune, Forbes, Wired, Bloomberg Businessweek, Harvard Business Review (HBR)
ولقد جاء في القرآن الكريم في سورة النمل، على لسان “الهدهد”، مُوجِهًا حديثه للنبي سليمان عليه السلام: “وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) “.
هكذا أعطى الهدهد دروسًا في الإعلام الهادف؛ مِثْل التحري، وبذل الجهد في الحصول على المعلومات “وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ”، والتيقُن من المعلومة “بِنَبَإٍ يَقِينٍ”.
لذلك أهمس في آذان شباب الإعلاميين الذين سعدت بلقائهم، وغيرهم بأن يحذوا حذو هذا “الهدهد”، وأن يدركوا أن رسالة الإعلام الحقيقية، تكمن في نشر القيم والأخلاقيات والسلوكيات الإيجابية، التي تُبدل وعي أفراد المجتمع للأفضل، وتأخذ بأيديهم إلى الرقي والتقدم في مجال ريادة الأعمال والمجالات الأخرى، وأن ينحازوا إلى أقرانهم من الشباب، ويناقشوا مشكلاتهم، ويضعوا لها الحلول والأفكار؛ ليكون إعلامًا مُعبرًا عن قضاياهم وهمومهم؛ عبر صدق الكلمة، وصدق الخبر، مثلما فعل “الهدهد”.
اقرا أيضًا:
الخطايا السبع في إدارة الأعمال
«تأثير أحمر الشفاه».. والأزمات الاقتصادية
يوم التأسيس وريادة المرأة السعودية
ثلاثة قرون من الاعتزاز والامجاد