تعد “فلورينا”، من أوائل الشركات الوطنية وأكبرها في صناعة المنتجات الجلدية؛ إذ استطاعت خلال سنواتها الثلاثين أن تصبح علامة تجارية رائدة، وأن تحجز مكانها في قائمة أكثر مائة شركة سعودية رواجًا في السنوات الأخيرة، لاسيما وأنها تمتلك 69 فرعًا في أنحاء المملكة؛ مايتسق ورؤية 2030.
وتستعد الشركة- والتي كانت باسم”الدقل”- لانطلاقة كبرى على يد رائد الأعمال الشاب وائل خالد الدقل؛ مسؤول ومطور قسم الفرنشايز بالشركة، وعضو لجنة شباب الأعمال بغرفة المدينة المنورة، وعضو اللجنة الوطنية بمجلس الغرف السعودية، والذى جرى معه هذا الحوار..
حاوره: حسين الناظر
ــ كيف كانت بدايتك مع ريادة الأعمال؟
ريادة الأعمال تجري في دمي وهي كموهبة وسلوك موروث، فقد كنت محظوظًا لانتمائي لأسرة ريادية أبًا عن جد كما يقولون، فجدي عبدالقادر الدقل كان من رواد تجارة وصناعة الجلود في المدينة المنورة، ووالدي د.خالد الدقل من أكبر وأشهر رجال الأعمال في هذا المجال.
من هذا المنطلق، نشأت في أسرة تحب العمل الخاص؛ ما وفر لي تنشئة مميزة؛ إذ عشقت التجارة والأعمال، خاصة وأنَّ والدي كان حريصًا على أن يصحبني معه في العمل، فتعلمت فنونًا كثيرة في إدارة العمل، والتسويق، وأسرار المهنة.
وقد دفعني حبي للعمل الحر إلى دراسة الاقتصاد بكبرى الجامعات البريطانية، وكان والدي حريصًا- عند عودتي- على منحي الفرصة للإبداع والتطوير في “البيزنس العائلي”.
قرار التحول للفرنشايز
ــ كيف بدأت فكرة وقرار التحول للفرنشايز في فلورينا؟
كانت بدايتي مع ريادة الأعمال، بداية لحب للفرنشايز، لكنّها نضجت أثناء دراستي في السنة الثانية بالجامعة في بريطانيا، عندما استوقفني فصل أو باب كامل عن الفرنشايز ونشاته وآلية التعامل معه، وتعريف المانح والممنوح، فبدأْتُ في نهاية عام ٢٠١٤ مخاطبة مجموعة مطاعم وزيارتها شخصيًا لأخذ الفرنشايز في السعودية. وبعد الانتهاء من الدراسة، تم الاتفاق وشبه التعاقد مع إحدى العلامات التجارية ، لكنه لم يتم لليوم. وبعد التخرج من الجامعة وعودتي إلى السعودية، قمت بدراسة مسحية لسوق الفرنشايز بالمملكة، ثم قررت عدم دفع أي مبلغ مادي خارج بلادي، وبدء تجربة وطنية خالصة في الفرنشايز بتطوير شركتنا “فلورينا” التي أسسها الوالد.
وبحمد الله، تم الانتهاء من النظام خلال فترة استعداد دامت نحو عامين، والمنح التجريبي لفترة ثمانية شهور؛ لنبدأ قريبًا انطلاقة كبرى في السوق السعودي، يليها الخليجي ، ثم بعض الدول العربية.
ــ ما أثر دراستك لإدارة الأعمال ؟ وما الذي أضافته للعمل؟
لها أثر كبير بالطبع، فدراسة إدارة الأعمال ساعدتني كثيرًا على التمكن في الإدارة وفهم السوق، وتطوير نموذج العمل بالشركة، وإكسابي مهارات كثيرة، كما أن سعيي للحصول على شهادة تدريب المدربين TOT) )، كان بهدف إيصال ونقل ما تعلمته من مهارات وخبرات للعاملين وموظفي الشركة وفروعها، فقمت بتنظيم دورات تدريبية لموظفي فروعنا في أنحاء المملكة، شملت: مهارات التواصل، وآلية التخاطب والتحاور، والتعامل مع العميل، باعتبارها عوامل هامة في التسويق، وكسب ولاء العملاء.
كذلك، ساعدتني الدراسة في بريطانيا ووجودي في أوروبا على صقل الخبرات والاطلاع على تجارب عالمية مميزة في قطاع الفرنشايز؛ ما دفعني لإعادة صياغة استراتيجية العمل بفلورينا، والعمل على تأسيس علامة تجارية وطنية مميزة تُطرح وفق نظام الفرنشايز.
ــ وكيف تأسست “فلوريناFlorina “؟
“الدقل” اسم عريق، وبات علامة تجارية وطنية قوية، سياجها السمعة الطيبة والجودة والمصداقية، فكان جدي عبدالقادر الدقل ـــ حفظه الله ــــ من أوائل من بدأوا في تجارة الجلديات، بداية من المسالخ إلى الاستيراد والتصدير.
وقبل ٣٥ عامًا من اليوم؛ بدأ والدي د.خالد الدقل نقلة نوعية كبرى بتأسيس العلامة التجارية: “الدقل” للمصنوعات الجلدية؛ فبدأ بالأحذية، وفتح أول محل باسم “الدقل” في المدينة المنورة في شارع سلطانة لبيع الجلديات، وتطورت العلامة من الدقل إلى فلورينا وتنوعت منتجات الشركة لتشمل كل أنواع الجلديات من أحذية وحقائب وأحزمة ومَحافِظ للرجال وبعض المنتجات النسائية، ثم توالت الفروع بفضل الله تعالى.
ــ ما النجاح الذي تحقق حتى الآن ؟
توسعت الشركة بصورة طيبة، وبلغت فروعها ٦٩ فرعًا في المملكة، وبدأنا العمل بنظام الفرنشايز، وهذا من فضل ربي.
إطلاق فرنشايز “فلورينا”
ــ متى يتم إطلاق ” فلورينا فرنشايز” ؟ وما هي خططكم المستقبلية؟
نحن الآن في مفاوضات أوشكت على الانتهاء مع إحدى مؤسسات التمويل الوطنية الكبرى لتخصيص مبلغ كبير لتمويل مشروعات فرنشايز فلورينا، في خطوة تعكس دعم حكومتنا للعلامات التجارية الوطنية؛ حيث يستفيد من التمويل علامتنا التجارية من ناحية، وشباب الأعمال الراغبين في بدء مشروع فرنشايز من ناحية أخرى.
ــ كسب رضا العملاء يتطلب جهودًا كبيرة، فكيف نجحتم في هذا؟
تحظى منتجاتنا بإقبال كبير داخل السوق السعودي وخارجه؛ لجودتها، ومصداقيتنا في التعامل، وأسعارنا التنافسية، فضلًا عن التصاميم التي تناسب الذوق السعودي، وتلقى رضا كافة الفئات ومختلف الأعمار.
واقع الصناعات الجلدية
ــ كيف ترى واقع الصناعات الجلدية بالمملكة؟ وما الفرص المتاحة للاستثمار فيه؟
صناعة الجلود من الصناعات الرئيسة لدينا، فالسعودية من الدول الرائدة عربيًا في هذا المجال؛ لتوافر المادة الخام الطبيعية؛ إذ تقدر استثمارات سوق الدباغة وحدها بأكثر من ملياري ريال، وتُعد صناعة أساسية، كما تمثل مشتقاتها قيمة مضافة للصناعة المحلية؛ لذا أؤكد أنَّ فرص الاستثمار في هذا القطاع كبيرة ومتجددة .
ــ المملكة لديها ثروة هائلة من الجلود الطبيعية الخام من الأضاحي في موسم الحج، فهل ترى أنها استفادت منها كما يجب؟
بكل أسف لا، فرغم الثروة الكبيرة التي تقدر بنحو 4 ملايين قطعة من الجلود سنويًا، هي حصيلة الأضاحي، لكننا لم نستفد منها كما يجب، بالرغم من إمكانية تعظيم الاستفادة أضعاف الوضع الحالي.
تقلص عدد المصانع
ــ لماذا؟ وما هي التحديات التي تواجه هذه الصناعة؟
هذه الصناعة تشهد تراجعًا كبيرًا في المملكة، وتمر بمرحلة هي الأصعب في تاريخها؛ إذ تقلص عدد المصانع من 12 مصنعًا قبل نحو عامين إلى 7 مصانع، كما تحول أغلب مصنّعي الجلود إلى تجميعها.
و الأسباب كثيرة، تبدأ من التسرع في عملية الذبح، وعدم المهنية في سلخ أو استخلاص الجلد، وعدم ذبح الأضاحي في الأماكن المخصصة.
كذلك، تواجهه الصناعة تحديات، أهمها صعوبة الحصول على تراخيص، وعدم توافر أماكن لإقامة المصانع؛ فصناعة الجلود تندرج تحت صناعات الفئة الثالثة، التي تمنع هيئة المدن الصناعية منحها تراخيص وأراضٍ داخل المدن والمناطق والتجمعات الصناعية التابعة لها، كما لاتسمح المحافظات والمدن بوجودها في نطاقها.
وهناك قرار صادر بإغلاق كافة المصانع الموجودة خارج نطاقات المدن الصناعية في مختلف المحافظات والمناطق؛ مايزيد من صعوبة الوضع؛ فباتت هذه الصناعة محاصرة بين نارين: إغلاق مواقعها، وعدم الموافقة على نقلها إلى داخل المدن الصناعية.
مناطق صناعية موحدة
ـــ وكيف ترى الحل؟
للنهوض بهذه الصناعة، يجب عمل مناطق صناعية موحدة؛ فذلك سيحل أزمة التكلفة الكبيرة لمحطات تكرير المياه باشتراك جميع المصانع في محطة كبيرة وتقسيم الكلفة فيما بينها؛ ما يعمل على خفض تكلفة الإنتاج، ويسهم في خفض سعر المنتج، علمًا بأن تكلفة التشغيل زادت بنسبة تتراوح بين 10% و20 % ؛ لارتفاع أسعار الكهرباء بعد خفض الدعم المخصص لدعم الكهرباء للمصانع، وارتفاع كلفة العمالة الوافدة.
ــ وماذا عن مشكلة العمالة في ظل نظام السعودة الجديد ؟ وما رؤيتكم للتغلب عليها ؟
بالفعل الوضع صعب للغاية، فالكل يعاني في ظل غياب أو ندرة الأيدي السعودية العاملة، خاصة في بعض التخصصات والوظائف المهنية التي لا يُقبل الكثير من السعوديين عليها، فنضطر إلى العمالة الوافدة التي باتت مكلفة في ظل ارتفاع الرسوم التي تحدثنا عنها.
لذا أنضم للمطالبين بإعفاء المصانع أو قطاع الصناعة كاملًا من تطبيق نظام كلفة العامل الوافد لمدة يمكن خلالها توفير العمالة السعودية المؤهلة والمدربة.
ــ كيف ترى واقع قطاع الفرنشايز في المملكة؟ ومارؤيتكم لمستقبله؟
أرى أن الفترة القادمة هي العصر الذهبي للفرنشايز في المملكة، وسيشهد توسعًا هائلًا للعلامات السعودية خارج المملكة، في ظل رؤية 2030 التي نصت على دعم وتشجيع الفرنشايز، خاصة وأنَّ حكومة خادم الحرمين الشريفين خطت خطوات قوية لدعم الفرنشايز ، باعتباره جزءًا لايتجزأ من ريادة الأعمال، علاوة على قدرته على توفير فرص عمل للشباب.
700 مليون ريال لتمويل رواد الأعمال
ــ من خلال عملك بلجنة شباب الأعمال بغرفة المدينة المنورة، ما الدور الذي تقوم به دعمًا لرواد الأعمال؟
تتسق غرفة المدينة في استراتيجيتها وعملها مع رؤية 2030؛ لذا تلعب دورًا كبيرًا لتمكين رواد الأعمال، فكانت سباقة إلى تخصيص 20 % من مشترياتها لصالح المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المنطقة.
وإلى جانب لجنة شباب الأعمال، لدينا مركز المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومجلس شابات الأعمال، ومركز موحد متعدد لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والعمل على تأسيس حاضنات أعمال لدعم الشركات الناشئة بالتعاون مع نما المنورة وجامعة طيبة وعدد من الجهات الداعمة من صناديق تمويل وبنوك وجهات حكومية واستشارية وأكاديمية، بهدف تنسيق وتكامل الجهود للاستفادة من المزايا والخبرات المتوفرة لديها، كما ننظم دورات تدريبية في عدة مجالات لصقل مهارات رواد الأعمال.
وحلًا لمشكلات التمويل، وفي إطار الشركة مع “نما المنوّرة” والبنك السعودي للتسليف والادخار؛ تم تخصيص 700 مليون ريال لتمويل مشاريع رواد ورائدات الأعمال في منطقة المدينة المنوّرة، بناءً على توجيهات أمير منطقة المدينة المنوّرة بضرورة دعم المنشآت، كما حصلت شركة نما المنورة على امتياز بتخصيص 100 مصنع لرواد الأعمال.
ــ من مقعدك باللجنة الوطنية لشباب الأعمال، كيف ترى حركة ريادة الأعمال في المملكة؟
يشهد كل يوم من أيامنا حراكًا فاعلًا في مجال ريادة الأعمال؛ إذ تشهد المملكة خطوات إصلاحية كبيرة لدعم ريادة الأعمال، لعل أهمها إنشاء هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتأسيس كلية محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال التي أتوقع أن تكون بداية لنهضة تعليمية كبرى في هذا المجال.
ــ وكيف ترى دور اللجنة في دعم ريادة الأعمال؟
تهدف اللجنة الوطنية لشباب الأعمال إلى بناء جيل من القادة الشباب في مجال الأعمال، والمساهمة في صنع القرار، وترسيخ ثقافة الريادة والعمل الحر، وتمثيل شباب الأعمال في المحافل الإقليمية والدولية وأمام دوائر صنع القرار، وصنع قيادات شابة قادرة على تولي القيادة المستقبلية للنشاط الاقتصادي.
وقد نجحت اللجنة منذ تأسيسها في المساهمة في رسم استراتيجيات المملكة الرامية لدعم ريادة الأعمال، وأن تكون حلقة وصل بين شباب الأعمال وأصحاب القرار والجهات الحكومية من ناحية وبينهم وبين الجهات الداعمة من ناحية أخرى، فضلًا عن تنظيم المؤتمرات والملتقيات والمعارض لدعم شباب رواد الأعمال، ومساعدتهم في تسويق مشاريعهم ومنتجاتهم.