هو أحد المهتمين بتطوير نظام الفرنشايز بالمملكة والمنطقة العربية، ويحرص دائمًا عبر أسفاره العديدة على نقل التجربة الصحيحة لتطبيق نظام الفرنشايز إلى المملكة، ونشرها بين المهتمين من مالكي العلامات التجارية والمستثمرين؛ وذلك من خلال عقد ملتقيات داخليًا وخارجيًا. عبر هذا الحوار مع نجيب الطريقي؛ المستشار المتخصص في الفرنشايز، تناولنا عدة محاور حول ما يدور من نقاش حول تجربة الفرنشايز بالمملكة والمنطقة..
عرفنا عليك:
أنا نجيب حمود الطريقي، مستشار في الامتياز التجاري(الفرنشايز)، عملت نحو 15 سنة في شركات العائلة كموظف، وتدرجت في عدة إدارات، وشريك بعدة شركات: مصنع مياه حياتي، والتقنية للمعدات الزراعية، وشركة توريدات، وعدة مشاريع أخرى.
ولدى خبرة لـ 14 سنة في الفرنشايز من خلال أسفاري للدول المطبقة لهذا النظام ، فكنت باحثًا طيلة الفترة السابقة، ولكنني لم أخرج للأضواء إلا خلال العامين السابقين؛ وذلك لتحصيل المعرفة المطلوبة والإجابة على الأسئلة التي تطرح علينا.
الاستثمار بأموال الآخرين
هناك تعريفات كثيرة للفرنشايز، فما أفضلها من واقع خبرتك؟
بالفعل، هناك تعريفات عديدة للفرنشايز، لكن لدّي تعريفي الخاص وهو: الاستثمار بأموال الآخرين.
وهذا هو الاستثمار في الفرنشايز، العمل بأموال الممنوحين، ويقوم فيه الممنوح بدفع رسوم لاستخدام الرخصة وتغطية التكاليف لإنشاء منفذ تسويق واستخدام نفس المواد والمعدات والمواد الخام التي يستخدمها مانح الفرنشايز، ويتحمل جميع التكاليف مقابل نقل الخبرة من المانح.
يقع أحيانًا المانح والممنوح في مشاكل قانونية، ما يدل على عدم استيعابهما مفهوم الفرنشايز، فما تعليقك؟
كثيرًا ما تقع هذه المشاكل، ولكتها غالبًا ما تكون في الدول العربية، ويمكن استثناء تونس ولبنان؛ وذلك لوجود تشريع قانوني في هذا المجال، بجانب وجود جمعيات مهمتها تثقيف المانح والممنوح، وتوجيههما الصحيح.
هناك مشاكل قانونية من حيث العقد، فمن خلال مراجعتي لعدد من العقود في المملكة وبعض الدول العربية، وجدت أن الحقوق مغيبة من العقود، فتجد الممنوح منبهرًا دائمًا بالعلامة التجارية واسمهما وشكلها؛ وبالتالي يقبل العلامة التجارية بدون مراجعة للعقد والقانون ونظام الفرنشايز، أو حتى معرفة من أين جاءت.
فمثلًا هناك ملاك علامات تجارية ينشئون علامتهم التجارية في أوروبا، ولكنها في الأصل لشخص مقيم في الهند أو الإمارات ويمنح علامته التجارية باعتبارها “ماستر فرنشايز” في الشرق الأوسط، وهذه كذبة تعرِّض الممنوح لمشاكل مستقبلية لعدم التدقيق والمراجعة؛ وبالتالي تكون النتيجة: محاكمات وخسائر.
وهل تتوقع صدور قوانين لتنظيم عمل الفرنشايز وتجنب هذه المشكلات القانونية؟
أولًا تحدد التزامات مانح الامتياز أمام الممنوح، بالسماح للأخير باستخدام العلامة التجارية مقابل مبلغ مالي ونقل الخبرة ، وأدلة التزويد للمانح؛ لأن فكرة الفرنشايز هي نسخ الفكرة تمامًا والعمل بها وفق نفس الشكل والمضمون.
وهذا يوضح أن بعض مانحي الفرنشايز غير دقيقين في سلسلة إجراءات المنح، فيما تجد بعض المانحين والممنوحين لا يعلمون شيئًا عن سلسلة إجراءات المنح والتي من حق الممنوح أن يعرفها قبل توقيع العقد.
وهذا يحتم أن يكون هناك نموذج طلب ابتدائي للحصول على الفرنشايز ، يبين للممنوح متى يبدأ ومتى ينتهي عقده، والسقف الزمني للحصول على الموافقة من قبل المانح، ومراحل العقد، وكل ما يلزم من معلومات.
فلا يصح أن يكون الوقت مفتوحًا أمام المانح، فتجد مراسلات عالقة تنتظر الرد بالرفض أو القبول بطرف المانح.
والشيء الثاني أن يحصل الممنوح على مستندات الإفصاح – وهذا ما استند عليه قانون الامتياز التجاري في السعودية – وأن يمنح المانح 14 يومًا لاتخاذ القرار.
ومن المشاكل ايضًا استعجال المانح في منح الفرنشايز لأكبر عدد من المستثمرين في فترة قصيرة دون اعتماد القوانين وتطبيق قانون الفرنشايز بطريقة سليمة؛ ما جعل لكل عقد بنوده الخاصة التي يضعها المانح أو يطلبها الممنوح باتفاق بينهما ولكنها خارج قانون الامتياز التجاري.
الشيء الثالث هو إغفال جانب التدريب والتدريب المستمر، والذي يعني التطوير المستمر للمنشأة والمنتج حتى يكون لها استمرار؛ وبالتالي ضمان النجاح.
ما زالت نسب الفرنشايز بالمملكة ضعيفة، فما رأيك؟
توجد نسبة لا بأس بها في المملكة والخليج، لكن هناك علامات تعمل بنظام الفرنشايز، وأخرى تطبقه، وهناك فارق كبير بين من يعمل فقط بنظام الفرنشايز ولا يطبقه بطريقة صحيحة، وبين من يطبقه ، فالذي يطبقه هو من سينجح ويستمر.
وتطبيق قانون الفرنشايز هو المطلوب بمعنى تنزيل تطبيق القانون على أدلة التشغيل؛ وهي طريقة الاستقبال والتوزيع والتخزين إلى آخر ما ذكر في أدلة التشغيل، ولكن بعض المنشآت تعتبر كل أدلة التشغيل مجرد تشغيل المنشأة بالعاملين وهذا خطأ كبير؛ إذ أن هناك 14 بندًا في أدلة التشغيل منها دليل الموارد البشرية، ودليل هوية العلامة التجارية، ودليل التسويق، ودليل الصحة والسلامة، ودليل المنتجات إلى آخره. ومعظم مانحي الامتياز لا يعرفون شيئًا عن مستندات الإفصاح وما يلزمهم أمام ممنوحي الفرنشايز.
ما المخاطر المباشرة التي قد يقع فيها المستثمر إذا لم يلتزم بتطبيق قانون الفرنشايز ؟
هناك مثلًا منشأة تعمل بنظام الفرنشايز ولكن لا تطبقه، وتقوم بعمل عقود فرنشايز لممنوحين وتمنح التوزيع الحصري والنطاق الجغرافي وتأخذ نسبة من المبيعات وغيرها، لكن العقد نفسه يفتقد إلى البنود الملزمة والمنظمة للعمل. مثل هذا العقد ينتظر صاحبه الفرصة المناسبة لإقامة دعوى قضائية ضد الممنوح ويوقن أنه سيكسبها.
إن عدم وجود ضوابط، يجعل الفروع غير متطابقة والتكامل ليس بالتساوي؛ ما يعطي المانح فرصة لتوزيع المنتجات ذات التوزيع العالي للفروع التي يملكها؛ أما بقية المنتجات فيقوم بتوزيعها على الممنوحين، وبالطبع لن تجد مبيعات كبيرة كما يحدث مع المنتجات التي تجد توزيعًا عاليًا.
ومع الأيام، يحدث اختلاف، فيتم اللجوء للدعاوي القضائية؛ وبالتالي إهدار الوقت والجهد والمال.
لذلك يجب أن تكون هناك علاقة مشتركة، وعمل موحد بين أصحاب الفرنشايز وكل من وزارات البلدية، والعمل، والصحة، والتعليم العالي، والتجارة، ومصلحة الزكاة والدخل، وبنك التنمية الاجتماعية؛ حيث تشرف تلك الجهات على سير العمل، كلٌ بحسب تخصصه ، مع تزويد المنشأة حال تعثرها بالدعم والأيدي العاملة. وهكذا يحدث تفاعل من الجهات ذات الصلة من حيث الرقابة والمحاسبة؛ ما يجعل المانح يعمل بطريقة متكاملة وبنسبة 100% من حيث الدعم اللوجيستي الكامل لكل الممنوحين.
رغم كل الخبرات الموجودة والجهات المختصة العاملة في هذا المجال، لكن لماذا لا تطبق المملكة نظام الفرنشايز؟
لقلة المعنيين والاستشاريين في المملكة، فكيف يمكننا طلب قوانيين لتطبيق الفرنشايز من جهات غير مختصة ؟
وبالطبع، تحث رؤية 203 على دعم العمل بنظام الفرنشايز، لكننا نحتاج لعمل أكبر ، خاصة وأننا في المملكة قادرون على العمل بنظام الفرنشايز، وقادرون على المنافسة، فلدينا علامات تجارية كبيرة وناجحة مثل مايثرو، والبيك، وكودو، وطازج وهيرفي وغيرها.
رغم وجود مثل هذه العلامات الكبيرة، إلا أن بعضها يبدأ ناجحًا، ثم يتراجع، فما تعليلك؟
شكل النظام الداخلي للمنشأة هو المسؤول عن ذلك؛ لأننا كما ذكرنا لانطبق النظام وأدلة التشغيل بالطريقة الصحيحة ، ولانقوم بالتدريب المستمر للموظفين، وهي أمور تقود في النهاية إلى تراجع المنتج، والذي يشعر به الزبون فيتراجع بدوره عن شراء المنتج ويتجه لغيره.
متى وكيف تنتهي هذه الإشكاليات عند المانح، ومِن خلال مَنْ؟
حتى تنتهي هذه الإشكاليات، يجب أن تكون هناك لجنة مرجعها الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة تهتم بالإشراف والمتابعة والتسويق.
ولن تنتهي هذه المشاكل ما لم تطبق القوانين، فمتى طُبق قانون الفرنشايز وجد الفرنشايز. ويجب على المستثمر ألا يتعامل مع الفرنشايز باعتباره مجرد فرصة استثمارية، فقد تكون فرصة استثمارية مربحة في السنة الأولى والثانية، ولكن بعد توقيع العقد غير الدقيق سيكتشف المشاكل مع الأيام وسيبدأ في تحقيق خسائر.
واللجنة التي نطلبها يكون دورها الإشراف على الممنوحين والتدقيق على المانح وتسويق العلامات التجارية خارجيًا، بعد ذلك يمكن أن نقول إن لدينا امتياز تجاري “فرنشايز”.
وكيف ترى مستقبل الفرنشايز في المملكة؟
بعد اطلاعي على مسودة الامتياز التجاري السعودي وجدته مستخلصًا من القوانين الدولية وبما يتناسب مع المملكة، وبالطبع هناك تفاصيل طالبنا بمناقشتها أكثر مع الجهات المختصة، مع طرحها للنقاش حتى تتكامل، منها فترة منح الامتياز التجاري؛ إذ يجب على أية منشأة ألا تمنح الامتياز التجاري إلا بعد مضي ثلاثة سنوات على عملها وسنة من تطبيقها لقانون الفرنشايز؛ أي بعد أربع سنوات من الخبرة والتطبيق الكامل لقانون الامتياز التجاري، وهذا يجنبها الفشل والتراجع والخسارة.
وأنا على الصعيد الشخصي متفائل بمستقبل الفرنشايز بالمملكة، وأثق في عزيمتنا على تجاوز كل العثرات حتى نصل للتطبيق الكامل للنظام، خاصة وأن المملكة ذات وجود كبير ومهم في المنطقة؛ ما يؤهلها لأن تقود العلامات التجارية في الخليج والعالم.
حوار: سميح جمال