يعد نموذج إدارة الصراع لـ “توماس كيلمان” أداة قيمة لفهم وإدارة الصراعات التي تنشأ في مختلف جوانب الحياة. وذلك سواء أكانت في العمل، أم العلاقات الشخصية، أم المجتمع.
كما يقدم هذا النموذج إطارًا مفيدًا لتحليل أنماط سلوك الأفراد في مواجهة الصراعات؛ ما يساعد في اختيار الاستراتيجية الأنسب لحل هذه الصراعات.
نموذج إدارة الصراع لتوماس
نموذج توماس كيلمان لإدارة الصراعات إطار عمل واسع الاستخدام لفهم وإدارة الصراعات في مكان العمل. وقد طوره كينيث توماس ورالف كيلمان في سبعينيات القرن الماضي. كما أنه يحدد خمسة أنماط مختلفة من التعامل مع الصراع بناءً على بعدين: الحزم والتعاون. وفقًا إلى الاستراتيجيات الخمسة لنموذج توماس-كيلمان.
1- التعاون:
يعد التعاون الاستراتيجية المثلى لنموذج إدارة الصراع عندما يكون الهدف إيجاد حل يرضي جميع الأطراف. كما يتميز هذا الأسلوب بالتركيز على المصالح المشتركة والعمل معًا للوصول إلى حلول مبتكرة.
وعلى سبيل المثال: في فريق عمل، يمكن استخدام التعاون لحل خلاف حول مشروع مهم من خلال مشاركة الأفكار والآراء وتطوير خطة عمل مشتركة.

2- التنافس:
وفي هذا الأسلوب، يسعى الفرد لتحقيق أهدافه الشخصية دون الاهتمام بآراء أو مشاعر الآخرين. قد يكون التنافس مفيدًا في المواقف التي تتطلب اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة، ولكن يمكن أن يؤدي إلى علاقات متوترة وتقويض الثقة. مثال: قد يلجأ مدير إلى التنافس لتحقيق هدف مبيعات طموح في مدة زمنية قصيرة.
المميزات:
تتضمن المميزات الخاصة بمبدأ “التنافس” سرعة في اتخاذ القرارات؛ حيث يمكن للتنافس أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة في المواقف التي تتطلب رد فعل فوري. إلى جانب تحقيق الأهداف، أن يدفع الأفراد إلى بذل أقصى جهد لتحقيق أهدافهم.
العيوب:
- تدهور العلاقات: يؤدي التنافس إلى وجود جو من التوتر وعدم الثقة بين الأفراد؛ ما قد يسبب تدهور العلاقات.
- تقليل الإبداع: قد يركز الأفراد المتنافسون على الفوز بدلًا من البحث عن حلول مبتكرة للمشكلات.
- زيادة الضغط: يمكن أن يؤدي التنافس إلى زيادة الضغط على الأفراد؛ ما يؤثر سلبًا في صحتهم النفسية والجسدية.
3. التجنب:
كما يتمثل هذا الأسلوب في تجنب مواجهة الصراع أو تأجيله. قد يكون التجنب مفيدًا في المواقف التي تكون فيها القضية غير مهمة أو عندما يكون تكلفة مواجهة الصراع أكبر من فوائده.
ومع ذلك، يمكن أن يؤدي التجنب إلى تراكم المشكلات وتفاقمها على المدى الطويل. مثال: قد يتجنب شخص ما مناقشة خلاف بسيط مع صديق خوفًا من إفساد العلاقة.
متى يكون التجنب مناسبًا؟
- القضايا التافهة: يمكن استخدام التجنب في القضايا التي تعد غير مهمة أو لا تستحق الجهد المبذول في حلها.
- الوقت غير المناسب: إذا كان الوقت غير مناسب لمناقشة المشكلة، يمكن تأجيلها إلى وقت لاحق.
- عدم وجود حل: إذا كان من المستحيل التوصل إلى حل مرضٍ، فقد يكون التجنب هو الخيار الأفضل.
متى يجب الابتعاد عن التجنب؟
الجدير بالذكر أنه يجب الابتعاد عن التجنب في حالة تكرار الخطأ؛ فإذا كانت المشكلة تتكرر باستمرار، فإن التجنب لن يحلها بل سيزيد من تعقيدها.
بالإضافة إلى المشكلات التي تؤثر في الآخرين، فإن التجنب يمكن أن يضر بالعلاقات، ويؤدي إلى نتائج سلبية. علاوة على أنه إذا كانت المشكلة تتطلب حلًا فوريًا، فإن التجنب قد يؤدي إلى تفاقم الوضع.
4- التسوية:
وكذلك يهدف هذا الأسلوب -ضمن نموذج إدارة الصراع- إلى إيجاد حل وسط يرضي جميع الأطراف جزئيًا. حيث قد يكون التسوية مفيدة في المواقف التي يكون فيها أهداف متعارضة لدى الطرفين. ولكنهم يرغبون في التوصل إلى اتفاق. مثال: يمكن للزوجين استخدام التسوية لحل خلاف حول كيفية قضاء عطلة نهاية الأسبوع.
المميزات:
- الحفاظ على العلاقات: تسهم التسوية في الحفاظ على العلاقات بين الأطراف المتنازعة؛ حيث يظهر كل طرف استعداده للتنازل قليلًا من أجل الوصول إلى حل وسط.
- سرعة في اتخاذ القرار: عادة ما تكون التسوية أسرع في الوصول إلى حل مقارنة بالاستراتيجيات الأخرى التي تتطلب وقتًا وجهدًا أكبر.
- تجنب الصراع المفتوح: تساعد التسوية في تجنب التصعيد والوصول إلى صراع مفتوح قد يؤدي إلى نتائج سلبية.
العيوب:
- حلول غير مثالية: الحلول التي يتوصل إليها من خلال التسوية قد لا تكون الحلول المثلى لكل طرف؛ حيث يتنازل كل طرف عن جزء من مطالبه.
- عدم الرضا: قد يشعر الأطراف بعدم الرضا التام عن الحل المتوصل إليه؛ حيث قد يرون أنهم تنازلوا عن الكثير.
- تشجيع على التنازل المستمر: إذا اعتُمد على التسوية باستمرار، فقد يشجع ذلك الأطراف على التنازل عن حقوقهم في المستقبل.
5. الاستجابة:
يتمثل هذا الأسلوب في التنازل عن مصالح الفرد لصالح الطرف الآخر. قد تكون الاستجابة مفيدة في الحفاظ على العلاقات، ولكن يمكن أن تؤدي إلى الاستغلال؛ إذا استُخدمت باستمرار. مثال: قد يتنازل موظف جديد عن مهمة معينة لزميل أكثر خبرة من أجل بناء علاقات جيدة في مكان العمل.
كيف نطبق نموذج توماس-كيلمان؟
- تحديد طبيعة الصراع: فهم جذور الصراع وأهميته لكل طرف.
- تقييم الخيارات: تقييم كل استراتيجية من الاستراتيجيات الخمسة، وتحديد المزايا والعيوب لكل منها في السياق الحالي.
- اختيار الاستراتيجية المناسبة: اختيار الاستراتيجية التي تحقق أفضل توازن بين تحقيق الأهداف والحفاظ على العلاقات.
- التنفيذ والتقييم: تطبيق الاستراتيجية المختارة وتقييم نتائجها.
أهمية نموذج توماس-كيلمان:
- الفهم: يساعد في فهم أنماط سلوك مختلفة لإدارة الصراعات.
- التنبؤ: يمكن التنبؤ بردود فعل الآخرين بناءً على أنماطهم في التعامل مع الصراعات.
- التطوير: يمكن تطوير مهارات التواصل والتفاوض من خلال فهم هذا النموذج.
- بناء العلاقات: يمكن بناء علاقات أكثر قوة وإنتاجية من خلال استخدام الاستراتيجيات المناسبة.
كما يعد نموذج توماس-كيلمان أداة قيمة لتطوير مهارات إدارة الصراعات. من خلال فهم هذه الاستراتيجيات الخمسة، ويمكن للأفراد والفرق التعامل مع الصراعات على نحو أكثر فعالية، وبناء علاقات أكثر استدامة.