ما من ريبٍ أن عالم الأعمال يشهد تحولات متسارعة، تتطلب من الشركات استشراف المستقبل والتخطيط له بعناية. وفي هذا السياق، برز نموذج “ماكينزي هوريزون” كأحد أهم الأدوات التي تساعد الشركات على رسم خارطة طريق واضحة نحو النمو المستدام والازدهار. هذا النموذج، الذي ابتكرته شركة ماكينزي العالمية، يقدم رؤية شاملة لكيفية تحقيق التوازن بين الاستثمار في المنتجات والخدمات الحالية، وبين الابتكار والبحث عن فرص النمو المستقبلية.
في الأساس، يشير نموذج McKinsey Horizon إلى ثلاثة آفاق زمنية:
الأول، يركز على تعزيز الأداء الحالي للشركة والحفاظ على مكانتها في السوق.
الثاني، يتعلق بالابتكارات التدريجية التي تهدف إلى تطوير المنتجات والخدمات القائمة.
الثالث، وهو الأكثر طموحًا، يهتم بالابتكارات الرائدة التي من شأنها خلق أسواق جديدة تمامًا.
ومن خلال هذا التقسيم، يوفر النموذج للشركات إطارًا عملًا متكاملًا يساعدها على توزيع مواردها الاستثمارية بشكل فعال، وتحديد الأولويات الاستراتيجية، والتحرك بثقة نحو المستقبل.
نموذج McKinsey Horizon
وتكمن أهمية نموذج McKinsey Horizon في قدرته على مساعدة الشركات على تجنب الوقوع في فخ التركيز الزائد على الأنشطة الحالية، على حساب الاستثمار في المستقبل. فبينما يعد الحفاظ على الأداء الحالي أمرًا بالغ الأهمية؛ إلا أن الشركات التي لا تستثمر في الابتكار والتحول الرقمي ستجد نفسها عاجزة عن مواكبة التغيرات المتسارعة في السوق. ومن ناحية أخرى، فإن الاندفاع نحو الابتكارات الرائدة دون تخطيط كافٍ قد يؤدي إلى هدر الموارد وتشتيت الجهود.
باختصار، يقدم نموذج McKinsey Horizon للشركات أداة قوية لتحقيق التوازن بين الاستقرار والنمو. ومن خلال فهم الآفاق الزمنية الثلاثة التي يحددها النموذج، يمكن للشركات وضع استراتيجيات أكثر شمولية وفعالية، وتحديد المشاريع الاستثمارية التي ستساهم في تحقيق أهدافها على المدى الطويل. ومع استمرار عالم الأعمال في التطور، من المتوقع أن يظل نموذج ماكينزي هوريزون أحد أهم الأدوات التي يستخدمها قادة الأعمال لاتخاذ القرارات الاستراتيجية.
الإطار الاستراتيجي للنمو المستدام
يمثل نموذج الأفق الثلاثي، الذي قدمته شركة ماكنزي العالمية للاستشارات الإدارية، إطارًا استراتيجيًا مبتكرًا يساعد الشركات على تحقيق نمو مستدام في عالم الأعمال المتغير بسرعة. ويعد هذا النموذج بمثابة خارطة طريق شاملة توجه المؤسسات نحو تحقيق التوازن بين استغلال الفرص الحالية وتعزيز الابتكار من أجل مستقبل واعد.
الأفق الثلاثي
تم تقديم نموذج الأفق الثلاثي لأول مرة في كتاب “The Alchemy of Growth”؛ إذ يقدم رؤية مبتكرة حول كيفية إدارة نمو الشركة على المدى الطويل. ويهدف هذا الإطار إلى مساعدة المؤسسات على توزيع استثماراتها بكفاءة بين ثلاثة آفاق زمنية متميزة؛ ما يضمن استدامة النمو وتحقيق أقصى قدر من القيمة.
الأفق الأول: ركائز النمو الحالي
يركز الأفق الأول على الأعمال الأساسية للشركة في الوقت الحاضر. كما يهتم هذا الأفق بتحسين الأداء الحالي وتعزيز التدفق النقدي والأرباح. ومن خلال التركيز على الكفاءة التشغيلية وتطوير المنتجات والخدمات القائمة، تسعى الشركات إلى تعزيز مكانتها في السوق والحفاظ على ولاء العملاء.
الأفق الثاني: استكشاف آفاق جديدة
ينتقل الأفق الثاني إلى عالم الابتكار والتوسع. ويهدف هذا الأفق إلى استكشاف فرص أعمال جديدة من خلال تطوير منتجات وخدمات مبتكرة أو الدخول في أسواق جديدة. ويتطلب هذا الأفق استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، ولكن العوائد المحتملة على المدى الطويل تجعله أمرًا بالغ الأهمية.
الأفق الثالث: بناء المستقبل
يمثل الأفق الثالث أقصى درجات الابتكار والتغيير. ويركز هذا الأفق على تطوير أفكار مبتكرة جذريًا قد تؤدي إلى إنشاء نماذج أعمال جديدة أو قطاعات صناعية جديدة. وعلى الرغم من أن المخاطر المرتبطة بهذا الأفق عالية، إلا أن العوائد المحتملة قد تكون هائلة.
رؤية استشرافية للنمو المستدام
ويشير نموذج الأفق الثلاثي، الذي قدمته شركة ماكينزي، إلى إطار عمل استراتيجي مبتكر يهدف إلى تحقيق توازن دقيق بين استدامة الأعمال الحالية والابتكار المستقبلي. ويمثل هذا النموذج بوصلة موثوقة للشركات التي تسعى إلى النمو المستدام؛ إذ يوفر لها أداة فعالة لتحقيق التوازن بين التركيز على حاضرها ومستقبلها.
أهمية النموذج في ظل تحديات الابتكار
في عالم الأعمال سريع التغير، تواجه الشركات تحديًا متزايدًا يتمثل في ضرورة مواكبة التطورات التكنولوجية والاقتصادية المتسارعة. ورغم إدراك معظم الشركات لأهمية الابتكار؛ إلا أنها غالبًا ما تنجرف وراء روتين الأعمال اليومية؛ ما يحد من قدرتها على استشراف المستقبل. وهنا يأتي دور نموذج الأفق الثلاثي كمنقذ؛ إذ يساعدها على تجاوز هذا التحدي من خلال تشجيعها على التفكير بشكل استراتيجي في مستقبلها.
تعزيز التعاون وتوحيد الرؤى
يعد النموذج أداة قوية لتعزيز التعاون بين مختلف أصحاب المصلحة داخل المنظمة؛ فهو يعمل على توحيد الرؤى والأهداف؛ ما يساهم في تسهيل عملية صنع القرار المتعلقة باستراتيجيات النمو. وبالتالي، يقلل من احتمالية نشوء الخلافات والآراء المتباينة، خاصة في الشركات الكبيرة.
إدارة المحفظة الاستثمارية بفعالية
لا يقتصر دور نموذج الأفق الثلاثي على التخطيط الاستراتيجي فحسب؛ بل يتعداه إلى إدارة المحفظة الاستثمارية للشركة. فهو يوفر إطارًا بسيطًا وواضحًا لتوزيع الموارد المالية والبشرية على مختلف المشاريع. بما يتناسب مع أهميتها وأهدافها الاستراتيجية.
كيفية تطبيق النموذج
كذلك ومن أجل تطبيق نموذج الأفق الثلاثي بنجاح، يجب على الشركات اتباع الخطوات التالية:
- تحديد الآفاق: يتمثل الخطوة الأولى في تحديد المشاريع التي تندرج تحت كل أفق من الأفق الثلاث. مع الأخذ في الاعتبار الزمن المتوقع لتحقيق النتائج.
- تقييم الأداء الحالي: ينبغي على الشركات تقييم أداء أعمالها الحالية لتحديد نقاط القوة والضعف، والفرص المتاحة للتطوير.
- استشراف المستقبل: ينبغي للشركات أن تستشرف المستقبل وتحدد الاتجاهات الناشئة التي قد تؤثر على أعمالها. وتبني استراتيجيات للتعامل مع هذه التحديات والفرص.
- توزيع الموارد: بعد تحديد الأولويات، يجب على الشركات توزيع الموارد المالية والبشرية على مختلف المشاريع. مع التركيز على دعم المشاريع التي تساهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الطويلة الأجل.
قاعدة 70-20-10
كما توصي العديد من الدراسات بتخصيص 70% من الموارد للمشاريع الحالية “الأفق الأول”. و20% للمشاريع الناشئة “الأفق الثاني”، و10% للمشاريع المستقبلية “الأفق الثالثّ. ومع ذلك، ينبغي على كل شركة تكييف هذه النسبة لتناسب ظروفها الخاصة وأهدافها الاستراتيجية.
في النهاية، يمثل نموذج الأفق الثلاثي أداة قيمة للشركات التي تسعى إلى تحقيق النمو المستدام؛ فهو يساعدها على تحقيق التوازن بين استدامة الأعمال الحالية والابتكار المستقبلي، وتعزيز التعاون بين مختلف أصحاب المصلحة، وتحسين عملية صنع القرار.