لا شك أهمية المسؤولية الاجتماعية أمر محوري في الوقت الراهن؛ فقد تبدل الحال، وأدى ذلك إلى تغيير الطريقة التي ندير بها أعمالنا وأيضًا الأسلوب الذي تقدم به الشركات نفسها لعملائها.
فقبل نحو عشر سنوات، أصدرت شركات “فورتشن” ما يقرب من 500 تقرير استدامة؛ ما دفع عدد كبير من الشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء باعتبار أهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات كجزء من روتين أعمالها اليومي.
واليوم، يطالب المستهلكون أكثر من أي وقت مضى الشركات بتغيير ممارساتها، وأن تصبح أكثر شفافية وتواصلًا. وأن تتبنى نهجًا أكثر عملية لجعل العالم مكانًا أفضل.
ووفقًا لمسح أجرته شركة “نيلسن” في عام 2014. صرح 55% من المستهلكين عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم من الذين شملهم الاستطلاع، بأنهم على أتم استعداد لدفع المزيد مقابل المنتجات والخدمات من الشركات المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا.
المسؤولية الاجتماعية للشركات وتغير مطالب المستهلكين
قبل وقت ليس بالطويل، كنت أعتقد أنها مجرد رد فعل. وكان العديد من قادة الأعمال يشيرون إلى المسؤولية الاجتماعية للشركات باعتبارها “زخرفة نفاقية”. ويعيدونها إلى مكانها على حد اعتقادهم كفرع صغير من أقسام العلاقات العامة أو الأعمال الخيرية.
وكانت تلك مجرد فكرة ثانوية بالنسبة للعديد من رواد الأعمال. ولم يُتخلص منها إلا إذا احتاج القادة إلى تقليل التأثير السلبي لشركاتهم في أعقاب فضيحة ما.
ولكن هذه الفكرة تغيرت في الوقت الراهن، وأصبحت المسؤولية الاجتماعية للشركات الآن، بمثابة استجابة مباشرة للشركات للمطالب المتزايدة للمستهلكين بالشفافية.
والسؤال الأكثر إلحاحًا هو:
هل المسؤولية الاجتماعية للشركات اليوم حافزًا للتغيير؟
الإجابة ببساطة، هي يجب أن تكون كذلك. إذ تعد الشركات إحدى الطرق التي تغيرت بها الأعمال التجارية. وستستمر في التطوير مستقبلًا. ورغم ذلك، لا يزال هذا النوع من المسؤولية ساحة غامضة للجميع، وينبغي وضع بعض الأمور في الاعتبار:
1- لا تتجاهل أهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات
ازداد عدد المستهلكين المعارضين للشركات التي تتجاهل المسؤولية الاجتماعية، وأصبحت تلك الشركات تكتسب سمعة غير أخلاقية.
ومن المرجح أن تتعثر الشركة تتمتع بهذه السمعة في مشاكل قانونية؛ ما قد يؤدي إلى فشلها. لذا؛ تجاهل المسؤولية الاجتماعية للشركات قد يؤدي إلى كارثة. أيضًا يجب أن تضعها جزءًا نشطًا من خطة عملك للعام الحالي؛ فلم يفت الأوان أبدًا للبدء في ذلك.
باختصار، تهتم الشركات بالمسؤولية الاجتماعية؛ لأن العملاء يهتمون بها. وتحت مظلة هذا العصر الإلكتروني، أصبح المستهلكون أكثر دراية ويمكنهم البحث عن سجل الشركة وممارسات العمل في أي وقت يريدون.
ثم يلجؤون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحديث عنها باستخدام هذه المنصات كأداة قوية لنشر الكلمة، سواء كانت إيجابية أو غير ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الشركات المسؤولية الاجتماعية كأداة توظيف. ويصنف الموظفون المحتملون مكانة الشركة في المجتمع باعتبارها ثاني أهم معيار لمشاركة الموظفين.
ووفقًا لمسح أجرته شركة “ديلويت”، صرح نحو 70% من أفراد جيل الألفية الذين شملتهم الدراسة، بالتزام شركتهم بالمجتمع باعتباره عاملًا مؤثرًا في قرارهم بالعمل هناك.
والآن، تستطيع أن تفهم ببساطة لماذا يعتقدون ذلك، لقد مر جيل الألفية بالعديد من الكوارث السياسية، والطبيعية.
ويرغب الموظفون أن يشعروا بالتمكين لجعل العالم مكانًا أفضل، ورغم أنني لست من جيل الألفية، إلا أنني أستطيع أن أرى قيمة طريقة تفكيرهم.
2- الاستفادة من “قاعدة الهرم”
ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أنه نتيجة للمسؤولية الاجتماعية للشركات. تسعى العديد من الشركات الكبرى إلى تمكين أفقر قطاع من السكان على الصعيدين المحلي والعالمي من أجل تحقيق التوازن. وخلق المزيد من الفرص، وحتى مجموعة محتملة من العملاء الجدد في المستقبل.
فضلًا على أن المسؤولية الاجتماعية للشركات يمكن أن تزيد من صافي أرباح الشركة. ولا شك أن كسب المال هو أحد الشروط لتحقيق الرضا، فمن منا لا يريد كسب المال؟ إنه وضع مربح للجميع عندما تكسب المال وتحدث تأثيرًا إيجابيًا في العالم.
ومن الأمثلة على هذه الممارسة شركة “كولا كولا” الرائدة وبرنامجها “5by20″، الذي أنشأته بهدف تمكين خمسة ملايين سيدة أعمال في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2020.
وتشير البحوث إلى أن تمكين المرأة، يمكن أن يكون له تأثير طويل الأمد، بما في ذلك زيادة الإيرادات وأعداد العمال، فضلٍا عن الأسر الأكثر تعليمًا وصحة؛ ما يؤدي إلى مجتمعات أكثر تقدمًا وازدهارًا.
ومن الأمثلة الأخرى الرائعة على المسؤولية الاجتماعية للشركات، مبادرة الشمول المالي لشركة “فيزا” التي عقدت شراكات مع الحكومات المحلية، والمنظمات غير الربحية لتحويل البنية الاقتصادية للدول النامية.
إذن ما الدرس المستفاد عبر هذه السطور؟ أنك ببساطة لست بحاجة إلى أن تكون مهندسًا لتدرك أنه دون أساس متين سوف ينهار منزلك. تأكد من أن عملك له أساس متين.
3- أنقذ المشجعين والعالم
هي العبارة الأكثر شعبية من برنامج Heroes التلفزيوني التي تصف تمامًا كيف تسعى الشركات حقًا إلى إحداث فرق في العالم. من خلال مساعدة شخص واحد/ مجتمع واحد في كل مرة. وعدم الضرورة إلى أن تكون بحجم شركة كبيرة مثل “كوكاكولا” أو “فيزا” لإحداث فرق. ويعطي البرنامج الكثير الأمثلة على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تدخل اللعبة أيضًا.
وهذه الشركات الأصغر أو حتى المتخصصة تجسد الهدف “الثلاثي”: الناس، والكوكب، والأرباح. وهذا الهدف، بدوره أدى إلى ظهور “الشركة B” لتولد “الفائدة”. وهو نوع جديد من الكيانات التجارية التي يُطلب منها بموجب القانون توليد مزايا اجتماعية وبيئية من أجل العمل.
وقد تم الاعتراف بالشركات التي تحمل تصنيف B خلال الوقت الراهن في سبع ولايات بالولايات المتحدة. والطريقة التي تدمج بها مسؤوليتها الاجتماعية للشركات في ممارساتها التجارية العادية.
ويمكن أن يكون لها تأثير كبير على كيفية تغيير نظر الشركات المدرجة في البورصة إلى رؤيتها وأهدافها المؤسسية.
وأعتقد بصفتي أحد رواد الأعمال، كما يعتقد الكثير من المديرين التنفيذيين للشركات. أن هذا قد يكون أسلوبًا فعالًا لرد الجميل للمجتمع وتمهيد الطريق للجيل القادم من المسوقين ورواد الأعمال.
ومهما كانت القضية التي تدعمها. تأكد من أن تكون شفافًا في ممارساتك وصادقًا مع عملائك. لذا؛ يجب أن تكون أصيلًا حتى تنجح. وإلا سوف تصنف على أنك مخادع وستفقد ثقة عملائك، التي تعد العلاقة الأكثر هشاشة على الإطلاق. فبمجرد فقدانها، ستجد أنه يستحيل استعادتها مجددًا.
وأخيرًا، على ما يبدو أن المسؤولية الاجتماعية للشركات التي بدأت كردة فعل انفعالية أصبحت معيارًا تجاريًا جديدًا في الوقت الراهن، وازداد عدد المطالبات بتغيير ممارسات الشركات لجعل العالم مكانًا أفضل، وهو ما يؤكد افتتاحية سطوري، بظهور علامة أخرى جديدة على تغير الوقت.
بقلم / جيفري هايزلت
المقال الأصلي: هنا