يتعرض مؤسسو الشركات الناشئة إلى ضغط هائل لتحقيق النجاح، ولكن التحدي الأكبر يكمن في محاولات التعافي بعد الفشل. حين يضطرون للتخلي عن مشاريعهم وإعادة بناء أنفسهم من جديد. ففي 1994، سجل معدل استمرار الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة بعد خمس سنوات 50% فقط.
وبحسب مكتب إحصاءات العمل الأمريكي، زادت النسبة إلى 57.3%. ما يشير إلى أن الفشل جزءًا لا يتجزأ من عالم ريادة الأعمال.
محاولات تعافي الشركات الناشئة
عاش رائد الأعمال الشهير ،إسماعيل دينيهين، تجربة الفشل عن قرب. حيث أسس عدة شركات، فشل أول اثنتين منها، بينما نجحت الثلاث التالية. ذلك قبل أن يطلق مؤخرًا شركته الجديدة EverGive. والتي تعتبر منظمة غير ربحية للاستثمار في البيتكوين لمضاعفة التبرعات.
كما يصف دينيهين السنوات الأولى من رحلته بأنها كانت مؤلمة للغاية قائلًا: “كنت أضع ضغطًا نفسيًا على نفسي بسبب الظروف المالية الصعبة. حيث لم يكن هناك من يضغط علي أكثر مما كنت أفعل بنفسي”.
وعلى الرغم من ذلك، تحولت هذه التجارب إلى دروس مستفادة، إذ حققت مشاريعه اللاحقة إيرادات بملايين الدولارات قبل أن يقرر بيعها. حيث اعترف بأن النجاح المالي لم يكن كافيًا، مضيفًا: “مع مرور الوقت، شعرت أن العمل أصبح فارغًا من المعنى، بلا روح”.
ريادة الأعمال من وجهة نظر صناعها
عادة ما يتم وصف ريادة الأعمال على أنها الحرية من قيود العمل التقليدي، ولكن تحولت إلى ثقافة “العمل بلا توقف”.
ففي وادي السيليكون، تحولت أسطورة الـسبعة أيام العمل في الأسبوع إلى أمرًا مألوفًا. بينما تنتشر في الصين ثقافة 996 والتي تبدأ من التاسعة صباحًا حتى التاسعة مساءً، ستة أيام أسبوعيًا.
خسارة هوية العلامة التجارية
يرى كلاس أردينوا، مؤسس شركة البرمجيات البريطانية CommVision، التي أُغلقت بعد عام من إطلاقها، أن الجانب العاطفي للفشل هو التحدي الأصعب.
وقال: “أصعب ما في الأمر كان مواجهة حقيقة أن مشروعي يفشل… ثم التعامل مع النتيجة. وهي خيبة أمل الموظفين والمستثمرين”.
من جهته، واجه آينارس كلافينس من لاتفيا تجربة مشابهة مع شركته Overly المتخصصة في الواقع المعزز. التي كانت على وشك الإفلاس مرتين قبل أن ينجح في إنقاذها.
وعلى الرغم من جمعها عائدات بقيمة 1.5 مليون يورو في عام 2022، قرر الاستقالة نظرًا للإرهاق النفسي والجسدي.
ثم استثمر نصف مليون يورو في شركته التالية، لكنه غادرها بعد عام بسبب تكرار الصعوبات والتحديات.
من يتحمل مسؤولية فشل الشركات الناشئة؟
يعد التراجع من مؤسس إلى موظف أمرًا صعبًا على المستوى الفسي والمهني.
أفادت دراسة لمدرسة Rutgers للأعمال أن أصحاب الشركات السابقين يواجهون تمييزًا وظيفيًا، حيث يتردد مسؤولو التوظيف في تعيين من اعتادوا أن يكونوا رؤساء لأنفسهم.
ولكن أكد خبراء العلاقات العامة مثل ألان رابالو يرون العكس تمامًا قائلًا: “رواد الأعمال هم أفضل الموظفين، لأنهم يعرفون كل تفاصيل العمل”.
وجدير بالذكر أن رابالو استقال من وظيفته كمدير علاقات عامة لتأسيس وكالته الخاصة عام 2021. ثم عاد إلى العمل كموظف بعد ثلاث سنوات. مشيرًا إلى أن تجربة ريادة الأعمال جعلته أكثر كفاءة في تعدد المهام، إدارة الوقت، وفهم دورة العمل بالكامل.
بيما يرى كلافينس، أن عودته كموظف ساعدته على التخلص من الأنانية التي ترافق عادة حياة المؤسسين.
ما هو المفهوم الحقيقي للنجاح؟
يؤكد دينيهين أن الخطوة الأهم بعد الفشل هي إعادة تعريف معنى النجاح، قائلًا: “الخطر الأكبر ليس الفشل، بل النجاح بعد الفشل”، مضيفًا: “عندما لا تكون لديك مبادئ واضحة، يصبح النجاح نفسه مصدرًا للضياع”.
أيضًا قال: “التزموا بمهمة تحمل معنى حقيقيًا بالنسبة لكم. فالمهام الضعيفة أو الانتهازية لن تدعمكم في الأيام الصعبة. أما عندما تؤمنوا بما تفعلونه، ستحول كل تجربة فشل إلى محاولة قابلة للتجاوز”.
علاوة على ذلك، أجمع رواد الأعمال على أن الفشل لا يعني النهاية، بل فرصة لإعادة البناء والاتزان. حيث ينجح رواد الأعمال في النهوض من إخفاقاتهم لإعادة تعريف النجاح بمعايير شخصية عميقة. ليس فقط بالربح أو النمو، بل بالهدف، والاستمرارية، والإنسانية.
لا تظهر الأفكار الإبداعية من داخل قاعات المؤتمرات، بل تنتج من الخبرات المتنوعة والتجارب المختلفة. حيث يبدأ الابتكار الحقيقي عندما يتمكن رواد الأعمال من الدمج بين مجالات مختلفة وتعيد التفكير في الطرق التقليدية للنجاح.
كذلك، أكدت معظم قصص المؤسسين، التي بدأت بخطة استراتيجية أو عرض استثماري، أن الأفكار لا تسير في طريق مباشر، بل تولد من دمج خبرات ومهارات غير متوقعة.
والآن، صار مطلوب من رواد الأعمال الدمج بين إحصائيات في مجالات مختلفة. فالتكامل بين الطاقة، التمويل، والتكنولوجيا أصبح المصدر الأكبر للابتكار.
فعلى سبيل المثال؛ إذ جمعنا بين البناء والهندسة وشغف الدراجات المشفرة، سنجد أن البلوك تشين والطاقة المتجددة يمكن أن يجتمعا في مشروع يغير قواعد اللعبة.
المقال الأصلي: من هنـا



