لقد تغير العالم وأصبح سريع الخطى، خاصة في الآونة الأخيرة، وتغيرت معه أفكار الأشخاص وسلوكياتهم. والسؤال الذي أصبح يفرض نفسه بقوة على الساحة هو: كيف تستطيع أن تبني علامتك التجارية في ظل هذا التغير؟
الحقيقة هي أنه ينبغي للشركات أيضًا أن تتغير. كما يجب عليها أن تفعل ذلك بكل إخلاص وفي وقت قريب. وهو ما يتوقع الكثير من الموظفين والمستهلكين حدوثه على حد سواء، وبالفعل أصبحوا يتخذون بعض القرارات بناءً على القيم التي تظهرها الشركات.
المواطنة العالمية
وكانت نتائج أبحاث شركة “ديلويت” أظهرت تصدر الجيل Z للمشهد الراهن خاصة عندما يتعلق الأمر بالمسؤولية الاجتماعية. وأشارت إلى أن هذا الجيل مدفوع بالغرض وسمعة المواطنة العالمية الجيدة للعلامة التجارية. ويبدو ذلك منطقيًا للغاية؛ حيث نشأ هذا الجيل في عصر انتشار المعلومات السريع. وكان على دراية تامة بالقضايا العالمية مثل: تغير المناخ، والتفاوت الاجتماعي، وانتهاكات حقوق الإنسان.
ومع ذلك لا ينبغي لنا أن نفترض أن عمال الجيل Z هم فقط من يهتمون بالمسؤولية الاجتماعية. بل أصبحت الأجيال والجميع من مختلف الأعمار متشككين في جهود المسؤولية الاجتماعية للشركات.
إنهم يريدون التأكد من أن رواد الأعمال الحاليين أو المستقبليين منهم لا “يضعون علامة على المربع” فحسب. بل يوفون بوعودهم. على سبيل المثال: حصل أكثر من 5000 منظمة على تصنيفات B Corps المعتمدة، وفي المستقبل قد لا يكون هذا التصنيف متوقعًا فحسب، بل قياسيًا.
ولكن ماذا يعني بالضبط أن تفي الشركات بوعودها وتفعل ما تقوله، وألا تكون تلك الوعود هي مجرد أحاديث فقط؟ إن هذا يعني بالنسبة للبعض استثمار مئات ملايين من الدولارات في مبادرة المساواة العرقية. والعدالة للعلامة التجارية، والتي تركز على معالجة العنصرية المنهجية؛ من خلال الدعم التعليمي.
أما بالنسبة للبعض الآخر فإن هذا يعني إعادة 7.5% من الأرباح قبل الضريبة إلى المنظمات المجتمعية المنتشرة داخل المجتمع. فضلًا عن الدفاع عن حقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، وحماية البيئة. بينما بالنسبة للكثير فإن هذا يعني أن العمل حيادي بنسبة 100%.
ورغم ذلك يوجد لكل مثال إيجابي للشركات العكس أيضًا. إذ واجه أكثر من علامة تجارية مشكلة في السنوات القليلة الماضية بسبب مشروعات التضليل البيئي. لا شك أن الجمهور سوف يحاسب العلامات التجارية مستقبلًا -إن لم يكن اليوم- على الأخطاء بقدر ما يحتفل بنجاحها.
إن النقطة الأساسية هنا هي أن شركتك لا تستطيع أن تختبئ وراء شعارات أو بيانات فحسب. ولكن يتعين عليك حتى تتمكن من جذب العاملين والعملاء المعاصرين أن تبرهن التزامك بالمسؤولية الاجتماعية. وإن لم تفعل ذلك فكن على يقين من أن منافسيك أول من يلقون التهم عليك.
طرق عملية
وحتى تتمكن من بدء عملية دمج التغيير الاجتماعي في كل نسيج علامتك التجارية والثقافة في شركتك عليك اتباع الثلاث طرق التالية التي من المؤكد أنها تساعدك في إتمام مهمتك بنجاح.
1- أشرك أصحاب المصلحة لا المساهمين فقط
عندما تكون قائدًا للأعمال يتعين عليك أن تكون حريصًا على المساهمين؛ لأن قيمتهم تظل هي المحور للشركات عبر عقود من الزمن. ومع ذلك تتعارض المسؤولية الاجتماعية للشركات أحيانًا مع التركيز على الأرباح. لماذا؟
الإجابة ببساطة هي: لأن المسؤولية الاجتماعية للشركات تتطلب غالبًا استثمارًا ماليًا كبيرًا، ولكن ليس دائمًا. لذا ضع في اعتبارك أن المستهلكين يدفعون المزيد مقابل المنتجات والخدمات التي تدعمها الشركات المسؤولة اجتماعيًا. ومع ذلك فإن وظيفتك هي النظر إلى ما هو أبعد من مجرد المساهمين وإشراك أصحاب المصلحة لديك.
كما أنه عند التطرق للحديث عن أصحاب المصلحة فإننا نشير إلى كل شخص لديه مصلحة في مؤسستك. بما في ذلك أعضاء الفريق، لكن تذكر أن أصحاب المصلحة هؤلاء لديهم خيار بشأن المكان الذي يعملون فيه. حيث يخطط ما يقرب من 7 من كل 10 محترفين للاستقالة مستقبلًا.
بالطبع لا يمكنك تحمل هذا النوع من الاستنزاف. لذلك تحتاج إلى التعاون مع موظفيك لبناء رؤية جماعية والتزام حول التغيير الاجتماعي. وكن على دراية بأن أعضاء فريقك سوف تكون لديهم رؤى مختلفة لما يعنيه التغيير الاجتماعي. ومن المؤكد أن هذا الأمر جيد لأنه يثير محادثات أعمق ويساعدك في الاقتراب من أهدافك.
2- استمع إلى ما يهم الأشخاص
ضع نفسك في وضع “الاستماع والتعلم” بدلًا من الجدال أو مناقشة النقاط الاجتماعية بشكل تلقائي. واكتشف ما هو مهم حقًا للآخرين، واطرح المزيد من الأسئلة.
على سبيل المثال: لماذا يشعرون بالطريقة التي يشعرون بها؟ ما المهم بالنسبة لهم؟ ما نوع الموقف الذي يرغبون في رؤيتك تتخذه باعتبارك رائد عمل أو علامة تجارية مفضلة لديهم؟ من المؤكد أنك لست مضطرًا إلى فعل كل ما يريدونه. ولكنك ستكون في وضع أفضل لاتخاذ القرارات إذا “فهمتهم”.
وبعد تثقيف نفسك من خلال الاستماع النشط والمتفتح الذهن تصبح مستعدًا لحل المشكلات وقيادة شركتك وفريقك نحو الأمام. ومن خلال قيادة المهمة يمكنك إظهار رغبتك الحقيقية في إحداث تأثير إيجابي بناءً على احتياجات ورغبات أصحاب المصلحة لديك.
بعبارة أخرى: تتاح لك فرصة نادرة لإظهار القيادة الاستباقية، والابتكار، والإبداع في مواجهة أكبر التحديات المجتمعية التي نواجهها اليوم.
3- اهتم بالعناوين والحركات الرئيسية
لا تطلق أي تصريحات عندما تظهر العناوين على الصفحات الأولى لأي منفذ إعلامي رئيسي. وفكر جيدًا قبل إطلاق أي تصريحات. يريد الموظفون والمستهلكون في الوقت الحالي معرفة أن علاماتهم التجارية المفضلة تهتم بما يحدث. بينما أنت لست مضطرًا إلى التسرع في الإدلاء ببيان. وفي الوقت نفسه ينبغي لك توفير مساحة للحوار والمناقشة المحترمة حول مواضيع اليوم.
ولكن هل يمكن أن تصبح هذه الأنواع من المحادثات في بعض الأحيان محرجة؟ بالتأكيد. ولهذا السبب يوصي الخبراء باللجوء إلى الموارد والأدلة لمساعدتك في التنقل عبر هذه المحادثات.
ومن خلال تمكين الجميع من إبداء آرائهم. فإنك تُظهر أنك تقدر الشفافية في مكان عملك، التي بدورها تولد الثقة والمصداقية والمساءلة. وكلها ضرورية لبناء فرق أكثر تماسكًا؛ حيث يشعر الأشخاص بالأمان النفسي ويمكنهم تقديم أفضل ما لديهم في العمل.
وأخيرًا من المؤكد أن بدء التغيير الاجتماعي يتطلب التفاني، والاتساق، والالتزام الحقيقي بإحداث تأثير إيجابي. وعلى الرغم من أن الأمر يتطلب طاقة واستثمارًا فإن هذا العناء يستحق جهد الوقت والمال لتحويل شركتك إلى شركة يُنظر إليها بأنها مسؤولة اجتماعيًا بلا أدنى شك.
بقلم / جلوريا سانت مارتن
المقال الأصلي: هنا