إنَّ الدور الحيوي لإدارة الموارد البشرية، أصبح أكثر أهمية في الوقت الراهن من ذي قبل؛ حتى باتت هي حجر الأساس ومفتاح نجاح وتميز المؤسسات، فما دور إدارة الموارد البشرية خلال جائحة كورونا، وما بعدها؟
لا يختلف اثنان على أن ما يشهده العالم من انتشار لوباء فيروس كورونا المستجد والتدابير التي اتخذتها إدارات الموارد البشرية في العالم في أزمته، يجعل منه التحدي الأصعب، والأكبر والأكثر شمولية منذ نشأة إدارة الموارد البشرية وتطورها خلال نحو عقد من الزمن؛ إذ ازدادت المسؤوليات الملقاة على عاتق إدارات الموارد البشرية مع انتشار الوباء.
ولا شك في أنَّ عالم ما بعد كورونا سيختلف تمامًا عما قبله، فيما يشبه ما حصل في عالم ما قبل وما بعد الحرب العالمية الثانية، وقبل وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ حيث سنشهد آثارًا كبيرة لهذا الوباء بعد انتهائه، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ونفسيًا.
الآثار السياسية
لقد أيقظ فيروس كورونا فيلسوف السياسة الأمريكية هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركي الأسبق في إدارتي نيكسون وفورد، والذي دق ناقوس الخطر محذرًا من أن العالم ما قبل كورونا ليس كما بعده، متوقعًا حدوث اضطرابات سياسية واقتصادية قد تستمر لأجيال؛ بسبب الوباء، وملمحًا لاحتمال تفكك العقد الاجتماعي محليًا ودوليًا.
الآثار الاجتماعية
حث الأمين العام للأمم المتحدة على التركيز على الفئات الأكثر ضعفًا؛ بتصميم سياسات تدعم وتوفر التأمين الصحي والتأمين ضد البطالة والحماية الاجتماعية، مع دعم الشركات لمنع حالات الإفلاس وفقدان الوظائف.
ويكفي أن نشير الي أن عدد حالات المتعطلين عن العمل بسبب تفشي كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية بلغ 42 مليون متعطل عن العمل، وقد تصل نسبة البطالة إلى 20 %، وكذلك الحال في أوروبا حيث وصل عدد العاطلين عن العمل بسبب الفيروس إلى أكثر من 13 مليون متعطل، وكانت النساء هن الأكثر تضررًا، بخلاف ما يحدث في الدول الفقيرة والنامية التي كانت ولازالت تعاني من الكثير من المشاكل الاقتصادية وأعداد المتعطلين عن العمل.
الآثار النفسية
يحذر الأطباء وعلماء النفس من آثار نفسية عميقة لكورونا حاضرًا ومستقبلًا؛ بسبب الإمعان في العزل الاجتماعي، والوحدة، والقلق، والتوتر، والإعسار المالي؛ ما يجعلها عواصف قوية تجتاح الصحة النفسية للبشر.
وقد ثبت أن حالات البطالة المتزايدة التي نتجت عن تفشي كورونا سببت كثيرًا من التوترات النفسية في مناطق وبلدان العالم المختلفة،
وكذلك حالات الاكتئاب، وارتفاع معدلات القلق والتوتر التي غالبًا ما تؤدي إلى إصابة أمراض نفسية، قد تدفع البعض إلى التفكير في الانتحار.
وفي ظل جائحة كورونا، يطرح كثيرون أسئلة مفادها: ما مصير العالم، بعد احتواء الفيروس؟ وكيف يمكن لبلدان أصيب اقتصادها بالشلل التام أن تنهض مرة أخرى؟ وكيف سيكون شكل الأسواق المالية، والديمقراطيات، والبلدان، والحريات العامة، والاتفاقيات الدولية المتعددة الأطراف؟
اقتصاد عالمي مشكوك في أدائه
من المتوقع إعادة تشكيل التوازنات الكبرى في ظل اقتصاد عالمي مشكوك في أدائه. وقد تهتز بعض الأنظمة السياسية نتيجة لذلك ونتيجة لضعف الاستراتيجيات، ومنها دول عظمي مثل أمريكا وبعض البلدان الأوروبية التي لم تستطع مواجهة الجائحة بالشكل المتوقع وفق إمكانياتها.
إعادة هيكلة العالم
بعد الحرب العالمية الثانية، انقسم العالم إلى كتلتين كبيرتين: الرأسمالية والشيوعية، ثم ظهرت مصطلحات العالم الأول والثاني والثالث، ثم الدول الغنية والدول النامية والدول الفقيرة، فهل سيظل العالم على هذا المنوال بعد ظهور كورونا وظهور متغيرات وعوامل جديدة كان لها تأثيرات سريعة على مجريات الأحداث.
لا شك في أن آثار فيروس كورونا قد بدأت في الظهور بشكل مؤثر، خصوصًا مع موجتيه الثانية والثالثة وزيادة أعداد المصابين في شتي أنحاء العالم على الرغم من ظهور عدة لقاحات للتغلب عليه.
اقرأ أيضًا:
العنصر البشري أساس النجاح.. كيف تكسب ولاء الموظفين؟
شريك النجاح.. خدعة استغلال المواهب
توقعات إدارة الموارد البشرية.. مهارة لا بد منها