أصبح ترتيب الأولويات مهارة حيوية للنجاح في عالم مليء بالمعلومات والفرص المتنافسة، ولكن كيف يحدد الخبراء ما يستحق التركيز عليه من بين خيارات لا حصر لها؟ .. على الرغم من أن الأفراد وشركات رواد الأعمال يواجهون تحديات يومية تتطلب اتخاذ قرارات حاسمة حول ما يجب التركيز عليه.
يقول خبراء سلسلة ملابس “Peak performance”: يجب عليك التركيز عندما تحتاج إلى القضاء على الانحرافات؛ إذ يجب أن تلتزم بشيء واحد وكن عظيمًا في هذا الشيء”.
ويمكن تعريف المشتتات بأنها كل الأشياء التي تقف في وجهنا عند تنفيذ مهمة ما. وكذلك هي تلك الأشياء التي تقلل من نسبة تركيزنا في أثناء أداء مهمة ترتيب الأولويات.
عوامل الجذب عكس التشتيت
لقد توصلنا إلى استنتاج مفاده أن عوامل التشتيت أمر سيئ. ونحن لا نريد هذا، وإنما نريد تحقيق عكسه، ألا وهو “قوة الجذب”.
لا توجد هذه الكلمة كنقيض حقيقي للتشتيت إذا بحثت عنها في موسوعة المرادفات أو القاموس. ومع ذلك فإننا نقترحها طبقًا لمعناها؛ فعوامل الجذب هي أي فعل يدفعنا نحو ما نريده حقًا. وإجراء تنخرط فيه انخراطًا كاملًا بهدف متابعة ما تريد أن تفعله.
العوامل المؤثرة في ترتيب الأولويات
يعد تحديد الأولويات من أهم المهارات التي يجب على الأفراد والشركات إتقانها في عالمنا السريع التغير. فمع توفر خيارات لا حصر لها ومهام متراكمة يصبح من الضروري تحديد ما هو الأكثر أهمية واستثمار الوقت والجهد فيه. ولكن ما هي العوامل التي تشكل قراراتنا بشأن ترتيب الأولويات؟
– الأهداف هي البوصلة
الأهداف هي بمثابة البوصلة التي توجهنا نحو المستقبل المنشود. فعندما تكون الأهداف واضحة وقابلة للقياس. يصبح من الأسهل تحديد المهام التي تساهم في تحقيقها وتلك التي يمكن تأجيلها. فالأهداف تحدد اتجاهنا وتساعدنا في التركيز على ما هو ذو قيمة حقيقية.
وتعد الأهداف بمثابة الخريطة التي نسترشد بها في رحلتنا نحو تحقيق أحلامنا وطموحاتنا. فهي البوصلة التي تحدد اتجاهنا وتوجهنا نحو المستقبل المنشود.
لماذا تعد الأهداف مهمة لترتيب الأولويات؟
عندما تكون لدينا أهداف واضحة ومعرفة نتمكن من تحديد المهام والأنشطة التي تساهم بشكل مباشر في تحقيق تلك الأهداف. هذا يساعدنا في التركيز على ما هو مهم حقًا وتجنب الانشغال بأمور ثانوية.
• الوضوح والتركيز
عندما تكون الأهداف واضحة وقابلة للقياس تصبح لدينا رؤية واضحة لما نريد تحقيقه. وهذا يساعدنا في التركيز على المهام والأنشطة التي تساهم بشكل مباشر في تحقيق تلك الأهداف، وتجنب الانشغال بأمور غير ذات صلة.
• الدافع والتحفيز
الأهداف تعمل كمحفز قوي يدفعنا إلى الأمام. عندما يكون لدينا هدف واضح نسعى لتحقيقه نشعر بالحماس والتدافع لمواجهة التحديات والعقبات التي قد تعترض طريقنا.
• قياس التقدم
الأهداف القابلة للقياس تسمح لنا بتتبع تقدمنا وتقييم مدى اقترابنا من تحقيقها. وهذا بدوره يساعدنا في تعديل مسارنا إذا لزم الأمر، وضمان أننا نسير في الاتجاه الصحيح.
• إدارة الوقت
الأهداف تساعدنا في إدارة وقتنا بشكل أكثر فعالية. عندما نعرف ما هو أهم شيء بالنسبة لنا نستطيع تخصيص الوقت والجهد اللازمين لتحقيقه.
– القيم والمبادئ
عرّف الخبراء القيم الشخصية أو المؤسسية بأنها المبادئ والمعتقدات التي توجه سلوكنا. فهي تلعب دورًا حاسمًا في تحديد ما نعتبره مهمًا. والشخص الذي يقدر التوازن بين العمل والحياة الشخصية، على سبيل المثال، يرتب أولوياته بشكل مختلف عن شخص يركز على تحقيق النجاح المهني بأي ثمن.
– الموارد.. حدود الإمكانيات
تحدد الموارد المتاحة، سواء كانت مالية أو بشرية أو وقتية، نطاق ما يمكن تحقيقه. فالشركة الصغيرة التي تمتلك موارد محدودة تضطر إلى التركيز على المشاريع ذات العائد الأعلى على الاستثمار.
وبالمثل فإن الفرد الذي لديه وقت محدود يضطر إلى اختيار المهام التي تساهم بشكل مباشر في تحقيق أهدافه. وإذا تم تخيل الموارد كإطار صورة. فهي تحدد حجم الصورة التي يمكننا رسمها. فكلما كانت الموارد أكثر زادت التفاصيل التي يمكننا إضافتها إلى الصورة، وكلما كانت أقل اقتصرنا على الخطوط العريضة.
– الوقت.. أندر الموارد
يمثل الوقت أحد أندر الموارد وأكثرها قيمة. فهو محدود وغير قابل للتجديد. لذلك فإن إدارة الوقت بفعالية وتخصيص الموارد الزمنية بشكل صحيح مفتاح النجاح في ترتيب الأولويات. والتأجيل المستمر للمهام المهمة يؤدي إلى تراكم الضغوط وتأخر تحقيق الأهداف.
وأوضح خبراء الموارد البشرية أن الوقت أثمن ما نملك، وهو مورد غير قابل للتجديد. وتمامًا كما ينفد المال ينفد الوقت أيضًا. وهذا يجعل من إدارة الوقت بفعالية من أهم المهارات التي يجب علينا إتقانها.
– الظروف الخارجية
وتمثل الظروف الخارجية التغيرات التي تحدث في البيئة الخارجية، مثل: التغيرات الاقتصادية، وظهور منافسين جدد، أو التطورات التكنولوجية.
ويمكن أن تؤثر بشكل كبير في ترتيب الأولويات الحياتية والمهنية. فالشركة التي تواجه أزمة مالية. على سبيل المثال، قد تضطر إلى إعادة تقييم استراتيجيتها وتركيز جهودها على البقاء على قيد الحياة.
وترتيب الأولويات هو عملية ديناميكية تتأثر بعوامل متعددة. فما هو مهم اليوم قد لا يكون بنفس الأهمية غدًا. لذلك من الضروري مراجعة أولوياتنا بانتظام والتكيف مع التغيرات التي تحدث في حياتنا. ومن خلال فهم العوامل التي تؤثر في قراراتنا يمكننا اتخاذ خيارات أفضل وتحقيق أهدافنا بشكل أكثر فعالية.
أسباب عدم التركيز والتشتت
بالتحدث عن المشتتات فإننا نتحدث عن السلوك البشري وردود الأفعال على مصادر التشتيت نفسها؛ حيث يتميز كل سلوك بشري بمحفزات خارجية أو داخلية.
المحفزات الخارجية
تخبرنا المحفزات الخارجية بما يجب علينافعله؛ إذ إنها إشارات نأخذها من البيئة المحيطة بنا، كالأصوات الصادرة من الهاتف أو الحاسوب. على سبيل المثال: عندما نتلقى إشعارًا من تطبيقات التواصل الاجتماعي أو بريدًا إلكترونيًا أو رسالة نصية من صديق قديم، وعندما نتجاهلها.
وتصبح هذه المحفزات في منافسة أقوى لتشتيت اهتمامنا وانتباهنا عن أي مهمة نحاول التركيز عليها، وقد يدفعك مجرد وجود شيء ما بجانبك – مثل هاتفك – إلى الاهتمام به في بعض الأحيان.
المحفزات الداخلية
بالإضافة إلى ذلك توجد محفزات داخلية عديدة، وهي ببساطة إشارات تأتي من داخلنا، كالجوع أو الشعور بالقلق بشأن حدث قادم أو الشعور بالبرد.
يعني هذا أن جميع السلوكيات البشرية محرضة بمحفزات خارجية أو داخلية؛ ولهذا السبب تنشأ عوامل الجذب والتشتيت من المصدر نفسه.