يقودنا الحديث عن صناعة الكيماويات في المملكة للإشارة إلى أن السعودية تماهي بين الاقتصاد والبيئة؛ فالنفع الحاصل على الصعيد الاقتصادي لن يصبح كذلك إلا إذا ضمنا عدم إلحاقه أي ضرر بالبيئة، والعكس أيضًا صحيح.
والحق أن المملكة، وأولى بنا أن نشير إلى هذا قبل التعمق بمسألة التحول في صناعة الكيماويات، تولي قضايا البيئة والتنمية المستدامة أهمية مخصوصة ومنذ زمن بعيد، وقد حققت، على إثر ذلك، العديد من الإنجازات.
اقرأ أيضًا: القطاع العقاري بالمملكة.. الفرص وملامح المستقبل
خفض انبعاثات الكربون
سجلت السعودية تقدمًا في خفض انبعاثات الكربون باعتبارها أحد أكبر منتجي الهيدروكربون في العالم.
وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان؛ وزير الطاقة، في وقت سابق: «المملكة ليست جزءًا من المشكلة بل أعتقد أننا جزء من الحل إذا ما قامت الدول المنتجة للهيدروكربون بما قمنا به منذ السبعينيات عندما قمنا بالتقاط الميثان واستخدمناه في ينبع وأوجدنا شركة البتروكيماويات الضخمة واستخدمناه في إنتاج بعض المنتجات من قطاع التكرير والبتروكيماويات، وكل هذه الأمور حدثت دون خسارة».
وخلال عام 2020 نشر مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) تقريرًا حول خفض الانبعاثات الكربونية -وهو أحد أبرز التحولات في صناعة الكيماويات- من استهلاك الوقود، يؤكد نجاح المملكة في خفض الانبعاثات.
ولفت إلى أن المملكة وصلت إلى 553 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون في 2018، مقارنًة بـ 579 مليون طن في 2017، وذلك بحسب مؤشرات “انرداتا”.
وأشار التقرير إلى تقدم المملكة من المركز الرابع إلى الثالث كأسرع دول مجموعة العشرين خفضًا للانبعاثات من استهلاك الوقود، وجاء في المركزين الأول والثاني: البرازيل وفرنسا بالترتيب، وتقدّمت المملكة على ألمانيا واليابان، واللتين تصدّرتا قائمة الخمس دول في خفض الانبعاثات الكربونية.
وأوضح أن معدل تحسين كثافة الطاقة في اقتصاد المملكة كان 5.5% في 2018، بينما كان المعدّل العالمي 1.2% فقط.
اقرأ أيضًا: «باخيضر»: الشركات التقنية الناشئة تواكب المتغيرات أكثر من التقليدية
استخلاص الكربون وإعادة تدويره
ولعل أحد أبرز التحولات التي حدثت على صعيد صناعة الكيماويات سعي المملكة إلى استخلاص الكربون وإعادة تدويره.
ومن المهم ملاحظة أن الأمر لا يقتصر على تقليل انبعاثات الكربون، أو تقليل الأضرار التي يمكن أن تجرها الصناعة أو منتجات الكربون المختلفة على البيئة، وإنما، وفي ذات الوقت، يتم استخدام هذا الكربون في الكثير من المناحي الإيجابية.
ومن هنا تأتي رغبة أرامكو في استخلاص انبعاثات الكربون والاستفادة منها؛ حيث تنتهج الشركة ممارسات وتقنيات مبتكرة تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية؛ وهو ما جعلها في مصاف الشركات الأقل إنتاجًا للكربون على مستوى قطاع الطاقة.
وقد استحوذت أرامكو السعودية، أحد عمالقة صناعة الكيماويات، في عام 2016 على خط إنتاج بوليولات كربونات البولي بروبيلين بتقنية كونفيرج المملوكة لشركة نوفومر،ىوبفضل الاستحواذ على هذه التقنية تستطيع الشركة تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج من أعمالها الصناعية إلى مواد أكثر نقاءً، وأعلى قيمة، وأفضل أداء، وأرشد تكلفة وأقل إطلاقًا للانبعاثات الكربونية.
وتُستخدم بوليولات كونفيرج عالية الأداء في التطبيقات اليومية مثل: المواد اللاصقة في القطاعين الاستهلاكي والصناعي، ومواد العزل، ومواد تغليف الأغذية ومانعات التسرب، والمطاط الصناعي (الإيلاستومر).
وتعمل تقنيات استخلاص انبعاثات الكربون واستغلاله وتخزينه على تمكين الاقتصاد القائم على تدوير الكربون، وهو إطار عمل يتم فيه معالجة انبعاثات الكربون والغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري من خلال 4 مراحل: الحد من انبعاثات الكربون، وإعادة استخدامه وإعادة تدويره وعزله. هذه الدورة الدائرية هي ما تفعله الأرض منذ مليارات السنين، ومن خلال محاكاة هذا النهج قد نساعد في استعادة توازن دورة الكربون، وتحقيق أكبر تأثير ممكن للمساعدة في خفض الانبعاثات الكربونية التي يواجهها العالم بدرجة كبيرة.
اقرأ أيضًا:
صندوق الاستثمارات العامة.. الاستراتيجية والتوجهات
المؤشر الوطني للعطاء.. الجهود والعطايا
إجراءات وزارة الحج والعمرة الجديدة.. خطوات مهمة لأداء المناسك
الاستثمارات الترفيهية.. القطاع الأبرز لدفع النمو الاقتصادي
جهود التوطين في المملكة.. خطى ثابتة ونتائج إيجابية