خسرت شركات التكنولوجيا الكبرى معركة سياسية في بروكسل للحصول على حق الوصول إلى سوق البيانات المالية في الاتحاد الأوروبي. وذلك على الرغم من تهديدات دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية أعلى على الدول التي «تُميز» ضد الشركات الأمريكية.
في الوقت نفسه، وبدعم من ألمانيا، يمضي الاتحاد الأوروبي قدمًا نحو استبعاد شركات «ميتا» و«آبل» و«جوجل» و«أمازون». من النظام الجديد لتبادل البيانات المالية، الذي يهدف إلى تطوير منتجات التمويل الرقمي للمستهلكين.
كما سيمنح هذا القرار دفعة قوية للبنوك في معركتها لصد التهديد التنافسي من شركات التكنولوجيا الكبرى. التي تخشى المصارف أن تستخدم بياناتها لانتزاع العلاقة المباشرة مع العملاء والاستحواذ على الجزء الأكبر من قيمة معرفة أنماط الإنفاق والادخار.
لائحة «الوصول إلى البيانات المالية»
وبعد أكثر من عامين، تدخل المفاوضات حول لائحة «الوصول إلى البيانات المالية» (FiDA) مراحلها النهائية خلال الأسابيع المقبلة، فيما تواجه شركات التكنولوجيا الكبرى هزيمة شبه مؤكدة، وفق دبلوماسيين.
وقال أحد دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي: «هذا أحد الملفات التي تخسر فيها شركات التكنولوجيا الكبرى معركة الضغط فعليًا».
كانت الإصلاحات تهدف إلى تمكين مزوّدي الخدمات من الأطراف الثالثة من الوصول إلى بيانات البنوك. وشركات التأمين لاستخدامها في تطوير خدمات جديدة مثل الاستشارات المالية.
لكن القطاع المالي الأوروبي شنّ حملة مضادة للحد من هذا الوصول. محذرًا من مخاطر استغلال «حراس البوابة الرقمية» للبيانات الحساسة التي تحتفظ بها المؤسسات المالية الأوروبية، الأمر الذي قد يعزز مواقعهم المهيمنة.
كما حظيت هذه المخاوف بدعم البرلمان الأوروبي، ثم المفوضية الأوروبية، وعواصم رئيسية مثل برلين.
استبعاد شركات التكنولوجيا الكبرى
وفي وثيقة أرسلت إلى دول الاتحاد الأوروبي، اطّلعت عليها صحيفة «فايننشال تايمز». اقترحت ألمانيا استبعاد شركات التكنولوجيا الكبرى «لتعزيز تطوير نظام مالي رقمي أوروبي، وضمان تكافؤ الفرص، وحماية السيادة الرقمية للمستهلكين».
كما تأمل دول الاتحاد والبرلمان الأوروبي في التوصل إلى اتفاق بشأن النص النهائي للائحة خلال الخريف المقبل.
إلا أن الاستبعاد المحتمل قد يثير توترًا جديدًا عبر الأطلسي بعد توقيع بروكسل وواشنطن اتفاقًا تجاريًا في أواخر يوليو.
كذلك كرر ترامب تهديداته بفرض رسوم جمركية انتقامية على الدول التي تفرض ضرائب أو قوانين تعامل شركات التكنولوجيا الأمريكية بشكل غير عادل.
وتحذر مجموعات الضغط التابعة لشركات التكنولوجيا الكبرى من أن الخاسر لن يكون المنصات فحسب، بل المستهلكون أيضًا.
التحكم في البيانات
وقال دانيال فريدلاندر، رئيس فرع جمعية الحاسوب والاتصالات في أوروبا، التي تضم في عضويتها العديد من شركات التكنولوجيا: «كانت الرؤية الأصلية لـ FiDA هي منح الناس التحكم في بياناتهم والوصول إلى خدمات مالية أفضل وأكثر ابتكارًا. لكن الاتحاد الأوروبي، بخضوعه للبنوك التقليدية. سيقيد خيارات المستهلك ويكرس هيمنة اللاعبين القدامى الذين يملكون بالفعل سلطة (حراس البوابة) على بيانات العملاء».
من جانبه، قال كاي جبيللي من «غرفة التقدّم»، وهي مجموعة ضغط أخرى في قطاع التكنولوجيا: «البنوك الكبرى هي حراس البوابة الحقيقيون هنا، وليس المنصات الرقمية.
كما أضاف أن «التمييز ضد شركات التكنولوجيا الأمريكية لن يحرم الأوروبيين من خدمات رقمية جديدة فحسب، بل سيؤجج أيضًا التوترات عبر الأطلسي».
المصدر: فايننشال تايمز