تقدم الأعمال مرهون بوجود نظام تنافسي يحفز الجميع على التطور، وعلى جذب العملاء، والحصول على أكبر حصة سوقية، لكن المنافسة العادلة بين الشركات لا تضمن نجاح أحد المنافسين وسحق الآخرين، وإنما هي تعمل، وبشكل غير مباشر وعلى المدى البعيد، على تحسين المجال الاقتصادي ككل.
تشير المنافسة العادلة بين الشركات إلى السوق الحرة التي يعمل فيها جميع اللاعبين على قدم المساواة؛ حيث تبني الشركات ممارساتها التنافسية على السعر، والجودة، وخدمة العملاء، بدلًا من التسعير الجائر predatory pricing على سبيل المثال.
يُفهم من هذا أن عوامل، مثل الجودة، السعر.. إلخ، يمكن أن تستخدم في منافسة شريفة ويمكن العكس، والأمر هنا متوقف على ماهية الممارسة ذاتها، هذا من جهة، كما أن المنافسة العادلة بين الشركات هي إعطاء الجميع الحق في الوجود بالسوق، وترك الحكم للعملاء دون إقصاء أحد المنافسين أو الإساءة إليه.
اقرأ أيضًا: قبل إطلاق شركتك.. خطة لتحليل منافسيك
الممارسات القانونية
لا يمكننا أن نأمر الجميع بالأخلاق والكف عن الجشع وشتى الممارسات المشينة الأخرى، فمن شأن خطاب كهذا ألا يكون مجديًا إلا في أضيق الحدود، ولكن يجب، على الناحية الأخرى، أن تكون هناك روادع قانونية وتشريعات تجارية تعزز فكرة التنافس الشريف وتأخذ على يد المستغلين والمحتكرين.
إذا انخرطت شركة ما في تقريع المنافسين، أو إساءة استخدام القانون، أو لجأت إلى ممارسات احتكارية، فهي بذلك لا تتنافس بشكل عادل. المنافسة العادلة بين الشركات لا يدينها القانون.
وعندما تستند المنافسة بين الشركات إلى عوامل مثل: الجودة، والسعر، وخدمة العملاء وليس إلى الممارسات التي يدينها القانون، مثل التسعير الجائر أو مهاجمة المنافسين، فإنها بذلك تنافس بشكل شريف ومهني.
اقرأ أيضًا: كيف تدخل المنافسة الفعلية؟
لعبة محصلتها صفر
تبرز خطورة التنافس غير الشريف في أنه لا يدع الفرصة إلا لرابح واحد، وهذه معناه أننا أمام معادلة الجميع فيها خاسر باستثناء منافس واحد فقط، وهو ذاك الذي اتبع ممارسات غير أخلاقية وغير شريفة. لا تكمن المشكلة في أننا سنراكم الربح والمكاسب في يد منافس واحد، وإنما في أن الوضع الاقتصادي برمته سيُصاب بالبوار، وسيتأثر سلبًا.
ليس هذا فقط، وإنما ستبزغ ممارسات أخرى ملتحقة بهذا التنافس غير الشريف، من بينها _على سبيل المثال_ الاحتكار، ورفع الأسعار بشكل مبالغ فيه؛ نظرًا لزيادة الطلب وقلة العرض الذي يتعمده هذا المنافس غير الشريف.
نمو الشركات الناشئة
ولعل من الآثار الحميدة لـ المنافسة العادلة بين الشركات أنها أعطت الفرصة لرواد الأعمال والشركات الناشئة والصغيرة أن ينافسوا الشركات الكبرى ذات القدم الراسخ في السوق؛ وذلك لأن المنافسة العادلة _كما يذهب بعض الخبراء الاقتصاديين_ تحسنت بشكل كبير منذ التسعينيات، أي عندما بدأ الناس في الاتصال بالإنترنت بأعداد كبيرة.
وبالتالي صار ممكنًا للشركات الناشئة أن تحظى لنفسها على موطئ قدم في السوق جنبًا إلى جنب مع الشركات الكبرى شريطة أن تحسن استخدام الإنترنت، وتجنده لصالحها في العديد من المجالات التنافسية المختلفة.
اقرأ أيضًا: قواعد المنافسة في الألفية الجديدة.. استراتيجيات لازدهار وبقاء الشركات
التسعير الجائر
عند وضع استراتيجية التسعير يجب أن نضمن تحقيق الربح للشركة من خلالها، لكن خفض الأسعار بشكل مبالغ فيه قد يُنظر إليه باعتباره تسعيرًا جائرًا؛ حيث تكون شركة كبيرة قادرة على إفلاس أصغر المنافسين من خلال تحديد أسعار غير مربحة. وبعد انتهاء المنافسة، تصبح الشركة الكبيرة حرة في رفع الأسعار إلى مستويات عالية للغاية.
تضليل المستهلكين
نظام حماية المستهلك هو نظام يحدد المستوى الأساسي للجودة التي يجب على جميع الشركات تقديمها للعملاء. أما إذا لجأت الشركة إلى تضليل عملائها والتغرير بهم فإنها بذلك تخالف قواعد التنافس الشريف.
وهذان مثالان فقط من أمثلة المنافسة غير العادلة التي يمكن أن تلجأ إليها بعض الشركات من أجل القضاء على بقية المنافسين.
اقرأ أيضًا:
قواعد المنافسة في الألفية الجديدة.. استراتيجيات لازدهار وبقاء الشركات
كن نبيلاً.. قواعد المنافسة بين الموظفين
ضمان العدالة بين الموظفين.. الطريق لبيئة عمل صحية