تحل ذكرى اليوم الوطني 94 للمملكة العربية السعودية هذا العام محملةً بروح الفخر والاعتزاز بمسيرة وطن تجاوز كل العقبات والتحديات نحو المستقبل.
وفي هذه المناسبة الغالية تتزين المدن والقرى باللون الأخضر الذي يعكس وحدة الشعب السعودي وعمق انتمائه لأرضه وهويته الوطنية. فالاحتفالات تغمر أرجاء المملكة وسط أجواء مفعمة بالولاء والانتماء؛ إذ يتشارك المواطنون والمقيمون في تجسيد مشاعر الحب والوفاء للوطن الغالي؛ ما يجعل يوم الوطن مناسبة فريدة تؤكد التلاحم بين القيادة والشعب.
ومن اللافت في احتفالات اليوم الوطني 94 تلك اللوحات الزاهية التي ترسمها الفعاليات الثقافية والترفيهية، ويتجسد فيها عمق الحضارة السعودية وعراقتها. ففي مدن المملكة تُروى حكاية نهضة وطنية شامخة، وتُعرض إنجازات عملاقة تشكل ركائز المستقبل المشرق.
وتتنوع الاحتفالات بين عروض ضوئية ساحرة ومهرجانات شعبية تعبق بالتراث، ومسيرة حافلة بالحيوية، وأنشطة فنية تعبر عن فرحة شعب يرتبط بأرضه بتاريخ مجيد وحاضر زاهر.
اليوم الوطني 94
وبالانتقال إلى رؤية 2030 تتجلى في احتفالات اليوم الوطني 94 خطوات المملكة الثابتة نحو تحقيق طموحاتها المستقبلية. فمع كل عام تزداد ثمار الجهود المبذولة في تحقيق الاستدامة الشاملة، وتطوير البنية التحتية الحديثة، وتعزيز مكانة المملكة الريادية عالميًا.
وفي هذا الإطار يمثل اليوم الوطني منصة فريدة للاحتفاء بالإنجازات المتراكمة. وتأكيد التزام المملكة بتحقيق رؤية طموحة تبني مجتمعًا حيويًا واقتصادًا مزدهرًا ووطنًا رائدًا.
وتمثل ذكرى اليوم الوطني 94 محطة فارقة لتقييم مسيرة التقدم التي تشهدها المملكة العربية السعودية في ظل رؤية 2030 الطموحة. فالإنجازات المتحققة في شتى المجالات؛ من الصناعة والطاقة إلى التعليم والابتكار. تؤكد المكانة المتنامية للمملكة كقوة اقتصادية مؤثرة إقليميًا ودوليًا.
ويأتي هذا اليوم ليشكل لحظة فخر واعتزاز؛ حيث يتم إبراز التحولات الجذرية التي تشهدها المملكة في مسارها نحو تحقيق أهداف رؤيتها المستقبلية.
رؤية المملكة 2030 تمضي قدمًا
بخطى حثيثة تتقدم المملكة العربية السعودية نحو تحقيق أهدافها الطموحة. وذلك من خلال رؤية 2030 التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود؛ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-. هذه الرؤية التي تعد خارطة طريق واضحة المعالم للمستقبل. تستهدف بناء اقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي، ووطن طموح.
كما تعتمد رؤية 2030 على ثلاثة محاور رئيسية: أولها هو العمق العربي والإسلامي للمملكة، الذي يمنحها مكانة ثقافية فريدة تمتد عبر التاريخ. وثانيها: القدرات الاستثمارية الهائلة التي تمتلكها المملكة. والتي تمكنها من جذب الاستثمارات وتنويع مصادر الدخل. أما المحور الثالث والأخير فهو الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة. الذي يجعلها مركزًا للتجارة والخدمات اللوجستية على مستوى العالم.
علاوة على ذلك فإن رؤية 2030 تسعى إلى تمكين الشباب السعودي من خلال توفير المزيد من فرص العمل ودعم ثقافة ريادة الأعمال. وتعزيز دور المرأة في المجتمع. كما تعمل على تطوير البنية التحتية، وتحسين جودة الحياة للمواطنين. وتعزيز مكانة المملكة كقوة مؤثرة على الساحة الدولية.
من ناحية أخرى شهدت المملكة، منذ إطلاق رؤية 2030 في 25 أبريل 2016، تحولات جذرية بمختلف المجالات؛ حيث تم إطلاق العديد من المبادرات والمشاريع العملاقة التي تساهم في تحقيق أهداف الرؤية. ومن أبرز هذه المشاريع: مشروع نيوم، الذي يهدف إلى بناء مدينة ذكية مستدامة، ومشروع القدية. الذي يرتكز على إنشاء وجهة ترفيهية عالمية.
المملكة تحتفل بإنجازاتها
في ذكرى اليوم الوطني 94 تحتفي المملكة بإنجازات ملموسة على صعيد تحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة. إذ شهد عام 2023 تقدمًا ملحوظًا في تنفيذ مختلف مبادرات الرؤية؛ حيث بلغت نسبة المبادرات المكتملة أو التي تنفذ على المسار الصحيح 87% من إجمالي المبادرات البالغ 1064 مبادرة.
كما حققت مؤشرات الأداء الرئيسة تقدمًا كبيرًا؛ إذ بلغت نسبة مؤشرات الأداء للمستوى الثالث التي حققت مستهدفاتها 81%، بينما تجاوزت 105 مؤشرات مستهدفاتها المستقبلية لعامي 2024 و2025.
كذلك شهد قطاع الحج والعمرة نموًا كبيرًا؛ حيث سجلت المملكة زيادة تاريخية في أعداد المعتمرين من الخارج، لتصل إلى 13.56 مليون معتمر. متجاوزة بذلك المستهدف لعام 2023 والبالغ 10 ملايين معتمر. كما شهد قطاع السياحة نموًا ملحوظًا؛ إذ وصل عدد زوار المملكة إلى 106 ملايين زائر، منهم 27.4 مليون زائر دولي. ما جعل المملكة تحتل المركز الثاني عالميًا من حيث نسبة نمو السياح الدوليين.
ولا يمكن الحديث عن اليوم الوطني 94 دون الإشارة إلى الإنجازات التي حققتها المملكة في مجال الثقافة والتراث؛ حيث زاد عدد المواقع التراثية السعودية المدرجة لدى اليونسكو إلى 7 مواقع. متجاوزة بذلك المستهدف لعام 2023 والبالغ 6 مواقع. ويأتي هذا الإنجاز تتويجًا للجهود المبذولة للحفاظ على التراث الثقافي للمملكة وعرضه للعالم.
وعلى الصعيد الدولي حققت المملكة إنجازًا تاريخيًا بفوزها باستضافة معرض إكسبو 2030 في مدينة الرياض، متفوقة على مدينتي بوسان في كوريا الجنوبية وروما في إيطاليا. يأتي هذا الفوز تتويجًا للمكانة الإقليمية والدولية التي تتمتع بها المملكة، ويعكس الثقة الدولية في رؤية 2030.
مؤشرات الصحة العامة
وبخصوص مؤشرات الصحة العامة حققت المملكة العربية السعودية تقدمًا ملحوظًا في تعزيز نمط الحياة الصحي لدى المواطنين. فاقتربت نسبة البالغين الممارسين للنشاط البدني لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا من المستهدف العام لرؤية 2030. وبلغت النسبة الفعلية 62.3% متجاوزة بذلك هدف عام 2023 والبالغ 51%. مقارنة بخط الأساس البالغ 49%.
علاوة على هذا الأمر شهد قطاع الإسكان تطورًا ملحوظًا؛ حيث تمكنت 66 ألف أسرة سعودية من الحصول على مساكن جديدة. كما تم إطلاق أكثر من 24 ألف وحدة سكنية جديدة حتى نهاية شهر أغسطس. وبلغت نسبة تملك المواطنين للمساكن 63.74%. متجاوزة بذلك هدف عام 2023 والبالغ 63%. ومقتربة من المستهدف العام لرؤية 2030 والذي يصل إلى 70%.
كذلك استفاد ما يزيد على 96 ألف مواطن من خدمات الدعم السكني؛ إذ بلغ إجمالي الدعم المالي المقدم 4.1 مليار ريال سعودي. كما تجاوزت نسبة المستفيدين من الإعانات المالية القادرين على العمل والمُمكِّنين مستهدف العام البالغ 32%؛ حيث بلغت النسبة الفعلية 32.3%.
الناتج المحلي في ذكرى اليوم الوطني 94
من ناحية أخرى حققت المملكة نموًا اقتصاديًا قويًا. ففي اللحظة التي يحتفل فيها السعوديون بذكرى اليوم الوطني 94 يُسجل الناتج المحلي الإجمالي قيمة بلغت 2,959 مليار ريال، متجاوزًا بذلك خط الأساس. ووصلت قيمة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 1,889 مليار ريال. ما يعكس تنويع الاقتصاد وتقليص الاعتماد على النفط.
بينما بلغت مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي 45%، محققة بذلك هدف عام 2023. ويعكس هذا الإنجاز نجاح الجهود المبذولة لتمكين القطاع الخاص وزيادة مساهمته في النمو الاقتصادي.
دعم ريادة الأعمال
بلغت قروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة قفزة نوعية؛ حيث ارتفعت نسبتها من إجمالي قروض البنوك لتصل إلى 8.3%. متجاوزة بذلك الخط الأساس بنسبة كبيرة والاقتراب من تحقيق مستهدف العام البالغ 8.6%. وتأتي هذه النسبة لتؤكد التقدم المحرز في دعم ريادة الأعمال وتعزيز مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي. وذلك في خطوة نحو تحقيق رؤية 2030 التي تستهدف رفع هذه النسبة إلى 20%.
وفي قطاع حيوي آخر حققت المملكة إنجازًا بارزًا في توطين المحتوى المحلي بقطاع النفط والغاز؛ إذ ارتفعت هذه النسبة إلى 63%. متجاوزة بذلك مستهدف العام والخط الأساس بنسب كبيرة.
ويعكس هذا الإنجاز نجاح الجهود المبذولة لتعزيز القيمة المضافة المحلية في هذا القطاع الاستراتيجي. والمساهمة في تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاقتصاد الوطني.
دعم التنوع الاقتصادي في اليوم الوطني 94
وعلى صعيد الصادرات شهدت الصناعات المرتبطة بالنفط والغاز نموًا كبيرًا؛ حيث بلغ إجمالي قيمة الصادرات التراكمية 605.43 مليار ريال. وتخطى بذلك مستهدف العام بشكل كبير. وتثبت هذه الأرقام قدرة المملكة على تعزيز تنافسيتها في الأسواق العالمية وزيادة حصتها من التجارة العالمية بهذا القطاع.
وفي سياق دعم التنوع الاقتصادي حققت المملكة تقدمًا بزيادة حصة المحتوى المحلي في نفقات القطاعات غير النفطية؛ إذ بلغت هذه النسبة 56.8%. متجاوزة بذلك الخط الأساس ومقتربة من تحقيق مستهدف العام. ويعكس هذا الإنجاز نجاح الجهود المبذولة لتعزيز دور القطاع الخاص وتنويع الاقتصاد.
صندوق الاستثمارات العامة
وفي إطار جهود تنويع الاقتصاد حقق صندوق الاستثمارات العامة نموًا هائلًا في الأصول المدارة؛ فبلغ إجمالي الأصول 2.81 تريليون ريال. متخطيًا بذلك مستهدف العام بشكل كبير. كما تم تأسيس 93 شركة جديدة في محفظة الصندوق عام 2023. ما يوفر فرص عمل جديدة ويدفع عجلة النمو الاقتصادي.
وعلى صعيد سوق العمل حققت السعودية تقدمًا في خفض معدل البطالة بين السعوديين؛ حيث بلغ 7.7%، متجاوزًا بذلك مستهدف العام. كما ارتفعت نسبة الملتحقين بسوق العمل من خريجي التعليم التقني والمهني والجامعات. ما يعكس نجاح الجهود المبذولة لمواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل.
ذكرى اليوم الوطني 94
في النهاية تشكل ذكرى اليوم الوطني 94 منعطفًا تاريخيًا يؤكد مسيرة حافلة بالإنجازات؛ حيث رسمت المملكة ملامح مستقبل واعد بفضل رؤية 2030 الطموحة. فهذه الرؤية ليست مجرد أهداف، بل هي خارطة طريق واضحة المعالم نحو بناء أمة قوية ومزدهرة. تساهم بفاعلية في صناعة المستقبل.