تتكون البذرة الأولى للمشاريع من فكرة ذهنية وربما عابرة، تتبلور لتصبح حقيقة، إلا أن مراحل متداخلة، وتفاصيل عميقة، تتطلب إعادة التفكير في كيفية تطوير وانطلاقة المشاريع الناشئة، فكم من مشروع ناشيء أصبح عملاقًا، وكم من رواد أعمال أصبحوا قادرين على مواجهة كبار المستثمرين في السوق، وربما أصبحوا أقوى منهم.
تُعرف ريادة الأعمال بأنها عملية إنشاء كيان جديد أو تطوير كيان موجود فعليًا، كاستجابة لفرص جديدة يود هذا الكيان الاستفادة منها بشكل تجاري؛ إذ تعتمد ريادة الأعمال اعتمادًا كبيرًا على الخبرة، فكلما زاد عمر الكيان، عبَّر عن مدى تأقلمه مع السوق، والنجاح فى النجاة من التحطم الذى يواجه أغلب الكيانات الجديدة.
ويُعرف المشروع الناشيء بأنه أي مشروع يبدأ من الصفر، ويصل لنجاح يظهر لشريحة كبيرة من المستخدمين خلال سنتين على الأكثر، ويظل طوال هذه الفترة يسمى بالمشروع الناشيء. وكثيرًا ما ترتبط المشاريع الناشئة بالتقنية الجديدة، فالاعتماد الأساسي على تلك التقنيات، يخفض التكاليف ويرفع من قيمة الخدمات المقدمة ذات الجودة العالية، لاسيَّما وأن الابتكار والإبداع يكونان حليفين أساسيين للمشروع الناشيء.
غالبًا ما يطلق اسم رواد الأعمال على أصحاب الفكر الجديد اقتصاديًا، ولديهم مشاريع ناشئة، وهناك من يتسمون بمهارات قيادية شخصية مع قدرتهم على التفكير اقتصاديًا، وإطلاق الفكر الفعَّال في عالم المال والأعمال. ومن هذا المنطلق، أصبح رواد الأعمال في العالم يشكلون تأثيرًا اقتصاديًا في الوقت الراهن؛ إذ أصبحت الريادة اقتصادًا مستدامًا في الدول الاقتصادية؛ لذا نجد اليوم رواد المشروعات الناشئة مصدرًا حقيقيًا في دعم اقتصاديات دولهم.
وفي المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، قصص وروايات لرواد أعمال، فالمتبع عن كثب لفعاليات ذلك المنتدى سيجد نفسه منافسًا حقيقيًا أمام هؤلاء، فالثقة في علم الاقتصاد تقود إلى الفاعلية الفكرية، وليست العشوائية؛ لذا أردد دومًا عبارة : “دعم وبناء مستقبل رواد الأعمال، والإسهام في تنمية مجتمعاتهم واقتصادهم القومي سوف يخلق جيل قادرًا على المساهمة في رؤية 2030. ولا ننسى أن هناك مبادرات متنوعة من جهات عدة داخل المملكة العربية السعودية تقدم فكرها وتغذي المشاريع الناشئة، بكافة طاقاتها، وتسخر إمكانياتها للدعم؛ لنكون مجتمعًا ذا سمة تنموية مستدامة، يعتمد على تنمية وتطوير الموارد البشرية”.
وكثيرًا ما نسمع أن الدول الاقتصادية تسعى إلى الارتقاء بقطاع ريادة الأعمال ودعمه، والإيمان بأهميته الاقتصادية في الإسهام في دعم تنويع الاقتصاد القومي؛ مايمكّن رواد الأعمال من بناء شركات عالمية حول دول العالم مدعومة اقتصاديًا ببيئة أعمال جاذبة للاستثمار، وتخلق رواد أعمال مساهمين بالفعل في تنمية اقتصاديات بلدانهم,
وندرك كلنا الدور الهام لريادة الأعمال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ إذ تساعد أفكارنا المبتكرة في هذا المجال على فهم المشكلات الكبرى التي تواجه الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة خلال مسيرة تطورها ونجاحها؛ إذ أجمع خبراء اقتصاديون على أن المشاريع الناشئة تلعب دورًا كبيرًا في تنمية الاقتصاد، لاسيَّما في ظل دورها الرئيس في محاربة مؤشري الفقر والبطالة.
وتُعد المشاريع الناشئة عصب الاقتصاد الوطني؛ كونها المشغل الأكبر للأيدي العاملة، وتسهم في زيادة إيرادات الدولة، كما تشكل تلك المشاريع نواة حديثة للأفكار الإبداعية ؛ لأنها تُعد المخرج الوحيد لتوفير فرص العمل، إضافة إلى دعم الدخل الوطني والحد من البطالة، علمًا بأن هذه المشاريع هي متنفس لمن يعانون أوضاعًا اقتصادية بسيطة؛ لأنها لا تتطلب رأسمال كبيرًا، كما تمثل مصدر رزق لأصحابها، وتتميز بسهولة تأسيسها، وسهولة إدارتها، كما تشكل الحصة الكبرى من المؤسسات العاملة في مجال الاقتصاد، إضافة إلى أنها من أهم العوامل التي تسهم في النمو الاقتصادي وتحريك عجلة النمو، كما تحقق أفكارًا إبداعية خلَّاقة، ولكنها تحتاج للدعم المادي؛ حتى تتمكن من توسيع نطاق العمل فيها.
وتحتاج هذه المشاريع الى أصحاب قدرات ذهنية وخبرات علمية؛ لتنمو وتصبح قادرة على النهوض والاستدامة، وتكون رائدة في مجالها.