يؤمن رواد الأعمال بحقيقة واحدة في الحياة مفادها أنهم لن يعرفوا أبدًا ما الذي سيحدث مستقبلًا. وهذا التفكير يؤثر سلبًا على الثبات الانفعالي للإنسان.
وحتى لا أطيل عليك وأسرد رحلتي في سطور موجزة. كانت وظيفتي الأولى بعد التخرج من الكلية منسقًا للمشروعات في شركة ناشئة في مدينة “فايل”، بولاية “كولورادو” بالولايات المتحدة.
وقامت الشركة ببناء وإدارة منازل رائعة يمكن الدخول إليها والخروج منها بالتزلج. وهذا النوع من المنازل شاهده الجميع في برنامج “كريبس” على قناة “ام تي في”. وبالعودة إلى الوراء، كانت هذه الوظيفة رائعة وكان أي خريج جديد يحلم بالحصول عليها. ومع ذلك، كانت هذه أول تجربة لي مع عدم الارتياح على الصعيدين الشخصي والمهني.
كنت أعمل كل يوم، وأي يوم، على عشرة مهام مختلفة دون أن أعرف هدفي الدقيق. سواء كان ذلك فحص ميزانية البناء، أو تحليل البيانات لحملة بريد مباشر قادمة. وكنت جديدًا، ولم أكن أعرف كيف أتعامل مع الأمور بعد. وسرعان ما تسلل عدم الارتياح إلى نفسي وهذا أدى إلى اضطراب الثبات الانفعالي. وأحسست بالرغبة في العودة مجددًا إلى “منطقتي الآمنة” وممارسة حياتي القديمة من التاسعة صباحًا إلى الخامسة مساءً.
تأثير الكلمات المحفزة
ولحسن الحظ، كان لدي رئيس صارم رأى لمحة من امكانياتي وكان على استعداد لمنحي درس الحب القاسي الذي كنت أحتاجه. كان كل يوم يهديني مفاجأة، ولكن كان هناك دائمًا هدف وراء تكتيكات قيادته. ومازلت أعتبره حتى الآن أحد أكثر المرشدين تأثيرًا في حياتي. وفي إحدى رحلاتنا العديدة إلى موقع العمل، أخبرني أنني بحاجة إلى أن أكون حيث تكون قدماي.
لقد حفزتني هذه الكلمات على تغيير طريقة تفكيري. لم أكن حاضرًا ذهنيًا بعد. ولم يكن مساري آنذاك متوافقًا على الإطلاق مع الحياة التي كنت أقول لنفسي دائمًا إنني أريدها. ولم أتغير بين عشية وضحاها، ولكنني أمضيت السنوات الثلاث التالية في التركيز على الحفاظ على الثبات الانفعالي. وكيفية الانغماس الكامل في العمل، وبذلك نجحت في اكتساب خبرة لا تقدر بثمن كرائد أعمال على طول الطريق.
من يدري ماذا كان سيحدث لو لم أسمع هذه الكلمات المحفزة القوية في حياتي أبدًا؛ فإذا كنت أحد هؤلاء الذي يبحثون عن التغيير في حياتهم. إليك أربع مهارات يمكنك ممارستها لمساعدتك على “أن تكون حيث تتواجد قدميك”.
1- استشعر الراحة عند الشعور بعدم الراحة
إن الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك واحتضان التحديات من شأنه أن يدعم قوتك للتغلب على العقبات الأكبر. وقد قدمت “بيك بامبرجر” رائدة الأعمال ومؤسسة شركة “بي ايه ام كومنيكيشنز”، مثالاً رائعًا عن ذلك؛ إذ بدأت في متابعة قصص رواد الأعمال الناجحين بعد المقابلة التي أجرتها افتراضيًا مع منظمة ريادة الأعمال التي أنتمي إليها. ووضعت نفسها باستمرار في مواقف غير مريحة لترى ما إذا كان بإمكانها أن تشعر براحة أكبر في القيام بأشياء أكبر وأكثر جرأة في العالم.
لقد كانت مثالًا يحتذى به عندما عملت أحد الأيام في تنظيف النوافذ على جانب ناطحة سحاب، وعاشت بلا مأوى ليلة في المدينة، لقد استطاعت أن تتقبل الشعور بعدم الراحة بأشد الطرق جرأة. لذا؛ خذ لحظة وتعلم شيئًا جديدًا وذكر نفسك أنك لن تشعر بصعوبة الأمر سوى في المرة الأولى فقط.
هل سبق وتخيلت ما هو الاتجاه الذي ستتخذه في حياتك إذا كان الخوف من الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك غير موجود؟ إذا لم تستطع التحكم بالثبات الانفعالي الخاص بك؟
2- تحمل المسؤولية والقلق بشأن نفسك
إن أفعالك هي التي تكتب سيناريو سمعتك، لذا لا تقلق إلا بشأن الأمور التي يمكنك التحكم فيها. وتدرب على تحمل المسؤولية في حياتك، سيساعدك هذا على تحصين مناعتك ضد الخوف. وعندما لا تخاف من نتيجة أو أمور خارجة عن سيطرتك، ستدرك أنك تركز حينئذ فقط على إنجاز المهام.
على سبيل المثال، لنفرض أن كارثة ضربت أكبر مشروعاتك بسبب إهمال أحد المقاولين من الباطن. هل يجب عليك القلق بشأن على من يلقي المقاول اللوم، أم القلق سيدور حول من يتحمل مسؤولية الموقف وينفذ خطوات عملية للبحث عن حلول؟ ستتعلم أنه من الأسهل حل المشكلات عندما تركز على ما يمكنك التأثير عليه بشكل مباشر.
3- أرفض الخسارة
عندما تؤدي عملك على أكمل وجه وبأعلى مستوى في جميع المهام المكلف بها. ستتعلم أن هناك دائمًا “مكسب” في كل سيناريو. قد لا يكون المكسب هو الذي كنت تريده في الأصل، لكنه على أي حال سيكون مكسب. وبمرور الوقت ستحول هذه العقلية الفائزة سلبيتك السابقة إلى قائمة من دروس الحياة التي تدفعك إلى الأداء.
لقد استغرق الأمر مني وقتًا طويلاً لمعرفة ذلك، ولكنني ربطت النقاط بعضها ببعض عقب حضوري للمحاضرة التي ألقاها “بن نيومان” عن “القوة العقلية”. وكان حدثًا لمدة يومين غير عقليتي، وانتهى بي الأمر إلى حضور أربع محاضرات أخرى حتى أصبحت راعيًا لتلك المحاضرات. لقد أصبحت مؤمنًا بشدة بتدريب “القوة العقلية” وأصبح الأمر مرتبط بشكل مباشر بعقليتي التي ترفض الخسارة.
4- تعلم إظهار التقدير
من السهل أن تكون حاضرًا عندما تكون لديك علاقات وثيقة مع زملاؤك، وإظهار التقدير هو إحدى الوسائل الرائعة لبناء هذه العلاقات الوطيدة. لذا؛ اجعل الأمر بسيطًا وابدأ صغيرًا، على سبيل المثال، إذا ساعدك شخص ما في المكتب ووفر عليك ساعات من العمل. فلا تكتفِ بقول “شكرًا”، ولكن اشرح له كيف ستؤدي مساعدته السريعة إلى زيادة كفاءتك بشكل كبير. واربط أفعاله بتحسين أعمالك، وأخبره بالتأثير الذي أحدثه عندما قرر تقديم يد المساعدة. وتدرب كثيرًا على إظهار التقدير كل يوم وستتمكن من تطوير علاقات أقوى بكثير على كل المستويات.
وبينما لا يحصد الكثير من الأشخاص الثناء لحل المشكلات السهلة؛ فلن تتعلم أبدًا أين تجد حلاً رائعًا للمشكلات إذا لم تكن حاضرًا. إن الالتزام بالتواجد حيث أنت وممارسة هذه المهارات السابقة كل يوم سيكون له تأثير قوي على نجاحك على المستويين الشخصي والمهني.
بقلم / درو جورلي
المقال الأصلي: هنا