من زاوية ما يمكن اعتبار التمويل طويل الأجل محاولة جادة للعب على أحد المحاور الأساسية الحاكمة لعملية الاستدانة أو الحصول على المال، فإذا كان الأصل في التمويل أنه مؤقت؛ أي محدد بوقت معين يجب أن يتم فيه استرداد الأموال مضافة إليها قيمة الفائدة _إلا إذا كان الأمر لا يتعلق بالحصول على حصص ملكية في المقابل_ فإن المحك الأساسي الذي يلعب عليه التمويل طويل الأجل هو إطالة أمد الاستحقاق هذا، وتأخيره إلى أطول فترة ممكنة.
ولقائل أن يقول: ما الفائدة التي تعود على الممولين من خلال هذا النوع من التمويل؟ أليس مستغربًا أن يكون أمد استحقاق الأموال طويلًا هكذا؟ والحق أن هذا التساؤل المتشكك على قدر كبير من الوجاهة؛ فالتمويل طويل الأجل قادم من منطق غير مألوف في الاقتصاد، سوى أن هذا اللبس سوف يزول حين نتحدث عن مصادر هذا التمويل.
لكن الأهم من هذا كله أنه من الواجب على الشركة أن تعرف متى تلجأ إلى التمويل طويل الأجل؛ فلا شك أنه لا يتعين عليها الذهاب إلى هذا الخيار في بدايتها، في الواقع لن تجد الشركة من يمنحها تمويلًا طويل الأجل طالما كانت هي في فاتحة عهدها.
ويمكن الدفع، من باب الاختصار، بهذه الخلاصة النظرية التالية: كلما تمكنت الشركة من تحقيق الأرباح، وراكمت سجلًا حافلًا من النجاح طال أمد استحقاق الأموال في حالة لجوئها إلى التمويل أو الاستدانة، أو أي شكل من أشكال الاستعانة بأموال الغير.
اقرأ أيضًا: التمويل التكميلي.. خيار منتصف الطريق
ما هو التمويل طويل الأجل؟
دومًا ما يكون سؤال الماهية مسار جدل، وأخذ ورد، لاسيما إذا كانت المصطلحات التي يُتصدى لتعريفها وتبيان ماهيتها زئبقية مثل هذا التمويل طويل الأجل، ولكننا سنحاول في «رواد الأعمال» جمع أجزاء من تعاريف شتى لتقديم تعريف بسيط يمكن اعتماده من قِبل المعنيين والاعتماد عليه.
ويمكن تعريف التمويل طويل الأجل بأنه أي أداة مالية ذات تاريخ استحقاق يتجاوز سنة واحدة مثل: القروض المصرفية، والسندات، وبعض أشكال تمويل الديون، وأدوات الملكية العامة والخاصة.
ويُعد رأس مال المساهمين/ المالكين هو أكثر أنواع التمويل طويل الأجل شيوعًا للشركات؛ وهو ذاك الذي يتم الحصول عليه من خلال توزيع حصص الملكية، بناءً على الأموال التي تم استثمارها في الشركة، أو ضخها فيها.
لكن ما يعنينا هنا أن رأس المال المساهمين؛ أي المال المتحصل عليه من خلال أشخاص مستثمرين في الشركة ويملكوا بعض الحصص فيها، هو المصدر الأكثر شيوعًا للتمويل طويل الأجل.
والواضح أن هذا التعريف الذي سقناه لتونا يركز على محور الوقت، وهو المحور الأساسي في التمويل طويل الأجل، ومن دونه سيكون هذا التمويل مثله مثل أي تمويل قصير الأجل. وفكرة مد أمد الاستحقاق هي العمدة في التعريف الذي نراه مناسبًا هنا.
اقرأ أيضًا: أنواع التمويل وأهمية تمويل الأسهم
كيفية الحصول عليه
مصادر التمويل طويل الأجل متنوعة في الواقع، لكن رغم ذلك قلما يتم اللجوء إلى الكثير منها، وسنحاول هنا الإشارة إلى أبرز المصادر التي يمكن الحصول على التمويل طويل الأجل من خلالها، وذلك على النحو التالي..
-
رأس مال المالكين/ المساهمين
كنا قد أشرنا إلى هذا المصدر في الكلام الآنف ذكره، لكننا نعيد لفت الأنظار إليه هنا؛ لأنه ينطوي على إجابة السؤال المتشكك الذي صدرنا به حديثنا.
فصحيح أن التمويل طويل الأجل مخالف لمنطق الاستثمار، ما الذي يدفعني إلى تمويل شركة بمبلغ معين من الأموال لن أحصل عليه إلا بعد ردح طويل من الزمن؟!
هذا التشكك يزول لو عرفت أن أغلب الممولين هم مستثمرون في الشركة من الأساس، ولهذا فإن تمويل المالكين هو المصدر الأكثر موثوقية للتمويل طويل الأجل.
وقد يأتي رأس مال المالكين في شكل استثمار بالأسهم، ومن ثم يُعرف باسم رأس مال المساهمين، ولهذا النوع من التمويل مزايا وعيوب لكن ليس هذا مجال بسطها.
-
تمويل الديون
ويعتبر تمويل الديون من ضمن مصادر التمويل طويل الأجل أيضًا؛ حيث يمكن للشركات الحصول على تمويل من خلال الاستدانة.
قد يأتي الدين في أشكال عديدة مثل: القروض من أحد البنوك، أو السندات الصادرة عن الشركات.
-
التمويل الهجين
يمكن للشركات أيضًا الحصول على التمويل طويل الأجل من خلال الأدوات المختلطة، والتي تتكون من ميزات كل من تمويل الديون وحقوق الملكية، بيد أن التمويل الهجين ليس شائعًا بين الشركات؛ لأنها تستخدمه كملاذ أخير عندما لا تتمكن من الحصول على أنواع أخرى من التمويل.
لكن القول الفصل هنا: إن التمويل الهجين خيار أخير صحيح، لكنه، من حيث النظرية، يجمع بين مزايا الأنواع المختلفة من التمويل، أو يُفترض هذا على الأقل.
اقرأ أيضًا:
الاستثمار الجريء في المملكة ومنظومة ريادة الأعمال
أنواع التمويل.. مزايا وعيوب التعامل مع المقرضين المباشرين
التمويل اللامركزي وتحويل الخدمات المالية للشركات الصغيرة