تنطوي ريادة الأعمال على جزء معين من المخاطرة، ورواد الأعمال المخضرمون يحفظون، وعن ظهر قلب، استراتيجيات مواجهة المخاطر وإن كانت هذه الاستراتيجيات مختلفة من شخص إلى آخر، كما أنهم، وهذا هو المهم في الواقع، يحاولون ليس مجرد اتقاء المخاطر أو تجنبها وإنما الاستفادة منها وتجنيدها لصالحهم.
نحن، إذًا، إزاء مستويين من استراتيجيات مواجهة المخاطر، يتعلق الأول _وهو الأدنى والأقل أهمية والمفترض أن جميع رواد الأعمال يعلمونه_ بمواجهة المخاطر ومحاولة التقليل من حدتها، أما المستوى الثاني فهو محاولة الاستفادة من المخاطر التي هي لا بد واقعة. ولو أجَلْنا النظر في المسألة هذه لأدركنا أن هناك رواد أعمال تمكنوا، وعن جدارة، من الاستفادة من أزمة كورونا الحالية، وتحويلها من محنة إلى منحة. ذاك هو جوهر ريادة الأعمال كما نفهمه.
ونستعرض فيما يلي أبرز استراتيجيات مواجهة المخاطر التي يتبعها طيف واسع من رواد الأعمال وذلك على النحو التالي.
اقرأ أيضًا: أمن المعلومات وتقييم المخاطر.. احذر قبل الوقوع في الفخ
حجم الخطر وقياسه
إننا نسعى إلى تجنب المخاطر وتقليل آثارها السلبية في مشروعنا، لكن أي خطر هو ذاك بالضبط؟ وما حجمه؟ وما مدى الخسائر التي يتوقع أن تنجم عنه؟ ذاك هو المستوى الأول من التعاطي مع المخاطر.
يدرك رواد الأعمال أن المخاطر مختلفة؛ فبعضها يحتاج إلى خطة عاجلة قصيرة الأمد، وعادة ما تكون المخاطر هنا قليلة الأثر، أما البعض الآخر فقد يكون أكثر ضراوة؛ إذ يتطلب التعامل معه خطة جذرية، وإجراء تحولات جوهرية في بنية العمل ذاته.
ويزداد عظم الخطر إذا زادت احتمالية آثاره، وبالتالي الخطة طويلة الأمد هي المطلوبة في مثل هذه الظروف.
وعادة ما تأتي استراتيجيات مواجهة المخاطر التي يتبناها رواد الأعمال مشفوعة بمحاولة جادة من أجل حماية رؤوس الأموال، وتوفير القدر اللازم من المال الذي يمكن وضعه تحت التصرف عند وقوع الخطر. المخاطرة قدر رواد الأعمال لكن التعامل معها، وقياسها، وتحديد نتائجها وتوقع آثارها واجبهم الذي لا يتعين عليهم أبدًا التخلف عن القيام به.
اقرأ أيضًا: كيف تتعافى المشاريع من الأزمات الكبيرة؟
التخطيط والتنبؤ
سوف تقع المخاطر لا محالة، لكنها حين تقع وأنت مستعد لها فسوف تكون آثارها أقل بقليل مما لو اصطدمت فجأة. عليك أن تخطط على نطاق واسع لكل شيء _إجراءات التسويق في ظل الأزمات، وخطة ما بعد النجاح وطرق التواصل مع العملاء_ فإذا تمكنت من التنبؤ بالمخاطر بطريقة جيدة فستحصل على فرصة لتقليلها.
من المؤكد أن أي خطة، مهما بلغت درجة كمالها، لن تستطيع إسقاط كل الوقائع/ العالم في فخ نسقها، فهناك دائمة مساحة للا متوقع والطارئ والخارج عن التحكم، لكن كلما كانت الخطة أكثر دقة قلت نسبة العناصر والمتغيرات التي لا تستطيع التحكم بها، تلك هي النقطة الأساسية في عملية التخطيط بشكل عام.
اجتياز الأفق المأزوم وصنع الفرص
واحدة من أهم استراتيجيات مواجهة المخاطر التي ينتهجها رواد الأعمال أنهم عادة ما يستبقون الواقع بخطوة، أي يستفرغون جهدهم في تقصي أسباب المشكلات، والتنبؤ حتى بتلك المشكلات التي لم تقع بعد؛ جزء جوهري من ريادة الأعمال هو اكتشاف المشكلة، خاصة إذا لم تكن ظاهرة آثارها أو لم تقع بعد.
وبما أنهم قادرون على القيام بمثل هذا الجهد فإنهم قادرون أيضًا على تخطي الآفاق المأزومة، والسعي نحو صنع فرصة جديدة. إنهم يقدمون، على سبيل المثال، منتجًا لحل مشكلة يعاني منها دون أن يدركوا ذلك، أو يطرحون خدمة قادرة على تسهيل حياة الناس، وفي هذا تظهر الآصرة الوطيدة التي تربط ريادة الأعمال بالمسؤولية الاجتماعية.
اقرأ أيضًا: إدارة المخاطر.. هل يمكن العبور بسلام؟
التأمين ضد المخاطر
هذه طريقة متبعة ومألوفة كذلك، وتنبع في الأساس من توقع الأسوأ والاستعداد له، وهي حل ناجع في الكثير من الأحيان، خاصة في مسألة تقليل آثار المخاطر إلى أقصى حد ممكن. لكنها طريقة لا تمكننا من الاستفادة من المخاطر أو تجنيدها لصالحنا.
خطة ما بعد النجاح
إن واحدة من أبرز استراتيجيات مواجهة المخاطر هو عدم التراخي في مواجهة الأخطار والتهديدات من جهة، وعدم الركون إلى النجاح أو الإنجاز الذي تم تحقيقه بالفعل من جهة أخرى. وبالتالي فإن رواد الأعمال المخضرمين هم أولئك الذين يقفزون دومًا إلى الأمام، فيحاولون التوسع، وفتح آفاق جديدة لمشروعاتهم.
فالنجاح والتفاؤل لا يدفعانهم إلى التوقف أو الكف عن العمل بجد، وإنما يقودانهم إلى العكس تمامًا. لكن السعي نحو التوسع يجب أن يكون مرتهنًا بخطط العمل المدروسة والمحكمة، لا يجب أن يكون المرء متهورًا، وإلا أتى التهور ذلك على المشروع من القواعد.
اقرأ أيضًا:
حماية المشروع.. كيف نستطيع الاستثمار في المخاطر؟
العمل الجاد وطرق التعامل مع المديرين