يأتي ما يقرب من نصف طلاب كلية “بابسون” في ولاية “ماساتشوستس” بالولايات المتحدة من خلفية الشركات العائلية، والعديد منهم يستعد للانضمام إلى مشاريع عائلاتهم في المستقبل، ووفقًا لتقرير ريادة الأعمال العائلية الصادر عن المرصد العالمي لريادة الأعمال GEM فإن نحو 75% من الشركات العائلية ما زالت جديدة، في حين أن حوالي 81% من الكيانات القائمة بالفعل هي شركات عائلية.
وهو ما يجعلنا نتساءل: كيف يمكن لقائد من الجيل الأصغر أن يدخل مثل هذه الشركات العائلية بنجاح؟
وعن هذا تؤكد “لوري يونيون”؛ المدير التنفيذي لشركة “نولسن” العائلية، والأستاذة بمعهد ريادة الأعمال العائلية IFE في كلية “بابسون”، مدى صعوبة دخول الجيل الأصغر إلى الشركات العائلية، وأشارت إلى نبذة من تاريخها المهني قائلة: “في سن السابعة والعشرين أصبحتُ الرئيس والمدير التنفيذي لشركة “يونيون كوريجيشين” العائلية واستطعتُ قيادتها من حافة الانهيار إلى قمة النجاح؛ ما جعلها في نهاية المطاف إحدى الشركات الرائدة في قطاع الصناعة”.
وكانت “يونيون” أجرت مقابلات مع نحو 20 خريجًا في كلية “بابسون” من الذين انضموا إلى شركات عائلية؛ كمحاولة للكشف عن نجاحاتهم والتحديات التي واجهوها؛ حيث قالت: “لقد وجدتها رائعة حقًا لأنها أظهرت نمطًا واضحًا حول ما يؤدي إلى النجاح”.
واستكملت “من المؤكد أن الأمر لا يعود إلى الجيل القادم لجعل الأمور تسير بشكل جيد، ولكن هناك خطوات محددة يمكن للجيل القادم ابتاعها لتحقيق هذا الهدف”.
وبالاعتماد على تجربتها الشخصية، بالإضافة إلى المقابلات البحثية، حددت “يونيون” خمس خطوات للجيل القادم للدخول في الشركات عائلية بنجاح تام.
1- كُن واعيًا بذاتك
إن مشاركة العائلة في الأعمال التجارية قد يعني الدخول إلى عالم مليء بالتوقعات، نظرًا لوجود وهيمنة الجيل الأكبر سنًا، وتؤكد “يونيون” أنه من الضروري تطوير رؤية واضحة لنفسك وأهدافك الشخصية، بالإضافة إلى المهارات اللازمة التي تمكنك من بلوغ النجاح قبل الانضمام إلى شركة عائلية.
وتشير “يونيون” إلى تجربة “فيليبي فالديراما”؛ الحاصل على ماجستير إدارة الأعمال عام 2019، الذي تمكن من إصلاح علاقته المتوترة سابقًا مع والده، وأطلق شركة ناشئة بدعم من هذا الأخير مرتبطة بأعمال عائلته في مجال التكنولوجيا المالية؛ وذلك بفضل برنامج “منتدى الأقران” التابع للمعهد الدولي للتغذية الذي ناقش خلاله تطلعاته والحوار الذي دار مع والده في إطار من التعاطف والتفاهم المشترك.
2- خذ رحلة للتقدير
قد يواجه جيل الشباب صراعات عند تقديمه أفكارًا جديدة للشركة العائلية، وعن هذا أشارت “يونيون” قائلة: “إن السبب في ذلك في بعض الحالات هو أنهم لم يقضوا الوقت الكافي لفهم تراث هذه الشركة وقيمها”.
وحول هذا السياق انضمت “سارة سويتليك بروكس”؛ البالغة من العمر 11 عامًا إلى شركة عائلتها من الجيل الرابع بعد أن عملت في أحد متاجر التجزئة الكبرى لعدة سنوات، وسرعان ما أدركت احتياج الشركة إلى توظيف قادة من خارج العائلة لتحقيق النمو، وبالفعل وافق والدها، الذي لم يعمل خارج شركة العائلة قط، على مُقترحها، إلا أن أسلوبه الصارم في الإدارة كان عائقًا كبيرًا، لا سيما في اجتماعات الشركة الذي كان يثبط فيها من عزيمة الموظفين.
ومع ذلك حاول “بروكس” الأب، ذو الأسلوب المحبط، اتباع نهج جديد وأصبح سلوكه أكثر مرونة عن الماضي، ومن خلال نشر ثقافة التفاهم والتعاطف طورت الابنة سياسة والدها، ومنذ ذلك الحين عملا معًا لتغيير ثقافة الشركة؛ من أجل دعم خطتها الاستراتيجية.
3- اشترك بطريقة استراتيجية
توفر السنوات الأولى لأفراد العائلة من الجيل التالي فرصة لتعلم جميع جوانب الشركة، وهو ما أوضحته “يونيون” حينما قالت: “قد يطرحون أسئلة أقل ذكاء، ومع ذلك يعملون على ترسيخ سمعتهم كقادة محترمين ومتعاونين”.
في سن مبكرة انضم “لاري” إلى شركته العائلية متعددة الأجيال كقائد مستقبلي مُعين بالشركة، ويتذكر قائلًا: “خلال الأشهر الستة الأولى جلستُ في مكتب والدي ولم أفعل شيئًا تقريبًا ثم أصبحتُ مهتمًا بالتسويق الذي أصبح محور اهتمامي الرئيسي”.
وأضاف: “والآن، بعد مرور 20 عامًا، يسعدني أن أعلن عن أن مبادراتي كانت ناجحة للغاية؛ ومع ذلك فإن فهمي للجانب التشغيلي للشركة لم يكن قويًا بما يكفي كما كنت أرغب، ولكن بما أنني كُنت مديرًا تنفيذيًا لفترة طويلة تابعتُ بشغف موظفي العمليات لدينا لأفهم هذا الجانب فحسب حتى علمت المهام التي يفعلونها هنا؛ لقد كانت وبحق فرصة ضائعة بالنسبة لي وللشركة”.
4- اختبر غرورك
العمل في شركة عائلية هو أكثر من مجرد أداء فردي؛ لأنه قد يُظهر المنافسات بين الأشقاء، ويكشف العلاقات المتوترة بين الآباء وأبنائهم دون غيرها من وسط الصراعات العائلية الأخرى، ولفتت “يونيون” إلى أن هذه العلاقات قد تتضخم عندما تتقاطع مع الحاجة إلى “أن تكون على حق” فيما يتعلق بقرارات العمل.
ونصحت قائلة: “أعد صياغة ما تريد أن تكون على صواب بشأنه بدلًا من أن تكون على صواب بشأن القرارات الفردية. كُن على صواب بشأن تعزيز العلاقات الأسرية طويلة الأمد، ومسار صنع القيمة الذي يلبي احتياجاتنا والأفراد والعائلة”.
بالنسبة لـ “نيك راجلاند”؛ الحاصل على ماجستير إدارة الأعمال، وشقيقه “بيت”، اللذين عملا رئيسين مشاركين لشركة عائلتهما “جوريلا جلو”، ويمتلكان مجموعة مختلفة من المهارات، فقد أدركا اختلافاتهما جيدًا وقدراها، ومن ثم ساهمت جهودهما المشتركة في النجاح الشامل للشركة، وهو ما أوضحه “نيك” عندما قال: “أنا وبيت لسنا أنانيين، وكُل ما أردناه فقط هو الأفضل لصالح العمل، ولا يهم من يتم تنفيذ أفكاره طالما أنها أفضل الأفكار”.
5- ضع بصمتك
واختتمت لوري يونيون حديثها عن الشركات العائلية قائلة: “بمجرد تحقيق العناصر الموضحة أعلاه ستكون في وضع جيد يسمح لك باقتراح تغييرات واتجاهات جديدة من شأنها أن تحدث فرقًا إيجابيًا في العمل، إن اتخاذ هذه الخطوة في وقت مبكر جدًا كان من الممكن أن يؤدي إلى إحباط أفكارك”.
وبعد العمل في شركة ناشئة مقرها مدينة “بوسطن” عرف “كونال أمالين”؛ خريج 2012، أنه يريد إنشاء شركة ناشئة داخل شركة عائلته “ماس هولدينجز”، أكبر شركة لتصنيع الملابس الداخلية في جنوب آسيا، لكنه كان يعلم أيضًا أنه بحاجة أولًا إلى فهم الأعمال الأساسية؛ فأمضى العامين الأولين في بناء الثقة، والعمل داخل مصنع في “إندونيسيا” للتعرف على العمليات الأساسية.
وفي نهاية المطاف نجحت استراتيجيته وأصبحت شركة “رانواي كيت” إحدى الشركات الناشئة الناجحة في مجال ريادة الأعمال الداخلية التي تقود الطريق للشركة العائلية الأم؛ لمعالجة صناعة الأزياء سريعة التغير.
بقلم / كارمن سوين
المقال الأصلي: هنا