يشهد سوق صفقات الاندماج والاستحواذ العالمية انتعاشًا غير مسبوق، حيث تخطت قيمة الصفقات المنفذة حاجز الـ 3.5 تريليون دولار أمريكي منذ بداية العام. هذا النمو الهائل يأتي مدفوعاً بنشاط مكثف ومشاركات رئيسية من الصناديق السيادية ذات السيولة الضخمة. خصوصاً تلك القادمة من منطقة الشرق الأوسط وآسيا. وقد أدت سلسلة من الصفقات الكبرى التي شاركت فيها هذه الصناديق إلى ضخ سيولة هائلة. ما يؤكد دورها المحوري الجديد في إعادة تشكيل خريطة الاستثمارات العالمية.
صفقات الاستحواذ
كما أعلنت شركتا “بلاكستون” (Blackstone Inc.) و”تي بي جي” (TPG Inc.) يوم الثلاثاء الماضي عن اتفاق للاستحواذ على شركة الأجهزة الطبية “هولوجيك” (Hologic Inc.) مقابل ما يصل إلى 18.3 مليار دولار شاملة الديون. بمشاركة “جهاز أبوظبي للاستثمار” وصندوق “جي آي سي” (GIC Pte) السيادي السنغافوري كمستثمرين أقلية.وفق ما أعلنته”بلومبيرج الشرق”.
وفي الأسبوع الماضي، تعاونت “بلاك روك” (BlackRock Inc.) مع شركة الذكاء الاصطناعي “إم جي إكس” (MGX) التابعة لـ”مبادلة للاستثمار”. في صفقة بقيمة 40 مليار دولار للاستحواذ على “ألايند داتا سنترز” (Aligned Data Centers). وقبلها بأسبوع، دخلت مجموعة “كارلايل” (Carlyle Group Inc.) في شراكة مع “جهاز قطر للاستثمار” لشراء وحدة الطلاءات التابعة لشركة “باسف” (BASF SE) في صفقة قدّرت قيمة الوحدة بـ7.7 مليار يورو (8.9 مليار دولار).
صندوق الاستثمارات العامة
وفي سبتمبر الماضي، وافق “صندوق الاستثمارات العامة” السعودي، الذي يرأس ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مجلس إدارته، على شراء شركة ألعاب الفيديو “إلكترونيك آرتس” (Electronic Arts Inc.) وتحويلها إلى شركة خاصة، في صفقة استحواذ بالرافعة المالية بلغت قيمتها 55 مليار دولار، وهي الأكبر من نوعها في التاريخ.
كما تعمل الصناديق السيادية على توسيع فرقها الاستثمارية الداخلية بهدف تنفيذ مزيد من الاستثمارات المباشرة. ما يتيح لها تحقيق أرباح من دون دفع رسوم لبنوك وول ستريت. كما تعد من أبرز الداعمين لصناديق الملكية الخاصة، وقد نجحت في الحصول على امتيازات تسمح لها بالمشاركة المباشرة في الصفقات إلى جانب تلك الصناديق، مقابل التمويل الذي توفره.
استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا
كما شهد قطاع التكنولوجيا على وجه الخصوص نشاطًا متزايدًا لهذه الصناديق، إذ دعم “جهاز أبوظبي للاستثمار” في أغسطس الماضي. صفقة استحواذ شركة “ثوما برافو” (Thoma Bravo) على مزود برمجيات الموارد البشرية “دايفورس” (Dayforce Inc.) بقيمة تقارب 12 مليار دولار.
واستثمرت شركة “إم جي إكس” المدعومة من حكومة أبوظبي، ويشرف عليها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان. في شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI) وفق تقييم بلغ 500 مليار دولار. كما دعمت مشروع الذكاء الاصطناعي “xAI” الذي أسسه إيلون ماسك، وتخطط للمساهمة في مشروع “ستارغيت” الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
في المقابل، ضخ كل من “جي آي سي” السنغافوري و”جهاز قطر للاستثمار” أموالًا في شركة الذكاء الاصطناعي المنافسة “أنثروبيك” (Anthropic).
وبحسب بيانات جمعتها “بلومبرغ”، ارتفع حجم صفقات الاندماج والاستحواذ بنسبة 34% هذا العام ليصل إلى 3.5 تريليون دولار. ما يضع عام 2025 على المسار ليكون الأفضل منذ 2021. مع تسجيل أكثر من 1.3 تريليون دولار من الصفقات في الربع الثالث وحده، مدفوعة بعدد من الصفقات الضخمة.
وول ستريت تتوقع استمرار موجة الصفقات
كما يتوقع كبار المصرفيين في بنوك الاستثمار استمرار موجة الاستحواذات في الفترة المقبلة. إذ رجح “غولدمان ساكس” تسارع نشاط الصفقات بنهاية العام، مع احتمال أن يشهد عام 2026 رقماً قياسياً جديداً في سوق الاندماج والاستحواذ.
كما تواصل الصناديق السيادية البحث عن فرص جديدة، إذ تدرس ذراع إدارة الأصول التابعة لـ”مبادلة” الاستحواذ على شركة الإعلانات الخارجية “كلير تشانل أوتدوور هولدنغز” (Clear Channel Outdoor Holdings Inc.). التي تبلغ قيمتها السوقية نحو 930 مليون دولار، وذلك وفقًا لما أوردته “بلومبرغ نيوز” الأسبوع الماضي.
كما تتوسع استثمارات تلك الصناديق خارج نطاق الاستحواذات المباشرة، إذ شارك “جهاز قطر للاستثمار” في جولة تمويل بأكثر من ملياري دولار لصالح الشركة الجديدة التي أسسها وكيل هوليوود الشهير آري إيمانويل، إلى جانب مستثمرين آخرين مثل “أبولو غلوبال مانجمنت” و”آريس مانجمنت”.