ربما توغلت التقنيات الحديثة إلى داخل الحياة دون هوادة، الأمر الذي يؤثر في الفرد بطريقة ما دون أن يشعر، حتى باتت تفهمه، وتتفهم احتياجاته بشكل كبير. وأصبح الهاتف الذكي بمثابة الصديق الفعلي له، فضلاً عن ارتباط العقول بهذه الأجهزة، وعوالمها الافتراضية؛ ما يسبب، في الكثير من الحالات، الإصابة بما يُسمى “متلازمة الاهتزاز الكاذب”.
أكدت الإحصاءات العالمية أن 44% من الشباب يتفقدون هواتفهم بمجرد استيقاظهم من النوم، و67% يتفقدون هواتفهم كل 15 دقيقة، كما أن 50% منهم يشعرون بالقلق إذا لم يتفقدوا هواتفهم، إلا أن المثير في الأمر عندما يصل الهوس بالهواتف الذكية إلى ما يقرب من 68%؛ وهم الذين يتوهمون أن هواتفهم تصدر رنينًا وهي داخل جيوبهم، بما يُعرف بـ “متلازمة الاهتزاز الكاذب” Phantom vibration syndrome.
أسباب متلازمة الاهتزاز الكاذب
تعود متلازمة الاهتزاز الكاذب إلى ارتباط العقل بالأجهزة بشكل وطيد، علمًا بأن عالم الأعمال لا يتخلّى عن أدوات الاتصال، مثل: الهاتف، ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
ربما تكون تعرضت لما يُسمى بتوهُم اهتزاز الهاتف المحمول، أو تخيلت سماع رنينه، منذرًا بوصول رسالة نصية أو مكالمة هاتفية، وعند التحقٌق من الأمر تجده ساكنًا تمامًا بلا صوت أو اهتزاز. وتُرجّح بعض الإحصائيات أن الأشخاص الأكثر عرضة لتكرار هذا الأمر هم الأكثر ارتباطًا بهواتفهم المحمولة، والمنفتحون اجتماعيًا، والذي ينضم إليهم “رواد الأعمال” بلا شك؛ حيث تُمثل الهواتف والرسائل النصية بالنسبة لهم منفذًا رئيسًا للتفاعل الاجتماعي.
وهناك وعي عالمي متزايد بأن وسواس الرنين قد يؤدي إلى آثار صحية سلبية فورية أو على الأمد الطويل، بما فيها الصداع، الإجهاد، واضطرابات النوم. كما يصل الأمر أحيانًا إلى الخلط الخطأ بين التشنجات العضلية الصغيرة، والرسائل النصية الواردة.
سلوك قهري
تعود العديد من الآراء المفسرة لأسباب المعاناة من متلازمة الاهتزاز الكاذب إلى الارتباط المتزايد بالهواتف؛ لدرجة تقرّب البعض من مرحلة السلوك القهري، كما تعتبر الظاهرة شائعة بين الناس الذين أدمنوا استخدام الهاتف؛ ما ترتب عليه إدراجه ضمن وظائف الدماغ الأساسية.
يخضع دماغ الإنسان لنظام الإدراك الحسي، والذي يعد مثل جهاز الإنذار من الحرائق، أو حتى زهرة النرجس التي تستشعر بداية فصل الربيع. وهنا؛ فإن الدماغ يعطي قرارات إدراكية للإنسان تحدد إذا كان الهاتف يصدر رنينًا أم لا، ويُسمى هذا الأمر “نظرية كشف الإشارة”.
ويتم استخدام هذه النظرية؛ لتفسير كيفية اتخاذ العقل لقراراته الإدراكية، كما تعد وسيلة لقياس القدرة على التمييز بين أنماط المعلومات المختلفة. وبتطبيق هذه النظرية على اهتزاز الهاتف، يتبيّن أن الظاهرة شائعة بالفعل.
إن نظرية الكشف عن الإشارة تشير إلى تغيير معدل عدم التطابق بين الواقع والوهم، وتغيير درجة الحساسية للشيء المطلوب اكتشافه، وبذلك ففي حالة عدم وجود أي رنين أو اهتزاز حقيقي، يعتبر إنذارًا كاذبًا أو خاطئًا، ويمكن اعتبار الأمر أن الدماغ يصدر أحكامًا تختلف مع تفاوت صعوبة الظروف المحيطة.
وبافتراض أن معظم الناس لا يحبون أن يفوتهم التنبيه بمكالمة واردة؛ فإن أنظمة الإدراك الحسي لديهم ضبطت تحيزهم بالفعل، وقالت كلمة الفصل، ليصبح من غير المحتمل أن يفقدوا تنبيهات حقيقية، مع القبول بكلفة لا مفر منها، وهي التعرض للشعور باهتزازات وهمية.
أنظمة العلاج
تقترب المعالجات الخاصة بمتلازمة الاهتزاز الوهمية، إلى حد كبير مع تقنيات العلاج المعرفي للسلوك؛ حيث يتمثّل الأمر في محاولة تغيير أنماط سلوك المتعايشين مع هذه المتلازمة.
ويجب تغيير أسلوب الحياة، والتعامُل مع الهواتف الذكية، أو التقنيات الحديثة، ويمكن أيضًا اللجوء إلى إيقاف الاهتزازات في الهاتف؛ حتى لا يصدر رنينًا عند تلقي المكالمات.
اقرأ أيضًا:
إنترنت الأشياء.. طريقة جديدة لحياة أسهل